حل أزمة غزة يتطلب جهودا مشتركة من المجتمع الدولي
![{clean_title}](https://johinanews.com/assets/2025-02-15/images/263117_4_1739616801.jpeg)
البروفيسور سون دي غانغ *
تشونغ لينغ**
تبادلَت إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) الاتهامات بانتهاك اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في العاشر من الشهر الجاري. وأمر وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف كاتس، قوات الجيش بالبقاء في أعلى مستوى من الاستعداد. من جانبها، أعلنت حماس تأجيل عملية إطلاق سراح مجموعة جديدة من المعتقلين التي كانت مقررة في 15 من الشهر. وقد أثارت هذه التطورات قلقاً جديداً في المجتمع الدولي بشأن استمرار اتفاق وقف إطلاق النار في غزة وآفاق السلام بين إسرائيل وفلسطين.
من الناحية الموضوعية، جلب اتفاق وقف إطلاق النار المكون من ثلاث مراحل، الذي تم التوصل إليه بين إسرائيل وحماس في 15 يناير/كانون الثاني، بصيصاً من الأمل في تحقيق السلام بين فلسطين وإسرائيل. وقد حققت المرحلة الأولى من الاتفاق التي تضمنت وقف إطلاق النار وتبادل المعتقلين، بعض النتائج الإيجابية. كما استكمل الجانبان مؤخراً تبادل الدفعة الخامسة من الأسرى، وانسحب الجيش الإسرائيلي من ممر نتساريم.
إلا أن هشاشة الاتفاق ما زالت قائمة، وقد أثار هذا الاتفاق جدلاً واسعاً في إسرائيل؛ ففي حين تطالب إسرائيل حماس بالإفراج عن جميع المعتقلين لديها في أقرب وقت، تصر على أن هدفها في "القضاء التام على حركة حماس" لم يتغير.
من جهتها، تطالب حماس بانسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة بأسرع وقت، بينما يبقى حل الكراهية المتبادلة بين الجانبين أمراً صعباً. إن الغموض الذي يحيط بعملية تبادل المعتقلين وخطوات الانسحاب يجعل من السهل على الطرفين خلق احتكاكات جديدة.
في الوقت نفسه، أصبحت قضية إعادة الإعمار والحكم في غزة بعد الحرب، التي كانت في الأصل الهدف النهائي لاتفاق وقف إطلاق النار، محورا جديدا للجدل بسبب تصريحات الرئيس الأمريكي ترامب، مثل "تطهير" غزة أو "الاستيلاء عليها" أو "شراء وامتلاكها". لم تتضح بعد تمامًا سياسة الحكومة الأمريكية الجديدة تجاه الشرق الأوسط، لكن أحد المؤشرات الحالية هو مساعدة في الدفاع عن أمن إسرائيل ومصالحها، وهو ما ظهر في التصريحات الأمريكية خلال زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأخيرة إلى واشنطن. بناء على هذا المنطق، قد تحاول الولايات المتحدة المساعدة في إنشاء "إسرائيل الكبرى" من خلال السيطرة على غزة، وإضعاف تهديد حماس لإسرائيل بشكل دائم، وكذلك مواصلة التعدي على الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية، ودعم سيادة إسرائيل على هضبة الجولان، وإنشاء منطقة عازلة في جنوب لبنان لتوسيع الفضاء الحيوي وحدود إسرائيل الأمنية.
إن سلسلة التصريحات الأمريكية حول "تطهير" غزة أو "الاستيلاء عليها" تؤكد بوضوح موقفها المؤيد لإسرائيل، لكنها في الوقت نفسه ترسل إشارات خاطئة إلى القوى اليمينية في إسرائيل، مما قد يضر بالجهود الرامية إلى تحقيق وقف دائم لإطلاق النار والتعامل مع قضايا الحكم في غزة بعد الحرب. هذا قد يؤدي إلى تراجع في التقدم البسيط الذي تم إحرازه في اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وفلسطين، وقد يعطل العملية السلمية في المستقبل.
