الشرار يتطاير من حولنا
جهينة نيوز -بلال العبويني
عادت الأجواء في المنطقة إلى حالة الشحن من جديد، حتى باتت شرارات القطع العسكرية تتناثر في الفضاء، وهو ما قد ينذر بتطور من شأنه أن يشعل ألسنة اللهب ليحرق ما تم ترميمه خلال الأشهر الماضية.
الشحن، وإن كان عنوانه اليوم الطائرة الإسرائيلية التي أسقطتها مضادات الجيش السوري، إلا أنه ثمة عنوان آخر يكمن في مواجهة محتملة بين جيش الاحتلال الإسرائيلي وبين القوات الإيرانية المتواجدة على الأراضي السورية، وحزب الله في لبنان حليف إيران الأوثق في المنطقة.
في الواقع، التصعيد الإعلامي والسياسي والعسكري الإسرائيلي ضد إيران لم يتوقف وعلى كل الصعد، بدءا من دعوة نتنياهو الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بضرورة الذهاب بعيدا لإلغاء اتفاق الدول الكبرى مع إيران حول برنامجها النووي، أو بضرورة إنهاء الوجود الإيراني في سوريا ولبنان أو على الأقل إبعاد قواتها عن حدود الأراضي التي تحتلها إسرائيل.
رئيس الوزراء الإسرائيلي صرح بمثل تلك التصريحات قبل سفره للمشاركة بمنتدى دافوس في سويسرا، وقال إن أبرز ما على أجندته هناك هو تشكيل ضغط لإنهاء ما وصفه "الإرهاب الإيراني"، وفي المقابل تسعى إيران إلى تعزيز نفوذها في سوريا وتحديدا على مقربة من الجولان السوري المحتل وبقية مناطق الجنوب السوري.
حكومة الاحتلال تدعي أن إيران تسعى لتعزيز ترسانتها العسكرية في سوريا ولبنان بالعديد من الصواريخ، بل وتزعم أن إيران تعمل على إنشاء مصنع للصواريخ في جنوب لبنان، وبما أن حزب الله هو الخصم اللدود لإسرائيل؛ فإن الخشية دائما ما كانت من أن يتمكن حزب الله من تعزيز قدراته العسكرية وهو ما يشكل الخطر الأكبر على إسرائيل، وهو الخطر الذي سبق وأن شهدته إسرائيل في مواجهاتها السابقة مع حزب الله.
نذر الحرب الإسرائيلية الإيرانية، ليست وحدها التي يتطاير شرارها في المنطقة، بل ثمة جبهتان أخريان يتطاير فيهما الشرار، الأولى على حدود قطاع غزة حيث استمرار جيش الاحتلال في التحشيد لمعركة مقبلة يخوضها ضد القطاع، فيما الشرر الآخر يكمن في العملية العسكرية التي يخوضها الجيش المصري والتي يسعى إلى توسيعها في شمال وجنوب سيناء ضد المسلحين والإرهابيين.
هكذا واقع يدفع إلى الريبة حقيقة من انفجار المنطقة من جديد في حرب ستترك أثرا عميقا في المنطقة وسيكون لها انعكاس خطير على الداخل الأردني الذي يقع جغرافيا وسط مناطق التوتر الجديدة.
بل إن الأثر السلبي على الواقع الأردني، بدأت مؤشراته أمس الأول بسقوط بقايا صاروخ من الصواريخ السورية التي هاجمت الطيران الإسرائيلي، ولعل هذا مؤشر على مدى الخطر المحدق بنا في حال اندلعت أو توسع نطاق أي من التحركات السابقة باتجاه حرب مفتوحة.
داخليا، يعاني الأردن من أزمة اقتصادية خانقة، وبدأ الأثر السلبي للقرارات الاقتصادية الحكومية، يعبر عنه الحراك الاحتجاجي في أكثر من منطقة، وشهدنا خلال الأيام الماضية تصاعدا في الاحتجاجات، وهو ما تم التنبيه إليه سابقا من أن استمرار عملية الاصلاح الاقتصادي على حساب جيوب الأردنيين من شأنه أن يخلق ظواهر وأمراضا اجتماعية غير محمودة.
وبالتالي، فإن حالة الاحتقان التي تشهدها المنطقة، من المؤكد أنها ستزيد من أعباء الأردن الاقتصادية والأمنية، وأن ما تم انجازه خلال الأشهر الماضية من فتح معبر طريبيل وتحقيق خفض التوتر في جنوب سوريا سيكون مهددا في تحقيق الفائدة التي كانت مرجوة منه، ما يعني مزيدا من التوتر والقلق ومزيدا من الأعباء الاقتصادية الخانقة.//