banner
كتّاب جهينة
banner

جدية الرد الأردني على التهجير

{clean_title}
جهينة نيوز -

حاتم النعيمات

خلال إجابته على سؤال عن ماهية ردِّ الأردن على تهجير الفلسطينيين إلى الأردن، قال وزير الخارجية أيمن الصفدي إنَّ التهجير يُعتبر بمثابة إعلان حرب على الأردن. لفظة "الحرب” لا تصدر بسهولة من قِبَل الدبلوماسية الأردنية المعروفة باتزانها، لذلك فاستخدام هذه اللفظة ليس شكلًا من أشكال المناورة السياسية.

موقع "ميدل إيست آي" نقل عن مصادر محلية أن هذا الخيار ما زال مطروحًا على الطاولة الأردنية في حال فكَّرت إسرائيل أن تجبر الفلسطينيين على النزوح إلى الأردن سواء من الضفة أو من غزة. ونقل الموقع عن المصدر أن تدرُّج الرد الأردني قد يبدأ من تعليق/إلغاء معاهدة السلام إلى إغلاق الحدود وصولًا إلى المواجهة المباشرة.

الجيد في المشهد كله أن نتنياهو ذاته يُدرك تفاصيل المنطقة وعواقب تطور الأمور مع الأردن أكثر من ترامب نفسه، لذلك أُرسلت هذه الرسالة الحادة مجددًا من قبل الأردن خلال زيارته لواشنطن ليفهم أن الدعم الأمريكي المطلق لن يغير الموقف الأردني. ظهر ذلك الفرق في الفهم بين ترامب ونتنياهو من خلال رده المتلعثم على سؤال صحفي خلال مؤتمر مع الرئيس الأمريكي حول شرعية الخطة الأمريكية لاحتلال غزة، حيث قدَّم نتنياهو إجابة لا علاقة لها بالسؤال على الإطلاق، وهذا مؤشر على أنه متأخر جدًا عن اندفاع الإدارة الأمريكية المبالغ به.

الإسرائيليون يعلمون أن الأردن رقمٌ صعب إذا فُرضت المواجهة عليه، فتاريخ المعارك والمواجهات حاضر أمام أعين المؤسسة العسكرية الإسرائيلية بالدرجة الأولى. كما يدرك الإسرائيلي أن الأردن عرَّف التهجير على أنه تهديد وجودي لا يملك أمامه سوى استخدام أقصى ما لديه من قوة.

إجبار الأردن على قبول التهجير يعني أن على إسرائيل اختراق عدة طبقات سميكة في كيان الدولة الأردنية:
الطبقة الأولى تتمثل بالجيش والأجهزة الأمنية، وهي طبقة تملك من التاريخ والخبرة والحرفية بما يكفي للدفاع عن الأردن، الطبقة الثانية وهي العشائر الأردنية، التي لن تسمح، تحت أي ظرف من الظروف، بأن تُسرق منهم بلادهم وهويتهم وتضحياتهم بسهولة، أما الطبقة الثالثة فهي الفوضى (لا سمح الله)، والتي تعني أن يتحول الأردن، صاحب أطول خط مواجهة مع إسرائيل، إلى ساحة جاذبة للعمليات ضد إسرائيل من كل حدب ٍ وصوب. اسرائيل تدرك أن ذلك سيؤدي إلى استنزاف مكلف زمنيًا وجغرافيًا.

في المسار السياسي، يسعى الإسرائيليون جاهدين إلى أن يتم قبولهم كدولة طبيعية في المنطقة من خلال السعي إلى عقد اتفاقيات التطبيع مع أكبر عدد ممكن من الدول العربية. وفي هذا السياق، علينا أن ندرك أن السلام يختلف كليًا عن التطبيع؛ فالسلام الأردني مع إسرائيل هو توقُّف طويل للحرب وليس تطبيعًا بالمعنى الذي يتخيله البعض، فالتطبيع لا يُشترط أن يكون بعد حرب، بالتالي، فإن الأصل في علاقتنا مع إسرائيل هو العداء وليس السلام.

صحيح أن كل ما يُقال في هذا الصدد من قِبَل الإدارة الأمريكية لا يمكن فصله عن سياسة الابتزاز الجديدة، وأن ما نسمعه حتى الآن لم يتجاوز الحدَّ النظري، وأن الإدارة الأمريكية الجديدة اشتبكت مع معظم الدول والتكتلات في العالم، واصطدمت أيضًا مع مؤسسات عميقة داخل الدولة الأمريكية، بالتالي، وبعد جمع كل هذه العوامل نستنتج أن هناك صراعًا قد بدأ ولم ينتهِ بين القوى الراسخة في العالم وبين ما يريده ترامب. بالمناسبة، فالترجيحات تقول إن ترامب سيتراجع عن جزء كبير من طموحاته، ولكن بعد تفاوض، كما حدث مع كندا والمكسيك.

المعادلة شديدة التعقيد، والإسرائيلي واعٍ بذلك. لذلك، يجب علينا في الأردن التخلي عن خطاب الإحباط الذي يروّجه البعض، وبدلًا من ذلك، رفع صوتنا كشعب ليصل إلى من يهمه الأمر، والتأكيد علنًا على أننا نقف بكل قوة خلف الملك والدولة ومؤسساتها، دون تردد أو تراجع.
تابعو جهينة نيوز على google news
 
Email : info [at] johinanews.com
 
تصميم و تطوير