إن "حل المشكلة مرة واحدة وإلى الأبد" عبر إجبار أكثر من مليوني شخص من سكان غزة على مغادرة منازلهم ينتهك المبادئ الإنسانية والمعايير الأساسية للقانون الدولي، ولن يؤدي إلا إلى إبعاد عملية إعادة إعمار غزة وإطالة أمد عملية السلام بين فلسطين وإسرائيل. ولهذا السبب، أثارت هذه المقترحات معارضة واسعة من المجتمع الدولي، بما في ذلك بعض حلفاء الولايات المتحدة.
فغزة هي غزة الفلسطينيين وجزء لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية، ولا يمكن أن تُعتبر ورقة مساومة في الصفقات السياسية، ولا ينبغي أن تتحول إلى موضوع لقانون الغاب. وهذا يعد أحد الإجماعات الدولية حول القضية الفلسطينية. أي ترتيبات بشأن مستقبل غزة يجب أن تحترم إرادة الشعب الفلسطيني واختياره المستقل، ولا يجوز فرضها على الآخرين. إن مبدأ "الفلسطينيون يحكمون فلسطين" يجب أن يكون مبدأ أساسياً في إدارة غزة بعد الحرب.
تعرض تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار للانتكاسات، وكذلك الخلافات حول إدارة غزة بعد الحرب، مما يضعف آفاق إنهاء الجولة الجديدة من الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي بشكل نهائي. في هذه اللحظة، إلى أين يجب أن يتوجه أطراف الصراع الإسرائيلي الفلسطيني والمجتمع الدولي على نطاق أوسع؟ من الناحية الجوهرية، يظل من الضروري تعزيز الوساطة الدبلوماسية والبحث عن حل سياسي شامل.
إن تنفيذ "حل الدولتين"، واستعادة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة كاملة على حدود عام 1967 مع القدس الشرقية عاصمة لها، يظل الطريق الأساسي لحل القضية الفلسطينية. لا يمكن تحقيق السلام الحقيقي والدائم إلا من خلال الوقوف على قمة الضمير الإنساني، وتجاوز التفكير الجيوسياسي الضيق، مع الأخذ في الاعتبار مصالح الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي، بما في ذلك ضمان سبل عيش الناس، خاصة في عملية إعادة إعمار غزة بعد الحرب، وضمان أن يتمكن الشعب الفلسطيني من العيش والعمل في سلام وكرامة.
وبهذا الطريق فقط، تستطيع إسرائيل التخلص من مخاوفها الأمنية التي طال أمدها.
قبل أكتوبر/تشرين الأول 2023، اعتمدت إسرائيل بشكل رئيسي سياسة الحصار على غزة. بعد اندلاع جولة جديدة من الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، شنت إسرائيل غارات جوية وهجمات عسكرية انتقامية ضد غزة. وقد أثبت الواقع أن كل من الحصار والضربات الجوية لم يُحقق الأهداف التي كانت إسرائيل تأمل في تحقيقها. إن المقترحات الأمريكية والإسرائيلية الحالية بشأن "تطهير" غزة أو "الاستيلاء عليها" لن تساعد في حل القضية الفلسطينية جذرياً، ولن توفر لإسرائيل "الشعور المستدام بالأمن". وفي مثل هذه العمليات، لا يوجد رابح.
في ضوء ذلك، ينبغي على جميع الأطراف في المجتمع الدولي، بما في ذلك الولايات المتحدة وإسرائيل، التحرك نحو حل سياسي، والالتزام بإعادة إطلاق "حل الدولتين"، وعقد مؤتمر سلام دولي أوسع نطاقًا وأكثر مصداقية وفعالية في أقرب وقت ممكن تحت إشراف وتنظيم الأمم المتحدة. ينبغي صياغة جدول زمني محدد وخريطة طريق لتنفيذ "حل الدولتين"، ودفع إلى الحل الشامل والعادل والدائم للقضية الفلسطينية. وفي هذه العملية، يجب على المجتمع الدولي أن يواصل بذل الجهود ويكثف مساعيه في الوساطة، والانتقال تدريجيا من "وقف إطلاق النار الفني" الحالي إلى مستوى أعلى من تعزيز وقف إطلاق النار الدائم وتحقيق السلام المستدام.
* باحث ومدير مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة فودان
** مرشحة للدكتوراه في كلية العلاقات الدولية والشؤون العامة بجامعة فودان.