قانون مهنة المُحاسبة مبادئ رئيسية مفقودة أو ضعيفة
د.أنور الخُفّش
تابعت بإهتمام الخبر المنشور على الموقع الإلكتروني لمجلس النواب بتاريخ 28/12/2022"واصَلت اللجنة القانونية النيابية، خلال إجتماع عقدته اليوم الأربعاء، برئاسة رئيسها النائب سعادة الدكتور غازي الذنيبات المكرم ، مُناقشة مواد القانون المؤقت رقم 73 لسنة 2003 قانون تنظيم مهنة المُحاسبة القانونية". ولم تنشر أي من المُقترحات التعديلية على قانون المهنة المؤقت من مجلس الإدارة للجمعية أو من الهيئة العليا للمحاسبة واللجنة القانونية والجهات الرقابية الحكومية، وغياب ملحوظ لدور هيئة النزاهة ومكافحة الفساد ونقابة المحامين وأخص بالذكر المحامي الأستاذ راتب النوايسة المحترم الذي يمتلك كثير من المعلومات والخبرة القانونية في متابعة كثير من القضايا في المحاكم المختصة والثغرات في القانون المؤقت المعمول به وكذلك الإنحرافات في تطبيقه منذ عام 2003 حتى يومنا هذا .
من تجربتي الشخصية ، أستطيع أن أقول في غياب المقترحات الغير معلن عنها وإستنادا لتجربة الأردن في هذا المجال التي تحتاج الى إعادة النظر في التجربة ، كون مضمون القانون المؤقتمبادئ رئيسية مفقودة أو ضعيفة ، طالما رئاسة الوزراء أقرَّت مشروع القانون وأحالته الى مجلس النواب لدراسته وإقراره ، أتقدَّم بتساؤلات مستحقَّة ، كما ونصت المادة (17) من الدستور على أن: ( للأردنيين الحق في مخاطبة السلطات العامة فيما ينوبهم من أمور شخصية أو فيما له صلة بالشؤون العامة بالكيفية والشروط التي يعينها القانون ) حيث بعثت بعدة رسائل الى رؤساء الحكومات منذ حكومة دولة الدكتور عبدالله النسور المحترم ، والتي سأتناولها في مقالات لاحقاً.
لنبدأ في هذا المقال بتساؤلات هل تم تعديل القانون المؤقت ليقدم الإجابات من حيث لزوم التعديل؟ السؤال الأهم من يدير مهنة تدقيق الحسابات ، ومن هي المؤسسة التي تُنظِّم مهنة تدقيق الحسابات، ومن يراقب أعمال مدققي الحسابات ، ومن الجهة الحكومية التي تراقب أعمال مجلس إدارة الجمعية ، وهل أعمال لجنة الترخيص الحكومية برئاسة لجنة الترخيص هي من تُصدر شهادات مزاولة المهنة وتعمل على تجديدها وفقا للقانون ، وأين ملفات مدققي الحسابات المجازين أليس مكانها الطبيعي لجنة الترخيص الذي يرأسها رئيس ديوان المحاسبة؟ إنها ليست موجودة لدى الدائرة القانونية لديوان المحاسبة ، علماً أنني أرسلت خطابات حول قاعدة المعلومات الخاصة بترخيص مدققي الحسابات التي كانت محفوظة لدى ديوان المحاسبة وتجدِّد رخص المزاولة من قبلهم ، وخلال إتصال مع رئيس ديوان المحاسبة أعلمني حسب الأصول والقانون يجب أن تكون في الدائرة القانونية في ديوان المحاسبة وطلب مني التواصل مع مدير الدائرة القانونية ، الذي كانت إجابته كالصاعقة بأنها ليست موجودة لديهم ، وأرسلت نفس الخطاب الى كل من وزير الصناعة والتجارة بصفته رئيس الهيئة العليا للمحاسبة ومجلس إدارة جمعية مدققي الحسابات ولم يتم الرد على خطاباتي حتى تاريخ إعداد هذا المقال ، هل يجوز أن تتنازل مراقبة الشركات عن الإحتفاظ في قاعدة البيانات للسجلَّات التجارية وتراخيص الشركات الخاصة والعامة وتحتفظ به غرف التجارة والصناعة . هل القانون الجديد عالج هذه الإختلالات القانونية أم لا؟
هل فعلاً التعديلات على القانون المؤقت إلتزمت بمعايير التدقيق الدولية ودليل قواعد السلوك الأخلاقي للمحاسبين المهنيين وكذلك المعايير الدولية لرقابة الجودة والتدقيق والمراجعة وعمليات التأكيد الصادرة من الإتحاد الدولي للمحاسبين ، تطبيقا لقواعد ومعايير التدقيق الدولية الاجابه لأ ، والأهم هل الفريق الحكومي من أمين سر الهيئة العليا ورئيسها وأعضائها وديوان التشريع والفريق الحكومي على معرفة تامة بهذه المعايير وقواعد الحاكمية الرشيدة في كل من تنظيم وإدارة أعمال مهنة التدقيق ؟ أم تم الإسترشاد بمؤسسة دولية مستقلة بعيداً عن تضارُب المصالح.
