ليس كل اليهود صهاينة!!
جهينة نيوز -د.أيوب أبودية
في الصراع العربي- الإسرائيلي- الفلسطيني المعقد والمتعدد الأوجه، ظهرت أصوات يهودية اسرائيلية تدعو إلى التفاهم والتعاطف مع المجتمع الفلسطيني. وفي حين يتعاظم حديثنا عن اليهود عدائية، وبخاصة بعد الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل في غزة، تأتي هذه المقالة لتلقي الضوء على بعض الشخصيات البارزة، مثل إيلان بابي، وآفي شلايم، وأميرة هاس، وجدعون ليفي، وفيليسيا لانغر، الذين أبدوا تعاطفهم مع القضية الفلسطينية وأثبتوا أنه ليس كل اليهود صهاينة.
كان إيلان بابي Ilan Pappe، المؤرخ والناشط السياسي الإسرائيلي، صريحًا في انتقاده للسياسات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين. إذ يؤمن بضرورة الاعتراف بالمظالم التاريخية والتهجير الذي حدث أثناء إنشاء دولة إسرائيل. ويتحدى منظوره الروايات السائدة، ويدعو إلى فهم أكثر شمولاً للصراع. ومن مؤلفاته البارزة التي تركز على القضية الفلسطينية التالي:
1. التطهير العرقي في فلسطين" (2006): في هذا العمل الرائد، يتعمق في الأحداث المحيطة بالحرب العربية الإسرائيلية عام 1948 والطرد القسري لمئات الآلاف من الفلسطينيين من منازلهم. ويقول إن ما حدث يرقى إلى مستوى التطهير العرقي، ويتحدى الروايات التقليدية حول إنشاء دولة إسرائيل.
2. تاريخ فلسطين الحديثة: أرض واحدة وشعبان (2003): هو كتاب شارك في تأليفه إيلان بابي ونعوم تشومسكي، ويستكشف التاريخ المعقد لفلسطين، ويتتبع جذور الصراع حتى أوائل القرن العشرين.
3. فكرة إسرائيل: تاريخ القوة والمعرفة (2014): يدرس بشكل نقدي الأيديولوجية التي تقوم عليها دولة إسرائيل، ويستكشف الأسس الفكرية والسياسية التي شكلت تطورها، ويتناول الرواية الصهيونية وتأثيرها على الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
4. عشر أساطير عن إسرائيل (2017): في هذا العمل الموجز يتحدى المفاهيم الخاطئة والأساطير الشائعة المحيطة بإسرائيل وتاريخها. يتناول كل فصل أسطورة محددة، ويزود القراء بمنظور نقدي حول القضايا الرئيسية المتعلقة بالصراع.
5. غزة في أزمة: تأملات في الحرب الأمريكية الإسرائيلية ضد الفلسطينيين (2010): شارك في التحرير إيلان بابيه ونعوم تشومسكي، ويقدم نظرة ثاقبة للوضع في غزة.
أما آفي شلايمAvi Shlaim، المؤرخ وأستاذ العلاقات الدولية في جامعة أكسفورد ، فيؤكد أنه من أجل التوصل إلى حل عادل ودائم، فإن الاعتراف بحقوق ومظالم كل من الإسرائيليين والفلسطينيين أمر ضروري. وغالبًا ما يؤكد عمله على الحاجة إلى الدبلوماسية والحوار وحل الدولتين. وفيما يلي بعض أعمال آفي شلايم المهمة:
1. سياسة التقسيم: الملك عبد الله والصهاينة وفلسطين 1921-1951 (1990): يركز هذا الكتاب على الفترة المحيطة بتقسيم فلسطين. وهو يتعمق في المفاوضات المعقدة التي حدثت خلال منعطف حرج من تاريخ الشرق الأوسط.
2. الحرب والسلام في الشرق الأوسط: تاريخ موجز (1995): يقدم هذا الكتاب نظرة عامة موجزة وشاملة للتطورات السياسية والعسكرية في الشرق الأوسط منذ أوائل القرن العشرين وحتى التسعينيات.
3. الجدار الحديدي: إسرائيل والعالم العربي (2000): أحد أكثر أعمال شلايم تأثيرًا، "الجدار الحديدي"، حيث يتعمق في التحليل والنقد لسياسات واستراتيجيات الصراع العربي الإسرائيلي منذ أوائل القرن العشرين وحتى الوقت الحاضر.
4. أسد الأردن: حياة الملك الحسين في الحرب والسلام (2007): في هذه السيرة الذاتية، يقدم شلايم نظرة متعمقة لحياة الملك حسين. إذ يستكشف الكتاب قيادته وحكمته، ودوره في الصراعات الإقليمية، وجهوده في التعامل مع تعقيدات سياسة الشرق الأوسط.
