حتى لا نطارد خيط دخان
جهينة نيوز -د. جميل الشقيرات
المتابع لما يجري على ساحة الوطن ومنذ بداية الربيع العربي سيىء الذكر سيخلص إلى أن هناك مظاهر وممارسات طغت عليها السلبية قولاً وفعلاً سادت أغلب مؤسسات الوطن
وأفراده وهذا لم يتأت من فراغ بل هو نتاج سياسات وممارسات لحكومات متعاقبة فقدت ثقة المواطن بها وعجزت عن تحقيق آمالة وطموحاته سواء ما كان منها إجتماعيا وإقتصاديا أو تعليميا أو سياسيا وغيرها ووصلنا إلى مرحلة إنعدام الثقة بالمسؤول والتشكيك بأي قرار يتخذه.
من هنا على الحكومات أن تلتقط الرسائل التي يوجهها جلالة الملك وبمختلف الوسائل والمناسبات والتي تركز دائماً وأبدأ على معيشة المواطن وكرامتة وتحقيق طموحاتة الكبيرة والتي بناها من خلال ما قدمه للوطن عبر السنوات الطويلة أفلا يستحق أن يحصل على أدنى حقوقة.
لتدرك الحكومات كلها بأن ما أوصلنا إلى هذة الحالة هو التقاعس بل الخوف في إتخاذ القرار الصائب وطمس مبدأ المساءلة في الأدارة الأردنية وتفشي ظاهرة الواسطة والمحسوبية حتى عشعش الفساد وكبرت بيوت الدبابير في مؤسساتنا وضُرب الفأس بالرأس وبدأنا نشعر بالخطر على وطننا وأنفسنا ونسأل إلى وين الدرب مودينا؟؟؟
إستحوذت قضية الدخان على مجالس النخبة والناس العاديين هذة الأيام معتقدين انها هي قضية الوطن الأولى والأخيرة في مسلسل الفساد...ليعلموا أنها من ضمن سلسلة واسعة من الفساد يتعرض له الوطن وعلى كافة الأصعدة وقد يكون بمباركة داخلية وخارجية للنيل من هذا الوطن ومقدراتة.
الحكومات الجادة هي التي تلتقط أنفاسها بين حين وأخر وتقوم بجرد حساباتها لكل مفاصل الدولة وتراجعها بطرق حضارية متقدمة وتقف عند الإيجابيات وتعززها وعند السلبيات وتتجاوزها وتقوم بدور المعالج وليس بالمخدر والمسكّن للآلام ولا تكون رهينة في قراراتها للمنصات الاعلامية.
هل تعلم حكومتنا الحالية ما أصاب الوطن من فوضى بالتعيينات والترقيات؟ ..وهل تعلم حكومتنا بأن هنالك مؤسسات هي حكر لأبناء الوزراء والأعيان والنواب وأبناء الباشوات في الجيش والأجهزة الأمنية كالخارجية والداخلية والعدل والديوان الملكي والهيئات المستقلة ينعمون برواتبها الخيالية ومنافعها الاجتماعية؟ علما بأن هنالك من هم بأعمارهم وبنفس شهاداتهم وزملاءهم في الجامعة وقد يكونون أكفأ منهم واعلى منهم تقديراً ما زالوا ينتظرون دورهم في ديوان الخدمة المدنية...وأتحدى هنا أن يكون أحد من أبناء الوزراء ومن على شاكلتهم موظفاً في وزارة التربية والتعليم أو الأوقاف والتي هي حكر على أبناء الحراثين والعسكر لأنها الأقل تنفيعاً ومردوداً مالياً في الوقت الذي نجد فية وزراء ونوابا وأعيانا يتغنون بإصلاح التعليم وتجويد مخرجاتة ...
إتقوا الله بهذا الوطن وأبنائه..إتقوا الله بأصحاب العقول الذين بدأوا يحزمون حقائبهم لمغادرة الوطن...إتقوا الله بأصحاب الشهادات العليا الذين بدأوا بعرضها للبيع وبدأوا يلجأون لجلالة الملك مشياً على الأقدام من أجل انصافهم وإحترام عقولهم وشهاداتهم..لا تظنوا أن السيد ضمرة والوحوش والمومني والعريني هم الوحيدون الذين يعبرون عن الظلم الذي وقع عليهم فمثلهم مئات ومئات من الأردنيين الذين أُوصدت أبواب مؤسسات وجامعات وكليات الوطن بوجوههم.
إن تحقيق العدل وتعزيز المساواة وتكافؤ الفرص وإختيار القيادات دون الخضوع للجهوية أو للمصالح الفئوية وفتح ابواب مؤسسات الوطن وجامعاتة لأبناء الوطن ضمن معايير واضحة أقلها من يحملون هم الوطن وسمعتة ولديهم الخبرات النوعية في مجال عملهم يجب ان تكون نبراساً لكل مسؤول لئلا يصبح كل مواطن قنبلة موقوتة وتتزعزع ثقتنا بوطننا لا سمح الله.
الحكومات معنية ببناء جسور من الثقة بينها وبين المواطن من خلال الجرأة في إتخاذ القرارات والإجراءات الصائبة والشفافية في نقل الخبر على حقيقته والمكاشفة عبر وسائل إعلامية نزيهة ووقف نزيف الواسطة والمحسوبية في دوائرنا ومؤسساتنا الحكومية والخاصة والوقوف على الوظائف والرواتب التي تمنح لأعداد كبيرة من أبناء الوطن تحت عباءة الواسطة وتبادل مصالح وغيرهم قد يكون أحق منهم كل ذلك من أجل أن نقطع الطريق على كل من تسوّل له نفسه بتشوية سمعة الوطن والإساءة لأبنائه وغمط حقوقهم.
الأردنيون يطمحون أن يكون وطنهم الأجمل والأنقى درة للأوطان وطن كبير بقيادتة وأبنائه المخلصين يسوده العدل والمساواة والحياة الهانئة الآمنة المستقرة بعيدين عن الشعور بالإحباط والندم والتذمر الاجتماعي وان لا يطغى علينا قول نزار(( وكنا نطارد خيط دخان)).//