2024-10-01 - الثلاثاء
banner
أخبار محلية
banner

مشروع ريادي يقود التغيير المناخي ويخلق فرص عمل جديدة

{clean_title}
جهينة نيوز -

تحويل النفايات إلى ثروة: مبادرة شبابية لتدوير بقايا الملابس في الظليل

الأنباط – ميناس بني ياسين

تشهد البيئة العالمية اليوم تغيرات متسارعة ومخاطر متزايدة تجعل من الجهود الفردية والمجتمعية لمكافحة التلوث والتغير المناخي أمرًا بالغ الأهمية. وتبرز محليًا مبادرات ريادية يقودها شباب أردنيون يسعون إلى تحويل التحديات البيئية إلى فرص اقتصادية واجتماعية مستدامة.

من بين هذه المبادرات، يبرز مشروع إعادة تدوير بقايا مصانع الملابس في منطقة الظليل، الذي يقوده الشاب علي الربابعة، والهادف إلى خفض مستويات التلوث وتعزيز الاستدامة الاقتصادية والبيئية، والمساهمة في الحد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، إلى جانب تحسين جودة الهواء والماء. علاوة على ذلك، يسهم المشروع في توفير فرص عمل جديدة للشباب وتعزيز الاقتصاد المحلي، ليكون نموذجًا عمليًا لمساهمة الشباب الأردني في مواجهة التغير المناخي.

علي الربابعة، صاحب المشروع، تحدث إلى "الأنباط" عن بداية الفكرة التي قال إنها بدأت مع إنشاء مجمع الظليل الصناعي في عام 2000. إذ لاحظ من خلال خبرته الواسعة التراكم المستمر لمخلفات المصانع، مثل الأقمشة والكرتون والبلاستيك، التي كانت تشكل مشكلة بيئية حقيقية وتؤدي إلى تعطيل العمل إذا لم يتم التخلص منها بشكل يومي. ثم وجد أن في هذه المخلفات فرصة لاستغلالها، وعمل على إنشاء مؤسسة خاصة للتعامل مع هذه النفايات، وأصبح الجهة الوحيدة المرخصة التي تتعامل مع جميع المصانع في المنطقة للتخلص من المخلفات.

من خلال مؤسسته، يقوم الربابعة يوميًا بجمع وفرز مخلفات المصانع حسب النوع واللون والخامة، ثم يقوم بكبس الزوائد المتبقية على شكل بالات وتخزينها إلى حين تصديرها. كان المشروع ناجحًا بشكل كبير في تصدير هذه البقايا إلى عدة دول حول العالم، إلا أن جائحة كورونا والأزمات الاقتصادية التي تلتها تسببت في توقف عمليات التصدير، ما أدى إلى تراكم كميات هائلة من بقايا القماش، تُقدر بمئات الآلاف من الأطنان.

ورغم كل التحديات، واصل الربابعة العمل على المشروع بإصرار كبير، إذ يؤكد في حديثه لـ"الأنباط" أن المشروع مجدٍ ومربح، وأنه سيعود بالفائدة على البيئة والمجتمع. مشيرًا إلى أن الهدف الرئيسي منه هو تحقيق بيئة نظيفة وصحية للأجيال الحالية والمستقبلية، إضافة إلى تعزيز الوعي بأهمية إعادة التدوير، وتوفير فرص عمل جديدة للشباب.

ويروي الربابعة أن المشروع بدأ بدراسة السوق المحلي والعالمي لتحديد أكثر أنواع بقايا الملابس طلبًا. ثم تم تحديد المواد المستهدفة ودراسة خصائص كل نوع. وبعد ذلك، جرت عملية تحليل التكلفة، والتي شملت تأجير المساحات، توظيف العمالة، وشراء المعدات والآلات الخاصة بعملية التدوير، وصولاً إلى مرحلة الحصول على التراخيص والتصاريح اللازمة لتشغيل المشروع من الجهات المحلية والوطنية المعنية، إلى جانب تأمين التمويل من مستثمرين أو بنوك.