أما الصحفية أميرة هاس Amira Hass، فهي صحفية إسرائيلية معروفة بتغطيتها الواسعة للقضايا الفلسطينية. عاشت هاس في الضفة الغربية وقدمت منظورًا فريدًا لمعانات الحياة اليومية للفلسطينيين تحت الاحتلال، فسلطت تقاريرها الضوء على الجانب الإنساني من الصراع. إليكم بعض أعمالها الرئيسية:
1. شرب البحر في غزة: أيام وليالي في أرض تحت الحصار(2000): هذا الكتاب عبارة عن مجموعة من المقالات والتقارير التي كتبتها من قطاع غزة خلال الأيام الأولى للانتفاضة الثانية. وهي تقدم روايات مباشرة عن الحياة تحت الحصار.
2. تقرير من رام الله: صحفي إسرائيلي في أرض محتلة (2003): في هذا العمل، تتأمل أميرة هاس تجربتها كصحفية إسرائيلية تقدم التقارير من رام الله في الضفة الغربية.
أما جدعون ليفي Gideon Levi، كاتب عمود في صحيفة هآرتس اليومية الإسرائيلية ومؤلف إسرائيلي بارز، معروف بموقفه النقدي تجاه السياسات الإسرائيلية، مع التركيز بشكل خاص على حقوق الإنسان والعدالة والاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية. دعا ليفي باستمرار إلى إنهاء الاحتلال وإعادة تقييم الإجراءات الإسرائيلية في الضفة الغربية وقطاع غزة. إليكم بعض أعماله البارزة:
1. عقاب غزة (2010): في هذا الكتاب يدرس جدعون ليفي تأثير السياسات الإسرائيلية على قطاع غزة، مع التركيز بشكل خاص على السكان المدنيين. ويقدم تحليلاً نقديًا للعمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة والعواقب الإنسانية على سكان المنطقة.
2. صناعة الأكاذيب: الإعلام والأوساط الأكاديمية والصراع العربي الإسرائيلي (2019): في هذا العمل، يستكشف دور وسائل الإعلام والأوساط الأكاديمية في تشكيل تصورات الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
أما فيليسيا لانجر Felicja Langer، وهي مدافعة إسرائيلية عن حقوق الإنسان توفيت عام 2018، فحصلت على اعتراف دولي لالتزامها الثابت بالعدالة وحقوق الإنسان، لا سيما في سياق الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. وُلدت لانجر في بولندا عام 1930، ثم هاجرت لاحقًا إلى إسرائيل، حيث أصبحت شخصية بارزة وعرفت بموقفها الشجاع الداعم للقضية الفلسطينية.
انعكس تفاني لانجر في مجال حقوق الإنسان في مسيرتها القانونية وكتاباتها الغزيرة. كمحامية، إذ دافعت بنشاط عن الفلسطينيين الذين يواجهون تحديات قانونية في المحاكم الإسرائيلية، وغالبًا ما تناولت قضايا قد يتجنبها الآخرون بسبب حساسيتهم السياسية. وكان هدف دفاعها القانوني هو تحدي الظلم الذي يواجهه الفلسطينيون تحت الاحتلال، ولفت الانتباه إلى قضايا مثل مصادرة الأراضي، وهدم المنازل، والاعتقالات التعسفية.
بالإضافة إلى عملها القانوني، استخدمت كتاباتها لتسليط الضوء على محنة الفلسطينيين والدعوة إلى حل عادل للصراع. ومن أعمالها البارزة كتاب "بعيني: إسرائيل والأراضي المحتلة، 1967-1973". في هذه المذكرات، قدمت لانجر وصفًا مباشرًا للواقع الذي يواجهه الفلسطينيون الذين يعيشون تحت الاحتلال الإسرائيلي.
وبناء عليه نقول: تساهم شخصيات يهودية اسرائيلية، مثل: إيلان بابي، وآفي شلايم، وأميرة هاس، وجدعون ليفي، وفليسيا لانغر، في كشف الغموض الذي يحيط بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني في مواجهة الآيديلوجيا الصهيونية. ويعكس تعاطفهم مع القضية الفلسطينية اعترافًا متزايدًا بأن تعزيز السلام يتطلب الاعتراف بحقوق وروايات كلا الجانبين. وعلى الرغم من تعرضهم للانتقادات والاضطهاد، يواصلون جهودهم لتعزيز التفاهم والحوار وكشف معاناة الفلسطينيين، إذ تلعب هذه الأصوات دورًا حاسمًا في توسيع الخطاب الانساني تجاه الفلسطينيين، لذلك ينبغي التعرف إليهم ودراسة أعمالهم ونشرها في العالم.