السلط والمزيد من الشهداء
جهينة نيوز -مروان العمد
في منتصف نهار يوم الخميس الموافق ١٤ /٢ / ٢٠١٩ وقع انفجار في أرضٍ خلاء تقع في منطقة وادي الأزرق بمحافظة البلقاء حسبما صرحت الناطقة الرسمية بعد طول انتظار ، ونتج عنه استشهاد الوكيل أول متقاعد عبد الستار محمود عبدالله الشرفا .
وحسب تصريح الناطقة الرسمية للحكومة ، فقد توجهت الأجهزة ( الأمنية المختصة ) إلى موقع الحادثة وأنه وأثناء تعامل القوة ( الأمنية المختصة ) مع موقع الحادث ، وقع انفجار آخر نجم عنه استشهاد الملازم أول أحمد محمود فياض الجالودي من مرتبات الأمن العام ، والرقيب أول مصعب نزيه سلامه شبلي العتوم من مرتب المخابرات العامة ، بالإضافة إلى إصابة ثمانية آخرين من أفراد الأجهزة الأمنية بإصابات مختلفة ، بعضها وصف بالحرجة ، وبعضها الآخر إما بالخطرة أو بالشديدة أو أنها تحت العلاح .
وقد نعينا للشعب الأردني ولجلالة القائد الشهيدين ولذويهما وتمنينا الشفاء العاجل للجرحى الآخرين ، ولكن الآن لا بد من أن نلقي عيناً فاحصة وعقلاً محللاً وناقداً لما جرى في تلك الظهيرة الحزينة .
فور سماعنا لخبر الانفجار الأول ونحن نتابع مجريات الأمور وقد افترضنا في البداية أن هذا لغم قديم انفجر بطريق الصدفة في أحد المارة مما أدى إلى وفاته ، ثم أخذت تتواتر أخبار أخرى على وسائل التواصل الاجتماعي ورد فيها ، أن الانفجار لم يحصل في أرض خلاء وإنما في مزرعة بتلك المنطقة وأن المتوفى كان يعمل بها ، وأن هذه المزرعة ليست بعيدة عن منطقة نقب الدبور التي حصل بها اشتباك مع خلية إرهابية بتاريخ ١١ / ٨ / ٢٠١٨ ، كان لها علاقة بوضع عبوة ناسفة أسفل سيارة عسكرية في اليوم السابق ، كانت تؤمن الحماية لفعاليات مهرجان الفحيص والتي أسفرت عن استشهاد وكيل من قوات الدرك وإصابة ستة آخرين من أفراد الأجهزة الأمنية ، حيث تبين أن عناصر إرهابية ممن لهم علاقة
بحادثة الفحيص يتحصنون في منزل بهذه المنطقة .
وبعد اشتباكات ما بين الإرهابيين والأجهزة الأمنية استمرت عدة ساعات قام الإرهابيون بتفجير قسم من المبنى الذي كانوا يتحصنون به .
وأعلن الناطق الرسمي للحكومة في حينها أنه تم العثور داخل المبنى على ثلاث جثث تعود للإرهابين ، بالإضافة لاعتقال خمسة منهم وإلى استشهاد أربعة من أعضاء القوة الأمنية المهاجمة ، بالإضافة إلى إصابة العديدين من القوة الأمنية والمدنيين الذين تواجدوا في المكان ، وأنه في اليوم التالي تم تدمير المبنى تدميراً كاملاً بما يحويه من متفجرات ، وأن الفرق الأمنية المختصة عملت وعلى عدة أيام على هدم أنقاض المنزل وتمشيط المنطقة والتأكد من خلوها من أي أسلحة أخرى أو متفجرات .
ولكن وعلى أثر حصول الانفجارين وخاصة الثاني فقد قامت المواقع الإخبارية بالإضافة للعديد من المغردين ، وكما هي العادة بتناقل أخبار عن هذه الحادثة تضمنت قوائم بأسماء القتلى والجرحى من الأجهزة الأمنية في اختلاف واضح في الأسماء وفي صحتها حتى أن بعضها تضمنت أسماء أشخاص لم يكونوا في موقع الحادثة ، كما حصل تناقض في الأجهزة الأمنية التي ينتسب إليها الشهداء والمصابون ومدى خطورة إصابتهم ، وكل ذلك دون أن تخرج الناطقة الرسمية باسم الحكومة بمعلومات ثابتة وصحيحة إلى أن خرجت ببيانها الأخير وذكرت أسماء الشهداء والجرحى ورتبهم ووحداتهم العسكرية حيث تبين أن عدد الجرحى ثمانية أشخاص معظمهم من مرتب دائرة المخابرات العامة .
