2025-03-12 - الأربعاء
banner
كتّاب جهينة
banner

مؤيدو الأسد في الأردن: اضطراب ما بعد صدمة السقوط

{clean_title}
جهينة نيوز -

أحمد الضرابعة

يبذل أنصار نظام الأسد البائد، في الأردن، جهودًا كبيرة، لإقناع السوريين ومن يقف معهم، أنهم شركاء في مؤامرة ضد أنفسهم وجيرانهم، وأنهم ارتكبوا خطأً استراتيجيًا عندما أنهوا حقبة البعث الدموية، ولكنهم كمن أرادوا حراثة البحر. ضمن دعايتهم السياسية لإبراز عيوب سورية الجديدة، يطرحون، أسئلة تتعلق بشرعية الإدارة الانتقالية، ومدى أخلاقيتها في استعمال السلطة ومعاملة السوريين، بعد أن تغاضوا عنها طوال خمسة عقود بدأت بانقلاب عسكري، وانتهت بثورة، كنتيجة حتمية لما تخلَّل الحدثين من سياسات رسمية، لا إنسانية، بلغت ذروتها في العقد الماضي.

في تتبع الخطاب السياسي لموالي الأسد في الأردن بعد إسقاطه، يمكن بسهولة، ملاحظة تعمّدهم فصل التحديات التي تواجه الإدارة الانتقالية عن سياقها التاريخي، كونه يجيب بوضوح عن أسباب نشأتها، والتي يتحمل جزء كبير من مسؤوليتها نظام الأسد، وبالتالي، فإنهم يمارسون التضليل، وهي أدوات رديئة لا تنجح في تقديم سردية مقنعة ومتماسكة. ومن الأمثلة على تهالك خطابهم السياسي وتناقضه، أنهم يُصدّرون مقولة انكشاف الأمن القومي العربي بسبب سقوط نظام الأسد، في الوقت الذي تسبب فيه هذا الأخير بتحويل بلاده إلى موطئ قدم لروسيا، وساحة نفوذ لإيران، ومسرح عسكري لإسرائيل، وحديقة خلفية لتركيا.

لا يقتصر الأمر على ذلك، فثمة ما هو مسكوت عنه لديهم، وهو الانقلاب الأخير الذي أجراه بشار الأسد على مبادئ الصمود والتحدي والمقاومة التي زعم تمسكه بها للانتصار على ما سماه المؤامرة على سورية، وهو موقف يستدعي من كل أنصاره، أن يعملوا على مراجعة قناعاتهم السياسية، بعد انكشاف زيف ما آمنوا به، وناضلوا من أجله!

من المثير للسخرية، أن لدى هؤلاء، قائمة خاصة بأسماء الدول الداعمة للإرهاب والتكفيريين على حد وصفهم، ولم يترددوا بالتلميح إلى أنها تضم اسم بلادهم. الأردن، بعد إعلانها احترام إرادة السوريين وخياراتهم، وانفتاحها على الواقع السوري الجديد، وهو ما يعكس تناقضًا في مواقفهم؛ فبعد أن أيدوا النظام السوري رغم جرائمه بحق شعبه، وانتهاكاته الصارخة لحقوق الإنسان، أصبحوا يتهمون الدول التي تدعم التغيير والإصلاح في سورية بدعم الإرهاب، ويعملون على تشويه صورتها.

من البديهي، بالنسبة لهؤلاء، ألا يكون للمصالح الوطنية الأردنية أي قيمة في حساباتهم السياسية؛ فولائهم للمشاريع البائدة، وعجزهم التام عن مواكبة الأحداث الإقليمية، جعل اشتغالهم في السياسة سطحيًا، فجُل أدبياتهم التي يستخدمونها لمواجهة خصومهم من نواحي السياسة والثقافة والإعلام، لا تتجاوز الشتائم والسخرية والاتهامات، والبكاء على الأطلال السياسية.

ما تزال بضاعة الكلام عن القومية العربية والقضية الفلسطينية، تُدر الشعبية في جيوب المُتاجرين بها، حتى وإن انتهت صلاحيتها، وقُتل أو هَرب مُروّجوها الذين خسروا شرعياتهم الوطنية، فحاولوا تعويضها برفع شعارات قديمة لا تحقق شيئًا من تطلعات الشعوب نحو الحرية والديمقراطية، ولذا ليس مفاجئًا إذا رأينا صور الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد، تُوضع على نوافذ المركبات الأردنية التي يقودها أنصاره الذين غسلت الدعاية الأيديولوجية القومية عقولهم. ويبدو أن سقوط الأسد، كان أسرع من قدرته على إشباع رغبات مؤيديه المجردة من الحس الإنساني، والمغلفة بقشور القومية، وصد المؤامرات، وفلسطين، وغير ذلك من المُستهلكات الدعائية، وربما لهم العُذر؛ فصدمة السقوط، تتطلب وقتًا طويلًا لاستيعابها، يُصبحون ويُمسون على تبجيله!
تابعو جهينة نيوز على google news
 
Email : info [at] johinanews.com
 
تصميم و تطوير