banner
كتّاب جهينة
banner

سنمار والمنهج ...

{clean_title}
جهينة نيوز -
أبراهيم أبو حويله


قصة المعماري الذي بنى القصر ووضع فيه حامل واحد إذا إزيل من مكانه ينهدم القصر كاملا ، وعندما تم الانتهاء من بناء القصر ، علا الملك وهذا المعماري ويقولون أن أسمه سنمار ، قام الملك بدفعه من أعى القصر ليخر صريعا .

إن صناعة الإنسان هي فن وصناعة الساسة هي خبث ودهاء ومكر ، وربما القصة ما زالت تتكرر بأشكال مختلفة حتى اليوم .

يحدث التاريخ أن أحد أمراء القبائل كان يسعى للحكم بأي شكل ، وقد حاول مرات عديدة كما حاول أجداده من قبله الوصول إلى الحكم ، وكان يفشل في كل مرة إلا بالإحتفاظ بشيخة قبيلته وما حولها ، وهو كان يسعى للوصول إلى حكم القبائل التي كانت حوله ، بل حتى كان يسعى لحكم المنطقة كاملة .

في الفتن والثورات تستطيع هذه الفئة أن تبحث لنفسها عن مكان ، فهي قادرة على تقديم كل ما لا يستطيع غيرها أن يقدمه ، وكيف إذا إستطاع هذا ان يقنع أحد رجال الدين بأن يكون معه ، وأن تلبس هذه الدعوة لباسا دينيا ، أو إستطاع رجل الدين هذا الذي يبحث عمن يتولاه وينفق عليه ويحميه ، أن يوظف الدين ويشكله ليكون في مصلحتهما معا ، ويتقاسما السلطة الدينية والدنيوية ، عندها يستطيع الشيخ أن يتصرف بإسم الدين ، ويتحرك بإسم الدين ، ومن يعارضه فإنما يعارض الدين ، وكيف إذا كان هذه الداعية قادر على التلاعب بالمفاهيم والكلمات للوصول إلى قلوب العامة ، بأن هدف الدعوة هو التصحيح مسار الدعوة وتصويب مفاهيمهما ، ولكن الذي حدث هو تصويب في الشكل وهدم في القواعد .

منذ فترة وأنا أتوه فكرا في هؤلاء الرجال ، في هذه الفئة التي تلبس لابس الدين وتسعى لهدمه من قواعده ، وهذه ليست ظاهرة خاصة بدين عن أخر ، ففي كل الأديان التي أنزلها الله إلى هذه الأرض لتجعل الإنسان عبدا لله ، كان هناك من يدعي ، ويسعى من خلال إدعائه لحرف الناس عن عبادة الله إلى عبادة غير الله .

ويسعى لوضع القواعد وحرف النصوص التي تعبد البشر لخالقهم ، وجعل هذه القواعد في مصلحة هذا أو ذاك ، وهل إنحرفت الدعوات وضاع البشر في دروب الحياة إلا بسبب هؤلاء الذين يفهمون النصوص كما يريدون ، ويقومون بلي عنق النص كما يشاؤون ، وكل ذلك في سبيل مصالح فانية ، ومن أجل دنيا زائلة ، يجلعون الناس تكرهوها وهم يسعون إليها .

من يسعى لإحتلال أمة يبحث عن هؤلاء ، ومن يسعى لهدم عقيدة يبحث عن هؤلاء ، ومن يسعى للتحكم بأعناق البشر يبحث عن هؤلاء ، ولذلك من ثمارهم تعرفهم ، إذا رأيت الرجل يدعوك لله ويسعى لأن تكون عبدا لله ، لا تخاف في الله لومة لائم ، ولا سلطان عليك إلا سلطان الحق ، ولا تخضع إلا لأمر الله فهذا هو الدين ، نحن قوم إبتعثنا الله لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده ، فإذا كانت الدعوة خلاف لا إله إلا الله محمد رسول الله فهي دعوة باطلة.

كان من كان من يدعو إليها ، فالله لا يريدك عبدا لأحد ، حتى لو وصل الأمر إلى قتلك لا تخضع لأحد ، ومن يريد أخضاعك ، فأعلم تماما أنه يريد حرفك عن الحق ، وجعلك عبدا لغير الله .

نعود إلى صاحبنا الذي إستغل من يسعون لإحتلال المنطقة وتعاون معهم على شرط مده بالمال والسلاح والسلطة ، وإن يكون طوع امرهم ، وصاحبنا هذا يعلم تمام ، أن في المنطقة حكاما وأمراء وولاة ، ولكنه يسعى لشيء من هذا ، يعني انقلاب على ولاة الأمر وهو يسعى له .

فوظف الدعوة ورجلها ، والرجال الذين معه ، وقدم عرضا لهذه الفئة التي جاءت تحتل هذه الأرض وتقسمها كيف تشاء ، بأنه قادر على تحقيق نصر وقادر على تنفيذ خطتهم ، وهو لا يريد شيئا سوى هذه المنطقة التي هو فيها ، وهم يستطيعون أن يأخذوا كل شيء .

وهذا الأمر بخلاف الولاة الأخرين الذين كانوا يريدون رفع الظلم نعم ، ويريدون التعاون مع هذا القادم من خارج المنطقة نعم ، ولكن بحدود ، هم سيقدمون تنازلات تتعلق بشكل الحكم ، وتتعلق ببعض الثروات ، وتتعلق بالتعاون ، ولكن بشروط .
 
وهكذا وجد صاحبنا هذا الفرصة ، ووجد الدخيل الرجل المناسب الذي يضرب به اهل المنطقة بعضهم ببعض ، وكان لصاحبنا ما يريد ، فأنعم عليه هذا القادم من الخارج بالمال والسلاح والدعم ، وحاز على مايريد بشرط أن يتنازل عن باقي الكعكة ، وهذا ما كان .

وما أن إستطاع صاحبنا أن يتخلص من المنافسين ، حتى شرع هو ورجل الدين على صياغة أمور في الدين تمنع غيرهم من أن يصل إلى ما وصولوا إليه ، وهنا لا أدري لماذا تذكرت قصة سنمار مع ملكه ، وكيف أن الملك ما أن تم بناء القصر واخذ ما يريد ، أراد أن يقضي على سنمار .

نعم هذا المنهج الذي أوصله إلى ما يريد أراد أن يزيله نهائيا ، وأراد الناس عبيدا له ، وأعانه على ذلك صاحبه بأن وضع له من الأسس ما يريد .

أي منهج لا يسعى لتحرير الإنسان وبناء الإنسان ورفعة الإنسان ويريدك عبدا لغيرك ، أعلم تماما بأنه ليس منهجا ربانيا ولا يمت للربانية بصلة .

مجرد رأي ...



تابعو جهينة نيوز على google news
 
Email : info [at] johinanews.com
 
تصميم و تطوير