وقد تبين أن الانفجار الثاني قد حصل أثناء وجود المدعي العام والطبيب الشرعي في المكان لمعاينة جثمان الشخص الذي استشهد في الانفجار الأول ، وانه تواجد في الموقع عدد كبير من عناصر المخابرات العامة وبعضاً من عناصر الأمن العام والذين ربما كان تواجدهم للاستطلاع والكشف الحسي على موقع الحادث وهم في اعتقادهم أن ما حصل هو انفجار لغم قديم تصادف وجوده في المنطقة وانهم ليسوا من العناصر المختصة كما وصفهم بيان الناطقة الرسمية باسم الحكومة والذين يتعلق عملهم بالكشف عن الالغام والمتفجرات والذين لم يحضروا إلا بعد الانفجار الثاني حيث قاموا بتمشيط المنطقة وعثروا على العديد من الألغام والمتفجرات البدائية الصنع وشديدة الانفجار ومطابقة للغم الذي فجر السيارة العسكرية في الفحيص قبل ذلك بعدة أشهر ومطابقة للمتفجرات التي عثر عليها في بناية نقب الدبور حيث كان عناصر الخلية الارهابية متحصنين فقامت هذه العناصر المختصة بتفجير العديد من هذه الألغام والمتفجرات في مكان تواجدها مما يعطي انطباع بأن المزرعة كانت تستخدم مكاناً لتخزين الالغام والمتفجرات التي كان أعضاء الخلية الإرهابية ينوون استخدامها في عملياتهم التخريبية قبل أن ينكشف أمرهم .
وهنا لا بد من أن تثور جملة من الاستفسارات وعلامات الاستفهام ، وأولاها هل حقاً أن هذه الألغام من مخلفات خلية نقب الدبور الإرهابية ام أنها حادثة أخرى منفصلة عنها ؟ وإذا كانت كذلك فكيف لم يتم العثور عليها بعد مهاجمة وكر هذه الخلية وتمشيط المنطقة من قبل الجهات المختصة والذي استمر بضعة أيام ؟ ثم إذا كانت من مخلفات هذه الخلية فكيف لم يتم استخلاص المعلومات عنها من الإرهابيين الخمسة الذين أعلن عن اعتقالهم عند مداهمة وكر الخلية والذين لم نسمع عنهم أية معلومات بعد ذلك لا من حيث الأسماء ولا من حيث التحقيقات ولا المحاكمات ؟
ثم أليس من المفروض وفي حالة حدوث انفجار نتيجة لغم ارضي أو عبوة ناسفة نتجت عنه حالة وفاة أن تتحرك الأجهزة الأمنية لإغلاق المكان إلى أن يصل إليه أصحاب الاختصاص الحقيقيين وهم خبراء كشف ونزع الألغام والمتفجرات قبل أن يدخل للموقع المدعي العام والطبيب الشرعي وعناصر من آجهزة أمنية غير مختصة بمعالجة مثل تلك الحالات ؟
هل تم اتخاذ الأجراءات الأمنية الكافية ام كان هناك تقصير فيها من قبل أي طرف ؟
أطرح هذه الأسئلة ليس من منطلق الاتهام وأنا أعرف حرص جميع الأجهزة الأمنية وكافة مسؤوليها وقياداتها على أمن الاْردن وأمن الأردنيين ، ولكن من باب الحرص على عدم السماح بحصول أي خلل أو تقصير مستقبلاً فيما لا سمح الله وتعرضنا لمثل هذه الأحداث والأخطار .
ورحم الله الشهداء وأسكنهم فسيح جنانه ، ونسأل الله الشفاء العاجل للجرحى وحمى الله الاْردن والأردنيين من كل شر ومكروه .