ويشرح تفاصيل عملية العمل قائلاً: "نقوم بفرز القماش حسب نوعه، ثم نقوم بتجميع القطن ووضعه في ماكينة الحبكة لإعادة تصنيعه، ومن ثم نكبس الزوائد المتبقية على شكل بالات." وأشار إلى أن المؤسسة تعمل على حرق الزوائد الصناعية القابلة للحرق لتقليل تكاليف استخدام النفط في إنتاج الطاقة، مؤكدًا أن هذا الإجراء يتطلب وجود مشغل صغير خاص بالمشروع، فضلاً عن تدوير المواد القطنية المتبقية واستخدامها في صناعة فرش الأطقم الخشبية والخرزية والمراجيح، بالإضافة إلى إعادة تدوير الكرتون والبلاستيك والمواد الصلبة.

ومع مرور الوقت، أصبحت كميات المواد المتاحة لإعادة التدوير هائلة، وفقًا للربابعة، إذ تُقدر بأكثر من 500,000 طن من المواد القابلة للزيادة بمعدل 60% يوميًا، موضحًا أن الحجم الكبير من المخلفات يشكل تحديًا مستمرًا للمصانع في التخلص منها، مما يجعل من الضروري توسيع نطاق المشروع لإنشاء مصنع مخصص لإعادة تدوير بقايا الملابس في الأردن. مع الإشارة والتأكيد على أنهم بحاجة إلى صيانة الهناجر الموجودة وتجهيز مستودعات صغيرة لحفظ المواد، وإنشاء خط إنتاج داخل الهنجر يتضمن سلات لتجميع المواد، بالإضافة إلى توفير مكبس آخر للطاقة.

وأضاف الربابعة أن مشروع إعادة تدوير بقايا الملابس مرتبط بقمة المناخ التي ستعقد في أذربيجان، والتي سيشارك بها جلالة الملك عبدالله الثاني. إذ يرى أن المشروع يمثل نموذجًا عمليًا لدور الأردن في مكافحة التغير المناخي، خاصة أن صناعة الملابس تعد من أكثر الصناعات استنزافًا للموارد المائية. موضحًا أن إنتاج الملابس، وخاصة الجلد، يتطلب كميات هائلة من المياه، مما يجعل من الأهمية لمكان إيجاد حلول مستدامة لتقليل استهلاك هذه الموارد في بلد مثل الأردن، الذي يعتبر من أفقر الدول في المياه.

أما حول أهمية المشروع، قال: "إنها لا تكمن فقط في الحد من التلوث، بل أيضًا في توفير بدائل اقتصادية جديدة"، حيث يتم استخدام المواد المعاد تدويرها في صناعات مختلفة، بما في ذلك تصنيع الخيوط، واستخدامها كبديل للطاقة في مصانع الإسمنت والمصانع التي تعتمد على البويلرات بدلاً من استخدام الديزل. مؤكدًا أن المشروع يحظى باهتمام كبير من عدة منظمات دولية، وقد أرسلوا دراسة متكاملة عن المشروع إلى جهات عالمية، مما يعزز فرص تطويره وتوسيع نطاقه.

ويشير الربابعة إلى الحاجة إلى مستثمر لدعم إنشاء أول مصنع في الأردن متخصص في إعادة تدوير بقايا الأقمشة، نظرًا لوجود كميات كبيرة من بقايا الأقمشة المتراكمة يوميًا، تصل إلى حوالي 60 طنًا يوميًا من المصانع. مشيرًا إلى أنه لا يسعى فقط لحل مشكلة النفايات البيئية، بل أيضًا لدعم الاقتصاد المحلي وتعزيز مكانة الأردن في مجال حماية البيئة ومكافحة التغير المناخي.

في النهاية، يعبر علي الربابعة عن طموحه الكبير في رؤية المشروع يتوسع ويحقق تأثيرًا أكبر على الصعيدين المحلي والدولي، فهو يعتقد أن الشباب الأردني قادر على تقديم حلول مبتكرة للتحديات البيئية والاقتصادية، والمساهمة بشكل فعال في خلق مستقبل أفضل وأكثر استدامة للأجيال القادمة.

تابعو جهينة نيوز على google news
 
Email : info [at] johinanews.com
 
تصميم و تطوير