ما بعد رفح كما قبلها !
جهينة نيوز -ما بعد رفح كما قبلها !
د. حازم قشوع
لن تنتهي المقاومة حتى لو وصلت الة الحرب الاسرائيلية الى مركز رفح، لان الحرب الدائرة لا تقوم على نقطة احتدام مركزية يفوز من يسيطر عليها ويستسلم من لا يظفر بها فهذه تصورات تكون في المعارك التقليدية التى تكون عادة بين الجيوش، كما لن تستطيع حكومة تل أبيب من السيطرة على القطاع حتى لو راحت تعتقل العشرات وترحل الآلاف لأن اسرائيل تخوض حرب فدائية حيث معارك الشوارع التي تعتمد على (الكر والفر) و لا تعتمد على الدبابات والطائرات والقنابل التكتيكيه المدمرة فلا يوجد مراكز رئيسية يمكن تدميرها في قطاع غزة سوى "المستشفيات ومراكز الاغاثه الدوليه" كما أن مساحات الاشتباك ضيقة وساحة القتال أصبحت ساحة مغلقة وليست مفتوحة بعدما تم إغلاق معبر فيلادلفيا الذى كان يشكل المخرج الوحيد لأهالي غزة.
الأمر الذي يجعل من معركة رفح لا تختلف عن غيرها من المعارك الدائرة فى غزة المدينة أو خانيونس أو فى جباليا او حتى فى مشروع بيت لاهيا فى أقصى الشمال، وهي جميعها مازالت تحت سيطرة المقاومة وان كان الجيش الاسرائيلي يقف فى الواجهات المتاخمة لها وسيبقى الجميع كما هو متوقع يدور في حلقة مفرغة لا مهزوم فيها ولا منتصر بإطار حرب استنزاف تبدو طويلة هذا ما تقوله استخلاصات المتابعين للحالة السائدة في حرب غزة ... فلا السنوار في رفح ولا الاسرى هناك ولن يكون بمقدور القوات الإسرائيلية الاستحواذ على الغاز وتشغيل الميناء وتنفيذ مشروع قناة بن غوريون بهذه الحالة من دون مفاوضات سياسية تعترف بالآخر ولا تعمل على اقصاءه !
فقد لا تحمل حرب غزة نهايات درامية حيث الرواية الإسرائيلية ولن تحقق ما تصبو إليه الأجندة الإسرائيلية من أهداف تستهدف السيطرة على القطاع واستسلام المقاومه وعودة الاسرى لان الغالبيه العظمي من المراقبين يجمعون على خلاصة تعنون بعدم قدرة اسرائيل لاعادة الاسرى أحياء كما لن يكون بمقدور القوات الاسرائيليه السيطرة والتحكم على القطاع لا فى وقت قريب ولا فى مدى المتوسط كما لن تجد اسرائيل من هو قادر على التعامل معها لا من العشائر ولا من الاهالي لان جميع العائلات لديهم شهداء وتم تدمير بيوتهم وتشريدهم، هذا إضافة للحالة الوطنية التي باتت تقف عليها الغالبية العظمى من أهالي غزة على اختلاف توجهاتهم الوطنية والإسلامية واليسارية.
والسؤال الذي سيكون على طاولة البحث الإسرائيلية فى ظل حرب الاستنزاف التى تقودها المقاومة، ما الذي يمكن أن تفعله الحكومات الإسرائيلية أكثر مما فعلته لإخماد المقاومة بعد كل عمليات التدمير ؟ وستكون الإجابة بفشل الحلول العسكرية والقرارات الأحادية ! و لن يكون أمام الحكومة الاسرائيلية سوى الاعتراف بالدولة الفلسطينية وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية لأنه سيكون المدخل الأساس لها للعيش ضمن علاقات طبيعية مع مجتمعات المنطقة بطريقة تضمن لها الأمان حتى لا تبقى تعيش فى عقلية القلعة وتوجهاتها الامنية التى ينفر منها الكل وإن كانت عقلية القلعة مقبولة لبعض الأنظمة السياسية ليس احتراما لها لكن للإبقاء على ميزان العلاقة قائم مع الولايات المتحدة صاحبة النفوذ الأعلى في المنطقة.
وقد حاولت الإجابة على تساؤل مشروع يسأله الكثير من السياسيين يقف عند استفسار حول اليوم الثانى للحرب وليس في جعبة المراكز الاستراتيجية بيانه ... هل فكرت الحكومة الإسرائيلية ما الذي ستفعله ما بعد انتهاء العمليات العسكرية أو ما الذي ستقوم بفعله أن بقيت الامور تدور فى دائرة حرب الاستنزاف القائمة من دون الوصول الى هدنة تقود لتسوية وكان الاستخلاص لا إجابة ! لأنه لا يوم ثانى بعد الحرب لان المعارك ستبقى مستمرة ! وهذا ما يعني أن الحلول غير ظاهره بعد، وما كان يتم الحديث عنه من عودة السلطة لحكم غزة لن يكون مجديا في ظل المقاومة واقتراح إيجاد مجموعة شركات تدير المجتمع المحلي في القطاع هو حل غير صالح للتطبيق في الواقع، لأن حالة التدمير حالة شاملة كما أن الظروف الإنسانية التى يقف عليها السكان هي مأساوية.
وان مسألة إبقاء السيطرة العسكرية والأمنية للحكومة الإسرائيلية هو امر غير واقعي لانه لن يخمد نيران المقاومة التى يصعب تجفيف منابع تأثيرها كونها بحاجة لوقت طويل يصعب بيانه في الظرف الراهنه كما ان مسالة انسحاب إسرائيل من قطاع غزة هي مسألة غير واردة بعدما دفعت ثمنا باهظا لاحتلاله ! وهى النتيجة التى تتنافى مع ما تحدث عنه الرئيس الأمريكي بايدن من رفضه لاعادة احتلال القطاع الأمر الذي يجعله مطالب اكثر من اي وقت مضى فى بيان نفوذه على المجتمع الاسرائيلي كما يحمله على انظمة المنطقة لانهاء الازمه والكف عن ادارتها لانها باتت مرهقه كما تشكل أداة محرجة لانظمه المنطقة نتيجة ابتعاد سياساتها عن حواضنها الشعبية التى باتت تطالبها باتخاذ مواقف قد تفضي لإلغاء اتفاقيات وقطع علاقات ودخول المنطقة في ميزان علاقات باردة لا يربطها سوى القنوات الأمنية .
صحيح ان القوات الاسرائيليه تمتلك مخزون أسلحة كبير وتمتلك قوات أكثر بكثير مما تقف عليه قوات المقاومة الفلسطينية، وهو ما قد يرجح كفتها على كفة المقاومة في المعادلة الميدانية لكن ما هو صحيح ايضا ان 8 أشهر من حرب مسعورة شاركت فيها سبع دول بطريقة مباشرة ومازالت تشنها تل أبيب فشلت فى تحقيق أهدافها وما زالت المقاومة في كامل جهوزيتها الميدانية ولم تستطع القوات الإسرائيلية من تحقيق ولو هدف واحد من الأهداف التى أعلنت عنها منذ إعلان اسرائيل الحرب على غزة، وهو ما يؤكد أن حرب غزة لن تنتهى بنهاية درامية كما يتصور البعض وتتخيل تل ابيب بل ستكون نهاية المشهد "بلا نهايه" اي نهاية مفتوحة وستحمل ضمير مستتر تقديره عودة الجميع لخيار الاعتراف والتسوية.