هل تم تعديل الماده 6-ب يختار الوزير أمين سر للهيئة يتولى تنظيم إجتماعاتها وتدوين محاضرها وحفظ قيودها وسجلاتها ومتابعة تنفيذ قراراتها لتصبح الهيئة عمل مؤسسي متكامل وتفعيل وتعزيز الدور التنفيذي للهيئة العليا لمهنة المحاسبة وتعليمات وشروط مفروضة على مدققي الحسابات من قبل مجلس اداره الجمعيه ، هذا المشروع تَقدَّمت به لدولة الدكتور عبدالله النسور الذي أولى إهتمام بالغ من حيث الموضوع والزمن حيث تَلقَّيت إتصال من مدير مكتبه في حينه وأبلغني أن تعليمات دولته بأنه سيتم ترتيب إجتماع لي لشرح وجهة نظري مع معالي وزير الصناعة والتجارة وكذلك معالي رئيس هيئة الأوراق المالية تمت الإجتماعات ، وكانت وجهات النظر الإصلاحية مُتوافق عليها ، وتم بحثها في إجتماع الهيئة العليا ، وتَلقَّيت دعوة من رئيس ديوان المحاسبة في حينه بأنه تم القرار بتفويضه بتشكيل لجنة برئاسته وأنا شخصياً أحد أعضاؤها ، طبعاً هناك من أغفل القرار عن قصد أو إهمال . أدرج أدناه خطابي مع المشروع الى :
دولة الدكتور عبدالله النسور، رئيس الوزراء الأفخم التاريخ : 13/11/201
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بكل الإحترام
عطفاً على الاجتماع المنعقد مع معالي رئيس الهيئة العليا للمحاسبة معالي وزير الصناعة والتجارة بتاريخ 10/11/2014 يسعدني أن أرفق لدولتكم نسخة من الخطاب المقدَّم الى معالي وزير الصناعة والتجارة بصفته رئيس الهيئة العليا للمحاسبة بخصوص الدعوة لتعزيز الدور التنفيذي للهيئة العليا للمحاسبة لأهمية أهدافها في حماية المال العام والإقتصاد الوطني.
إن مضمون المقترحات المقدمة هي إقتداء بخطوة جلالة الملك عبدالله الثاني المعظم حفظه الله ورعاه بتشكيل اللجنة الملكية لتعزيز منظومة النزاهة الوطنية . أن التوجيه الملكي السامي للجنة تناول تعزيز دور الجهات الرقابية وقدراتها تشريعاً وتنظيماً وضرورة إصلاح الأنظمة الإدارية لتقوم بدورها الوقائي بحيث تحافظ على المال العام وحماية الإقتصاد الوطني وتعزيز الشفافية ومبدأ المسائلة والمحاسبة وإطلاق القيم المؤسسية والضوابط الأخلاقية وأهمها العدالة والمساواة وسيادة القانون .
