هذا ما قلته للمعشر حول ضريبة الدخل
جهينة نيوز -بقلم: د. رلى الحروب
في اللقاء التشاوري حول مشروع #قانون_ضريبة_الدخل الذي جمع نائب رئيس الوزراء الدكتور رجائي المعشر بالأمناء العامين للأحزاب قبل شهر، قلت ما يلي: أولا: نحن في حزب أردن أٌقوى لا نتفق مع وجهة نظر الحكومة بالبدء بقانون ضريبة الدخل كمدخل لبناء نهج اقتصادي جديد، ونعتقد أن المدخل المناسب هو وضع كل القوانين ذات الصلة على الطاولة معا ( ضريبة المبيعات، الجمارك، ضريبة الدخل)، وإجراء دراسات علمية جادة حول العبء الضريبي والجمركي على المواطن، وعمل دراسة أثر للتعديلات التي تفكر في إجرائها الحكومة قبل صياغة القانون وإرساله إلى مجلس الأمة، وهذا يتطلب وقتا لا يقل عن ستة أشهر، وبالتالي نتمنى أن لا يرسل القانون إلى دورة استثنائية لأن هذا يعني نسف كل وعود الحكومة، وإدارة الظهر للتوجيهات الملكية الواضحة بتخفيف العبء الضريبي على المواطنين في خطاب التكليف. ولذلك، وكي لا نعود إلى تغيير قوانين الضريبة بعد سنة أو اثنتين نطالب باستراتيجية علمية مدروسة مبنية على دراسات علمية حقيقية. وعليه، يترتب على الحكومة إرسال كل هذه المنظومة التشريعية لمجلس الأمة لتصويب الأخطاء فيها مجتمعة، وإعادة السلطة لمجلس الأمة في تعديل جداول ضريبة المبيعات العامة والخاصة وجداول الرسوم الجمركية، والتي كان المجلس الثاني عشر قد تخلى عنها حين منح هذه الصلاحية لمجلس الوزراء، وذلك عملا بأحكام المادة 111 من الدستور ( لا تفرض ضريبة ولا رسم إلا بقانون). ثانيا: ليس بالضرورة ان زيادة الضرائب على المواطنين والقطاعات الاقتصادية تعني زيادة ايرادات الخزينة، وهو ما اعترف به وزير المالية حين قال "إن الايرادات جاءت أقل من المقدر لان معدل النمو جاء أقل من المقدر"، ولكنه لم يكمل لماذا جاء أقل من المقدر، وبالتالي سأكمل أنا: جاء النمو أقل من المقدر بسبب زيادة الضرائب والرسوم الجمركية وهو ما أضعف الاقتصاد الكلي، وتكبير المقام الذي تحدث عنه وزير المالية لخفض نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي يعتمد على خفض الضرائب وليس رفعها، لأن خفض الضرائب يساعد في تحقيق إنجازات مثل : - تقليل التهرب الضريبي - توفير سيولة نقدية في الاسواق ولدى المستهلكين تحرك عملية الانتاج وحركة التجارة والخدمات وتحفز آليات العرض والطلب - التوسع في الاعمال - التوسع في التشغيل وخفض نسبة البطالة - تنمية الصادرات وتعديل كفة الميزان التجاري المائلة حاليا لصالح الواردات - توفير عملة صعبة ثالثا: نرفض التذبذب في التشريعات، بالاخص الاقتصادية منها، فلا يعقل أبدا أن يعدل قانون الضريبة ثلاث مرات في عشر سنوات، وأن تعدل النسب الضريبية في جداول قانون ضريبة المبيعات والرسوم الجمركية في قانون الجمارك أكثر من عشر مرات في عشر سنوات!! هذا يعني انه لا توجد رؤية اقتصادية وهذا "تطفيش" للاستثمار الذي يبحث عن بيئة آمنة مستقرة تشريعيا. رابعا : العبث بالمنظومة الضريبية لصالح زيادة العبء الضريبي على المكلفين هو انتحار سياسي واقتصادي، فالاقتصاد اليوم في غرفة الانعاش بالنسبة للكثير من الشرائح بالاخص الصناعة والزراعة، وسينتقل قريبا الى الثلاجة إن أصرت الحكومة على رفع الضرائب ، خاصة مع سياسات البنك المركزي التي تواصل رفع سعر الفائدة على الاقتراض كل بضعة شهور! نصيحتي للحكومة: القاء المشروع السابق لقانون ضريبة الدخل في سلة المهملات، وعدم استحضار أي نص منه، فالصياغة رديئة، والعقلية التي كتبته لا تريد خيرا للاردن، والنصوص تنتهك قواعد دستورية و قانونية ومحاسبية مستقرة مثل: 1. قاعدة تناسب الجرم والعقوبة : الغرامات المالية جنونية تصل إلى دفع ضعف قيمة المبلغ المستحق، وعقوبة السجن توازي عقوبة بعض درجات القتل، وهذا غير معقول، ولن يقدم عاقل على الاستثمار في الاردن في ظل هذه العقوبات المبالغ بها. 2. قاعدة سنوية الضريبية: ينتهكها المشروع ويطالب المكلفين من الشركات المساهمة العامة بدفع ضريبة كل 3 شهور. هذا غير معقول! 3. قاعدة المواءمة واستقرار التشريع ! 