كورونا و التعليم عن بعد
جهينة نيوز -
د. سمر الشديفات
أزمة كورونا باتت صفعة على وجه الواقع بجميع حيثياته مما أثر على جميع القطاعات عالمياً. ومن أهم القطاعات التي سأفرد الحديث عنها قطاع التعليم الذي يعتبر الأساس في نهوض الدول قاطبةً. الأصل في أي مؤسسة أن يكون لديها خطة بديلة في حال حدوث أي طارئ قد يعيق العمل فيها, ومن المؤسف أن معظم المؤسسات لم تدرك ذلك إطلاقا الا بعد إجتياح أزمة كورونا التي كشفت عن مواطن الضعف في المؤسسات التي لم تضع في حسبانها أحد مكونات التخطيط الإستراتيجي ألا وهو إدارة الأزمات والتحليل الرباعي. وجاءت أزمة كورونا لتكشف عن الفجوات والثغرات لمخططات بعض المؤسسات التي تعتبر عصب الحياة في الدولة وخصوصا مؤسسات التعليمية بشقيها التعليم الجامعي والمدرسي.
أزمة كورونا بالنسبة لوزارة التربية والتعليم ووزراة التعليم العالي درساً لا ينسى دفع ثمنه الطلبة, جلالة سيدنا دائما ينادي بالتخطيط الإستراتيجي, ونحن نعرف أن من أهم الأمور التي يجب مراعاتها في التخطيط الإستراتيجي هو وضع خطط بديلة لجميع التهديدات الخارجية الممكنة. من المحتمل أنه لم يخطر في بال أي المؤسسات التعليمية ما نمر به حالياً, فأصبح من الضرورة القصوى أن يؤخذ بعين الإعتبار التعليم عن بعد كحل بديل لأي طارئ يمكن حدوثه.
رغم أن التعليم عن بعد بدأ في أواخر السبعينات والذي كانت من خلال إرسال مواد تعليم مختلفة من خلال البريد للطالب. ثم تطور الأمر في أواخر الثمانينات ليتم من خلال قنوات الكابل والقنوات التليفزيونية. ونحن حالياً في الأردن نعيش فترة الثمانينات في تطبيق التعليم عن بعد, أهذا يُعقل !!!!!!!!!!!. وهذه النقطة تستحق تسليط الأضواء عليها.
مع أنه في أواخر التسعينات وأوائل القرن الحالي ظهرت العديد من المواقع التي تقدم خدمة متكاملة للتعليم عن طريق الشبكة العنكبوتية، وهي الخدمة التي شملت المحتوى للتعليم الذاتي بالإضافة لإمكانيات التواصل والتشارك مع زملاء الدراسة من خلال ذات الموقع. وحديثا ظهرت الفصول التفاعلية التي تسمح للمعلم أو المحاضر أن يلقي دروسه مباشرة على الطلاب في جميع أنحاء المعمورة دون التقيد بالمكان بل وتطورت هذه الأدوات لتسمح بمشاركة الطلاب بالحوار والمداخلة, ونحن حالياً في قرن الحادي والعشروين, أين نحن من هذا!!!!!!
لا أنكر أن المحاولات التي يقوم بها المعلمين وأساتذة الجامعات في التواصل مع الطلبة حل مؤقت لكنه حل منقوص, ماذا لو كان مبني على دراسة وتخطيط من قبل؟ ماذا لو تم الإعداد للتعليم عن بعد من قبل؟. نحن لم نفكر يوماً بأهمية التعليم عن بعد حتى أننا لم نلتفت لدوره الأساسي وخصوصا في الأزمات. من الجدير بالذكر انه هناك مؤسسات في الأردن عملت بجد للتأسيس لهذا النوع من التعليم لإعانة الطلبة الذين تمنعهم الظروف للقدوم لمقر التعليم ومن هذه المؤسسات الرائدة أكاديمية الرواد للتدريب في عمان, تجربتي خلال إعطاء إحدى المحاضرات عبر منصتهم التعليمية مؤخراً جعلتني التفت لأهمية وجود التعليم عن بعد في مؤسساتنا والإستعداد له في كل وقت حتى في حالة الظروف الجوية الطارئة. أدركت أهميته لجميع الشرائح ان كانت للطلبة الجامعيين أو لطلبة المدارس. لفت إنتباهي ردة فعل الطلبة الذين اختصروا كلماتهم بعد إعطاء أول محاضرة عبر منصة الأكاديمية خلال فترة الأزمة أنهم في قمة السعادة لم يدركوا أهمية هذا التعليم إلا بعد أن عاشوا التجربة التي اثبتت لهم انها شبه مكتملة وكأنهم يعيشون تجربة التعليم في الغرفة الصفية, ومنهم أتخذ قرار أن يستمر في التعلم عن بعد حتى بعد إنتهاء الأزمة لما له من فوائد جمة.
لماذا لا تكن مؤسساتنا على جاهزية كاملة من حيث التعليم عن بعد؟ لماذا لا يتم العمل عليها منذ اللحظة لكي يتم ترسيخ هذا المفهوم لدى الطلبة في عصر التكنولوجيا. للأسف نحن من نُعلم ابناءنا خلال المناهج في الجامعات والمدارس عن أهمية التكنولوجيا في توفير الوقت والجهد والمال ولكن "لم نعمل بما نقول".
من المحاولات التي ارغب الإشارة لها تقديم الدروس عبر قناة (درسك) على شاشة التلفزيون الأردني لكن للأسف ينقصه تفاعل الطلبة مع المعلم ومع بعضهم البعض والذي يعتبر محور من محاور حدوث التعلم, ومن الجدير بالذكر ان مرحلة عرض الدروس عبر الشاشة هي مرحلة التعليم عن بعد في فترة الثمانينات.
لا انكر بناءً على ما اشاهده واسمعه من ابنائي من تغذية راجعة انها محاولة طيبة ومن الممكن ان تترك أثر ايجابي من حيث توحيد المفاهيم لدى الطلبة وخصوصا أنني لاحظت أن معظم المعلمين الذين تم اختيارهم من خيرة المعلمين في الأردن. فهي فكرة إيجابية يتطلع الجميع لإستمرارها حتى بعد انتهاء الأزمة بإذن الله, لإعانة الطلبة على فهم المواد التي بعض من يعطيها من المعلمين مقصرين في شرحها. لكن رغم ذلك هذا ليس كفاية هي فقط معينة للطلبة لكن لا تحل محل التعليم في الصف أنما تساعد الطلبة ليس أكثر.
وهنا أناشد جميع المؤسسات التعليمية المدارس والجامعات ان تضع نصب عينيها التعليم عن بعد الذي بات درساً للجميع من قبل "كورونا". لو أننا أسسنا له لبتنا في مقدمة الدول وخصوصاً أننا ننعم بقيادة هاشمة فذة تنادي بجميع الأفكار الريادية وأهتمت جُل الإهتمام في التعليم.