2024-12-25 - الأربعاء
banner
كتّاب جهينة
banner

غياب التفكير الوطني لدى الحكومات

جهينة نيوز -

غياب التفكير الوطني لدى الحكومات

بلال العبويني

ثمة قناعة عند طائفة من الساسة أن الحكومات لدينا، لم تعد تتمتع بحس التفكير الوطني الكُلي فيما تنتهجه من سياسات، فالأرقام هي الطاغية على التفكير دون النظر إلى ما قد تعكسه على الواقع السياسي والاجتماعي والمعيشي للمواطن.

وهذا الحكم قد يكون صحيحا في بعض جوانبه، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن الحكومات الوطنية لا تفكر بجزئية واحدة أو أكثر دون النظر إلى المشهد بكليته، أو أثر المضي قدما بهذه الجزئية على حساب غيرها من جزئيات، وبما يُسهم في خلخلة المشهد وانعكاسه السلبي على واقع البلد والناس.

والمقصود هنا بالحكومات الوطنية، لا يعني أن رؤساءها ووزراءها ليسوا وطنيين، بل يؤشر إلى خلل في التفكير الجمعي والكُلي بما تعانيه البلد من أزمات سواء على الصعيد السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي، وإن معالجة أي خلل مما تعانيه هذه الصُعد لا يُسهم في التأثير السلبي على غيرها، بل إن المعالجة تكون جمعية عند دراسة أثر الإصلاح المالي مثلا على الواقع الاجتماعي والمعيشي للمواطنين وهكذا.

وبهذا المعنى، نعم هناك غياب للتفكير الوطني لدى حكوماتنا، بسبب غياب السياسي عنها والذي لديه القدرة على التفكير الكلي بقضايا الوطن دون أن يعزل أيا منها.

إن غياب رجل الدولة السياسي عن الحكومات أحدث خللا كبيرا، والدليل ما نشاهده من تداعيات النهج المُتبع في معالجة الأزمات، وفي خلل التنسيق الملاحظ أحيانا بين الرئيس ووزرائه وكبار مسؤوليه.

كما أسهم هذا في تراجع الإصلاح السياسي والاجتماعي والثقافي لحساب المالي ما أثر سلبا على مختلف مناحي الحياة حتى على الخزينة عندما ضعف المردود الذي تتقاضاه الدولة من ضرائب ورسوم وغيرهما بتراجع أداء بعض القطاعات كما شهدنا ذلك في قطاع السيارات الهجينة أو في المتاجرة بالأسهم أو على صعيد ضعف القدرة الشرائية لدى المواطن وهو ما أسهم في إغلاق مُنشآت تجارية أو تكبدهم الخسائر.

الحكومات، بهذا الوصف، لا يمكن أن تكون حكومات ذات برامج، حتى وإن ادعت ذلك أو تقدمت بما يقال إنه برنامج لنيل ثقة مجلس النواب، لأنها ومن خلال التجارب، لا تتقيد بما تتلوه أمام النواب، وهؤلاء لا يحاسبونها بعد حين لعدم تنفيذها ما وعدت به لغياب البرامج أيضا عند الكثير من النواب.

البرنامج لا يكون كذلك، إلا إذا أعد الرئيس المُكلف برنامجه قبل التكليف أو وضع الخطوط العريضة له، ومن ثم يفاتح من يريد توزيرهم بالبرنامج فمن كان على استعداد لتنفيذه أصبح وزيرا ومن لم يكن قادرا على التنفيذ أو غير معجب أو متفق بما عرضه الرئيس المُكلف لا يكون جزءا من الحكومة، لأن البلاد والعباد ليسوا حقل تجارب، نجرب فيهم الأصحاب والأقارب والمحاسيب ليتمتعوا بالامتيازات والمُكافآت ولقب المعالي على حساب الوطن والمواطن وما يعانوه من أزمات.

هذا، في حال ظلت آلية تشكيل الحكومات على ما هي عليه، غير أن البرامج الحقيقية والوطنية والمتقدمة لا تكون إلا بأحزاب أو كتل برلمانية يشكل الغالبية منها الحكومات، عندها ستكون المحاسبة على البرامج وسيكون التفكير وطنيا وكليا، دون أن تطغى معالجة أزمة على أخرى ودون أن تؤثر معالجة هذا القطاع على غيره من قطاعات.

لكن، يبدو أن الوقت ما زال طويلا حتى نصل إلى هذا المستوى من الحكومات، لأسباب مختلفة، غير أن ما يجب أن يكون هو بوجود شخصيات سياسية على رأس الحكومات لديها برامج تطرحه على المرشحين للوزارات قبل توزيرهم.//

 

 

    

تابعو جهينة نيوز على google news
 
Email : info [at] johinanews.com
 
تصميم و تطوير