4. قاعدة الاستصحاب : لا يجوز اسباغ التقدير على السنة السابقة بالمطلب، ولكن لا يجوز اغفال التواريخ السالبة للمكلف ايضا 5. مبدأ سيادة القضاء النظامي على كل المنازعات: وهو مبدأ دستوري نصت عليه المادة 102 من الدستور، ودائرة التحقيقات المالية التي استحدثها مشروع القانون والتي ترتبط بالوزير تنتهك صلاحيات القضاء، وهي اعتداء على دوره الدستوري، ومنح أحكامها وأحكام دائرة ضريبة الدخل غير القضائية قوة أحكام القضاء هو مخالفة دستورية واضحة وتعد على سلطة القضاء. 6. مبدأ الفصل بين السلطات: وهو مبدأ دستوري نصت عليه المواد 24-27 من الدستور، ومنح الوزير صلاحية التنسيب لمجلس الوزراء لتقرير ما هي الجريمة المالية هو اعتداء على دور مجلس الامة الدستوري، فالسلطة التنفيذية بوزرائها ورئيسهم ليست مشرعا لتحل محل مجلس الأمة في تحديد الجريمة التي تستحق العقوبة، خاصة مع وجود القاعدة القانونية " لا جريمة ولاعقوبة إلا بنص"، وهذا النص يجب أن يصدر عن سلطة التشريع وليس سلطة التنفيذ!! 7. قاعدة الخصوصية وسرية البيانات المالية: اعطاء صلاحية طلب المعلومات من أي جهة في القطاعين العام والخاص، بما في ذلك الربط الالكتروني مع تلك الجهات وعلى قواعد بياناتها لدائرة التحقيقات المالية المستحدثة والتابعة للسلطة التنفيذية هو انتهاك فاضح للخصوصية وسرية المعلومات ويعرض أمن معلومات الشركات للخطر، ويهدد قدرتها على المنافسة ويخضعها للابتزاز ويحرض الموظفين على تلقي الرشاوى واستثمار الوظيفة! 8. وحدة التشريع: الطلب من كل من بلغ 18 سنة استصدار رقم ضريبي بغض النظر عما اذا كان مكلفا ام لا (اي عنده مصدر دخل خاضع للضريبة) هو تضارب مع المادة 2 في القانون ذاته ( تعريف المكلف ). كما لا يجوز احالة التفاصيل التي تحدد العقوبات والغرامات وما سيترتب على هذا الرقم الضريبي من تبعات إلى نظام تصدره السلطة التنفيذية، فهذا مساس بمراكز قانونية، وليس من صلاحية مجلس الوزراء ، بل هو اختصاص صريح لمجلس الامة الذي يمثل سلطة التشريع، أي أنه خرق دستوري آخر لمبدأ الفصل بين السلطات! 9. المبادئ العامة في مفهوم ضريبة الدخل: فضريبة الدخل عالميا لا تؤخذ من إجمالي المبيعات، وانما من الدخل اي صافي الربح ، ولا توجد دولة تفرض ضريبة على إجمالي الايرادات أو المبيعات، فمفهوم ضريبة الدخل يترتب على خصم النفقات من الايرادات لاستخلاص الدخل الخاضع للضريبة! وخرق هذا المبدأ هو هدم لمفهوم ضريبة الدخل من أساسه!! 10. قاعدة وحدة الضريبة وعدم جواز ازدواجيتها سواء على المصدر أو الفرد: وهو ما ينص عليه مشروع القانون الذي يستوفي الضريبة ثلاث مرات من نفس المصدر في حالة الشركات المساهمة العامة، ومرتين من نفس الفرد في حالة المغتربين الأردنيين. هذا علاوة على أن المشروع بحاجة إلى ضبط التعريفات القانونية لأن مفهوم التهرب الضريبي غير مضبوط بموجب أحكام المادة 2 التي خلت من تعريف التهرب، ومن السهل الخلط بين إساءة التقدير الضريبي أو عدم تقديم بيانات كافية أو التخلف عن تقديم الإقرار الضريبي في موعده والتهرب، وبالتالي إيقاع العقوبات القاسية الواردة في المشروع على حسني النوايا، وهذا خلط لا يجوز!! وأخيرا، وفي حال إصرار الحكومة على إرسال مشروع قانون ضريبة الدخل الجديد إلى مجلس الأمة، فإننا نطالب بأن يحدث ذلك في دورة عادية للمجلس ليأخذ وقته في النقاش، ونطالب بإطلاع المجلس والشعب على نتائج دراسة الأثر التي طالبنا بها، كما نطالب بتخفيض ضريبة المبيعات على كل السلع والخدمات الى 6% وتخفيض الضريبة على المحروقات والاتصالات لتعود إلى ما كانت عليه سنة 2012، قبل الاقدام على أي تعديلات تطال نسب ضريبة الدخل، ونحذر من مواصلة العبث بتعرفة الكهرباء وفرض بند فرق أسعار الوقود على الفاتورة، لأن شركة الكهرباء الوطنية تربح في سعر البيع منذ عام 2016، وتوليد الكهرباء لدينا لم يعد مرتبطا بالوقود الثقيل ولا بأسعار النفط الخام لأننا نولد أكثر من 93% من كهربائنا من الغاز الطبيعي، ولا يجوز استغفال المواطنين وتحميلهم كلف سداد المديونية السابقة لشركة الكهرباء الوطنية والتي نجمت أصلا عن سوء إدارة الحكومات لملف الطاقة!! كما نريد تعهدا من الحكومة - علما بان لا قيمة دستورية له، ولكن من باب الطمأنة الإعلامية للمستثمرين فقط- بعدم تعديل قوانين الضرائب وجداولها لمدة عشر سنوات على الاقل علما بأن بعض الصناعات تبنى دراسات الجدوى الخاصة بها على أساس 15 سنة وليس 10 سنوات !!//