أتمنى أن أكون قد وفقني الله بتوضيح الإطار القانوني والتنظيمي والإداري الذي يحكم عمل الهيئة العليا للمحاسبة القانونية وأن يوفقنا الله في خدمة الإقتصاد الوطني وخدمة الوطن والملك في ظل قيادة صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني المعظمحفظه الله ورعاه أدام الله عليه تمام الصحة والعافية ودام عزه وملكه اللهم آمين . (انتهى نص الخطاب)
لمن يهمه الأمر، أليس من الضرورة بمكان في التعديل للقانون بالتوجُّه لتفعيل الدور التنفيذي للهيئة العليا للمحاسبة القانونيةلتعزيز الدور الحكومي كسائر الدول في العالم السعودية مثلاً لتصبح لجان التفتيش والتحقيق ولجنة مراقبة جودة الأداء المهني من ضمن لجان الهيئة العليا للمحاسبة القانونيه وليس لجان يشكلها مجلس إدارة الجمعية كون سيرورة العمل والحالي لا يخرج كونه انتقامياً ورعاية مصالح فئوية وتعزيز حالة الاحتكار مخالف لأحكام القانون العام وكذلك العهد الدولي الخاص بالحقوق الإقتصادية والإجتماعية والبروتوكول الخاص به ، كما أنه من الضرورة تحديد وتوصيف المخالفات والعقوبات الموجبة لكل مخالفة بشكل صريح وواضح وإستكمال إقرارها ضمن أحكام قانون المهنة وليست وفق إجتهادات شخصية أو عقوبات عامة غير موصوفة .
الضرورة تستوجب توحيد المرجعية المُناط بها مراقبة جودة عمل المدققين وفق معايير الجودة المهنية ومعايير السلوك المهني الصادرة عن مجلس معايير السلوك الأخلاقي الدولية للمحاسبية IFAC) (والتي يجب أن تتوافر بهذه اللجنة (لجنة مراقبة جودة الأداء المهني) المعايير والشروط التالية:
1. معايير الموضوعية: إيجاد دليل قواعد السلوك المهني والدليل المهني لمراقبة أعمال المكاتب والمحاسبين القانونين كما تحديد وتوصيف المخالفات والعقوبات المقابلة لها .
2. معيار الإستقلالية: يجب ضمان إستقلالية أعضاء لجنة مراقبة جودة الأداء المهني من لجان تأديب وتفتيش .
3.معيار عدم تضارب المصالح: يجب أن تتوافر بأعضاء لجنة مراقبة جودة الأداء المهني ولجان التأديب والتفتيش عدم تضارب المصالح مع العملاء ومقدِّمي الخدمة المحاسبين القانونين.
مما تقدَّم فإن مشروع الممارسة وفق القانون المؤقت يتعارض بالشكل والجوهر مع إلتزامات الأردن الدولية بموجب أحكام إتفاقية الإنضمام لمنظمة التجارة العالمية بقطاع الخدمات من أهمها مبدأ حرية النفاذ للأسواق وقانون التنافسية ومبدأ عدم فرض قيود على مقدمي الخدمة وكذلك تعزيز وحماية إستقلالية المحاسب القانوني وأحكام قانون تنظيم مهنة المحاسبة القانونية وقانون الشركات ، إن أحكام قانون الشركات المساهمة العامة وأحكام قانون هيئة الأوراق المالية تنص على عقوبة رادعة بحق أي محاسب قانوني أقدم على جُرم المشاركة في إخفاء معلومات أو تقديم بيانات مالية مضللة وأن العقوبات التأديبية المقدمة بموجب تعليمات هيئة الأوراق المالية مخففة ، إن إحالة المرتكب الى القضاء من قبل مراقبة الشركات وهيئة الأوراق المالية هو الرادع وتعزيز مبدأ المسائلة والمحاسبة هو الحل وتفعيل دور الهيئة العليا للمحاسبة التنفيذي يوفر بيئة إستثمارية جاذبة يرفع من تصنيف ويزيد من درجة الثقة في سوق عمان المالي.
لماذا لم يحاسب مدقق الحسابات فيما يخص ملفات التهرُّب الضريبي والجمركي التي أعلن عنها من الحكومة الأردنية التي تجاوزت مئات الملايين ، طالما مدقق الحسابات يرخِّص لنفسه ويراقب أعمال التدقيق بنفسه بالخصوص أعضاء مجلس الإدارة واللجان .
كما أنني بادرت وأرسلت نسخة الى مجلس النواب وكذلك الى رئيس لجنة الإقتصاد والإستثمار للحديث بقية ، والله ولي التوفيق.
الرئيس التنفيذي / مرصد مؤشر المستقبل الإقتصادي
anwar.aak@gmail.com