banner
كتّاب جهينة
banner

رحلة الاستثمار … هل نرى إشراقة؟

جهينة نيوز -

حين تذكر كلمة رحلة يتبادر الى أذهاننا وخيالنا ونحن من ذاك الجيل السفينة والقبطان، البحر والامواج، الدفة والسارية، وبنهاية النظر والمطاف نتخيل اليابسة التي بها بر الأمان. أي أن خوض هذه الرحلة يتخللها الكثير من الصعاب والتحديات، بها الكثير من التعب والجد، بها الكثير من الإخفاقات والنجاحات، يحوطها العديد من عوامل المد والجزر. والاهم بها دروس وعبر تترسخ في التعاون والمشاركة، بالحزم والتراخي، بالعقاب والثواب. إذن هي مسار من مكان الى مكان للوصول الى بر الأمان، فلنعود الى الواقع ونترك الاحلام…
الواقع أننا نحتاج الى رحلة للإصلاح وبكل ما تحويه من معنى حتى نصل الى بر الأمان. أمر سيد البلاد المضي قدما بالإصلاح وجهته ثالوث مكون من إصلاحات سياسية واقتصادية وإدارية ترسم معالم المستقبل، مسار يحتاج الى التنفيذ السليم فهو الطريق الى الخلاص. أولها خطة التحديث السياسي وترجمت بإصدار القوانين الناظمة لها وعلينا أن ندرك تماما ما وجه به سيد البلاد، وثانيها رؤية التحديث الاقتصادي والتي شارك بها الجميع وأدلوا بدلوهم، فها هي أصبحت واقع حال وعلى مسار التنفيذ، وثالثها وأهمها خارطة طريق تحديث القطاع العام وهي الان مطروحة للحوار، ولا يمنع أنها في مواجهة قوى الشد العكسي لان المطلوب الوصول الى توائم بين الماضي والحاضر لنصل الى مستقبل أفضل، فلن يكون مسارها سلس ولكن لنعمل جميعا لخلق مفهوم الرفعة للوطن والمواطن ولإشراقة مستقبل أفضل.
رحلة الحوار وهذا هو شعار المرحلة. فلم يسبق أن خاضت خطط وبرامج وقوانين وإصلاحات حوارات بزخم ما نراه اليوم، ودعونا نتحدث عن رحلة حوار الاستثمار. طرحت الحكومة قانون تنظيم البيئة الاستثمارية للحوار ويقوده من جانبها الفريق الوزاري الاقتصادي بقيادة وزير التخطيط ونرى كل يوم خطوة مشرقة أساسها الحوار. ويتصدر اليوم رئيس لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية وأعضائها سلسلة حوارات تتخللها محطات لقاء مع الفريق الوزاري، أي حوارات وتغذية راجعة وبناء تدرجي وتعديلات ممنهجة لترجمة مفهوم أهمية المشاركة والحوار للوصول الى مسار يأخذنا الى إشراقة.
المثالية ضرب في الخيال فلا نريد أن نعيش بعيدا عن واقع الحال لان هناك تراكمات تركيبتها معقدة وكنا نحن جزءا منها سواء رضينا أم اعترضنا، لأننا وبطبيعة الحال بشر نؤثر ونتأثر والعاطفة تحكمنا في الكثير من أمورنا وعلى حساب المنطق. عمل التوازن بين الماضي والحاضر والمستقبل رحلة بها الكثير من المد والجزر ولكن الأهم إصرارنا الى الوصول الى إشراقة، فهذا يضعنا في مسار مستقبل واعد. أدوات إدارة الدفة متوفرة اليوم فعلى الرغم من التحديات الاقتصادية العالمية وما نشهده اليوم من عدم اليقين لدينا فرصة.
