banner
كتّاب جهينة
banner

لعنة الدماء ...

{clean_title}
جهينة نيوز -
لعنة الدماء ...

المقاومة بين ان تحقق لشعوبها حياة كريمة وتحرر بعيدا عن حالة الهيمنة والإحتلال والإستعمار سواء الفعلي أو الفكري ، نعم تكمن المقاومة في أنها تعكس بكل قوة بأن هناك شعب حي ، وبأنه يسعى لحريته ويحاول تحرير نفسه وأرضه وقراره ، وكم أقف عند قراره . 

قلت مرة كم أكره التوازنات ، والسياسة كلها قائمة على التوازنات بين حق وحق ، وبين حق وباطل ، وبين قوة وضعف ، وبين أخذ ورد ، هل كانت السياسة يوما إلا هذه التوازنات ، تسعى الدول للمحافظة على شعوبها وأرضها وإستقلالها وتأمين حاجاتها ، وبين حاجات أساسية وأخرى سيادية ، وقد تتخلى عن السيادية في سبيل تحقيق الإساسية من مأكل ومشرب وأمن ، ونعم لكل شيء ثمن . 

لا تقع المقاومة تحت هذه الإعتبارات ولذلك هامش الحركة عندها أكبر من هامش الحركة عند الدول ، نعم ستقع في هذه الإعتبارات عندما تصبح دولة أو تتحرر، ولكن بين ظرف وظرف يخلق الله ما لاتعلمون ، هذه القاعدة التي تعتمد عليها المقاومة دائما ، لذلك هي تسعى لإلحاق خسائر مادية وعسكري وسيادية بسيطرة المحتل المادية والمعنوية ، وتسعى لكسر هيبته وسطوته وسيطرته على الأرض ، وتسعى لخلق حالة تصبح فيها المقاومة متاحة للجميع ويسعى لها الجميع من أهل البلد ، وعندها تصبح إستنزافا حقيقيا وكابوسا للمحتل .

 طبعا كلما إقترب المحتل من نهايته كلما زادت دمويته وعنفه ووحشيته ، ولذلك ودائما تكون الخسائر في الجهة التي تقع عليها الإحتلال كبيرة وفادحة جدا ، لأن المواجهة بين مدنيين وألة حرب ، وهنا يقع المدنيين ضحايا وهنا نتكلم فعليا عن ملايين من البشر ، ولكنها ضريبة الوطن والحرية  . 

ولكن مهلا هل دفع هؤلاء الضحايا الثمن ، ثمن السكوت الأول على المقاومة فتمكن المحتل من السيطرة وبسط النفوذ ، وأصبحت مقاومته أصعب ، هل نذكر ما قامت به ليننغراد مثلا ، وتلك المقاومة حتى النفس الأخير ، أو تلك الحالة التي أخلت فيها الشعوب في روسيا موسكوا وحرقت منازلها ، ووجد المحتل نفسه في مواجهة الأرض المحروقة والبرد القارس والشعب الغاضب .

 لا أحد يستطيع سلب الحق من الشعب في المقاومة لتذهب تنديدهم وشجبهم إلى الجحيم ، ألم تقوم بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة والصين وألماينا بمقاومة المحتل ألم ترفض حكم الغالب وإستمرت في المقاومة حتى تحررت ، ثم بعد ذلك يطالبون الشعوب بإدانة المقاومة والإنصياع لأومر المحتل .

لقد دفعت الأحداث الأخيرة المنطقة بكل شيء إلى الأمام ، ونعم ثمن ذلك هو هذا الكم من الدماء والدمار للإسف ، فلن يلتفت أحد إذا كانت الضريبة قليلة ، ولكن مع ارتفاع التكلفة البشرية والدموية ، وسقطت مع هذا الإعتداء الكثير من المسلمات التي حاول الغرب فرضها وحاول الكيان فرضها ، فلا الغرب صاحب حضارة ، ولا الكيان صاحب أخلاق ، وهذه المسلمات أصبحت مدار تساؤل حتى من نفس الشعوب الغربية. 

هناك أحداث مفصلية في حياة كل شعب وكل منطقة وأحيانا كل العالم ، تحدث بعدها تغيرات تمس الكثيرين وتؤثر في الكثيرين ، ولذلك هذه الأحداث الأخيرة ، وحسب ما يرى الباحث وضاح خنفر ستكون مفصلية جدا فيما هو آت للمنطقة وللعالم ، وهذا تجد إرهاصاته واضحة تماما ، فكم التعجب والإستفسار والإستنكار والبحث والنشر والتغير في المواقف والتراجع والتعديل والكذب واضح جدا ، ولذلك ستكون لكل هذه أثارها في المستقبل . 

هل كانت الدبلوماسية العربية على قدر الحدث ، وهل إستغلت الوضع لتحقيق نتائج لصالحها ، هل كانت المنظمات الإسلامية والجامعات العربية مستعدة وقادرة على التعاطي والتعامل مع هذا الحدث ، للإسف لا أجد ما قامت به مقنعا ، ولن تكون هذه الردود كافية في إقناع الأخر فضلا عن إقناع شعوبها ، بأن هذه الأفعال كافية ، خذ ما قام به الكيان حتى يعطي صورة للمقاومة ولشعبه بما يمكن القيام به في حال الإعتداء عليه ، ومع ذلك ما زال شعبه غير راض عما قام به ويريد هؤلاء الوحوش المزيد من الدماء والدمار والقتل في النساء والأطفال والكبار . 

كان يمكن إستغلال حاجة الولايات المتحدة للعلاقات الدبلوماسية الموالية في المنطقة والحاجة إلى الهدوء في هذه المنطقة والإعتبارات المادية والإقتصادية القوية ، ومصالحها وقواعدها هي ومن تحالف معها وهذا الكيان الغاشم ، والضغط عليهم بكل الوسائل وذلك ليس دفعة واحدة طبعا ، ولكن عبر سلسلة من التهديد المرتبط بالتنفيذ ، كان يمكن إعتبار أماكن اللجوء والمستشفيات والمدارس والسكان المدنيين والماء والكهرباء والوقود والأدوية خطوطا حمراء ، وربط إستهدافها بالمصالح إعلاه ولو بقرارات تصدر عن الجامعة او منظمة العالم الإسلامي ، أما أن تطالب دبلوماسية سبعة وخمسين دولة ، ولا تقوى على فرض شيء ، فقد ظهرت بصورة سيئة أمام شعوبها وأمام العالم ، وحتى من تسعى لإرضائه .

ستبقى الدماء لعنة على المحتل وسببا في دعم وتعزيز المقاومة هذه قناعتي ، وبرغم كل الألم فما حدث كان كبيرا وما هو متوقع حدوثه بعد هذه الأحداث هو أكبر ، والأمم الحية لا تلتفت إلى عدد الضحايا والخسائر المادية ، ولكن تتجه نحو الهدف وتسعى بكل قوتها لتحقيقه ، فلن يكون التحرر منحة من دبلوماسية غربية ولا عربية ولا إسلامية للإسف ، ولكنه سيكون ثمن لضريبة مرتفعة جدا قدمها الشعب ، وسعى لها بكل قوته ، عندها تهون الدماء والخسائر في سبيل الهدف . 

إبراهيم أبو حويله ...
تابعو جهينة نيوز على google news