فالأردن وعلى الرغم من كل ما يحدث في العالم والاقليم يتحرك للأمام ومن يعتقد غير ذلك عليه أن يبحث ويتثقف أكثر. اقتصاديا ورغم محدودية مواردنا ارتفعت ارباح الشركات الأردنية المدرجة في السوق المالي في 6/2022 الى 1.3 مليار دينار بنسبة نمو 139% مقارنة مع نفس الفترة من عام 2021 وارتفعت قيمتها السوقية لتتجاوز 19 مليار دينار وهي أقل بكثير من حيث القيمة الفعلية. الصادرات الكلية زادت بنسبة 48% للثلث الأول من العام لتصل الى 2.7 مليار دينار، موجودات البنوك وصلت الى 62 مليار دينار والودائع تخطت 41 مليار دينار، وأما عن التسهيلات فقد تجاوزت 31 مليار دينار وهذه ضخت في الاقتصاد سواء للشركات أو الافراد أو حتى للحكومة. الاحتياطيات من العملة الأجنبية تجاوزت 17 مليار $. الصندوق الاستثماري الوحيد في الأردن والمتمثل في صندوق استثمار أموال الضمان تجاوزت موجوداته 13 مليار دينار وأرباحه تجاوزت 370 مليون دينار كما في 6/2022. المخزون الغذائي تجاوز 12 شهر، وأما عن الخدمات فليس هناك مكان لا تصله الكهرباء وشبكات الاتصال الهاتفي والخلوي والانترنت تصل الى كل مكان ولكل فرد ، وأما عن محطات الوقود فهي في كل مكان ولا تحتاج أي مركبة للانتظار لتعبئة خزانها فالمخزون متوفر دائما. كل هذا وأكثر يأخذنا الى مستقبل به إشراقة … فأين نحن وهذه الاشراقة؟
لدينا تحديات؟ نعم … هناك إخفاقات؟ بالتأكيد … قوى شد عكسي؟ حدث ولا حرج… نحن نواجه شبح البطالة فقد قاربت النسبة على 23% ولكن لدينا مخزون ضخم من الشباب الفتي الواعد وهناك دول تتمنى أن يكون لديها نصف هذا المخزون. نحن نواجه شح في المياه ولكن فاقد المياه تجاوزت نسبته 40% نصفه نحن السبب فيه. نحن نعاني من الترهل الإداري وأصبح همنا الأكبر ولكن نحن السبب في جزء منه وعلى حساب الكفاءة. فلو ربطنا مخزون الشباب الواعد بخطة تحديث القطاع العام وربطناها بالرؤية الاقتصادية وطوعنا التكنولوجيا لخدمة تطويره سنصل الى حال أفضل من حال. لقد قالها لي خبير في الذكاء الاصطناعي وأدوات إدارة المستقبل أن الحل الوحيد للخروج من الترهل والبيروقراطية هو استخدام الذكاء الاصطناعي على المستوى الاستراتيجي والتكتيكي والعملياتي ، فهذا يحسن العقول وينظم العمليات ويطور الكفاءات ويشغلها ، وأن استخدام التكنولوجيا يزيد من التشغيل وخلق فرص العمل وليس العكس كما يعتقد الكثيرون لان هذه الأدوات تحسن المنظومة كاملة في كافة القطاعات وتأخذها الى كفاءة التشغيل وبهذا يحسن هويتنا المؤسسية الدولية ويحسن منتجاتنا لنفتح أسواق عالمية أكثر والاهم يخلق التنمية الشاملة ويعظم هويتنا التي هي تذكرة العبور والمتمثلة بالخدمات وهذه يجب أن تكون شعارنا.
رحلة الاستثمار ليست فقط بقانون ولا بتشريع، رحلة الاستثمار تحتاج الى أدوات، تحتاج الى إصرار، تحتاج الى كفاءة، تحتاج الى حزم، تحتاج منا أن نقبل بأن نخوض رحلة الأمواج ونتحدى الصعاب، نتعاون ونتحاور، نتجاذب ولا نتعاند، ننظر الى الامام برفعة … فلعلنا نرى إشراقة.
حمى الله الوطن قيادة وشعبا وأدام الله علينا نعمهm@alqaryouti.com.

 
تابعو جهينة نيوز على google news