حسين الجغبير يكتب: ارتفاع الأسعار.. ما حك جلدك مثل ظفرك
ما تزال معادلة ارتفاع الأسعار لمختلف السلع والخضار والفواكهة مثار دهشة واستغراب معظم الأردنيين حيث يدفع المواطن ضريبة عدم فهم هذه المعادلة التي تتعدد أطرافها والجهات المسؤولة عنها، فيما يعيث بعض التجار والسماسرة عبثا في الأسواق.
الحكومة التي تعهدت بالعين الحمراء تعمل على خجل، رغم الحديث عن زيادة الزيارات التفتيشية الميدانية، التي للأسف لم تشكل ردعا حقيقيا لكل من تسول له نفسه العبث بالناس، إذ شمل الارتفاع كافة أشكال السلع التموينية والخضار والفواكهة، وبشكل كبير أتى على دخول الناس وقدراتهم على التزود بأبسط الالتزامات المعيشية.
تشعر وأن تجوب الأسواق أنك وسط فوضى عارمة، ويحاول الشيطان أن يقنعك أن هناك مؤامرة ضد المواطن، فليس من المعقول أن الاسعار تواصل ارتفاعها أمام أعين الحكومة والمسؤولين، دون خوف أو وجل من التجار.
لا شك أن لا هيبة للحكومة ولا تؤخذ تحذيراتها ووعيدها بمحمل الجد، وبصراحة أكثر فمن حق العابثين بالأسعار في الأسواق أن لا يكتروثوا بكل ما تقوله الحكومة، فعلى أرض الواقع نسمع جعجعة ولا نرى طحنا، ولو كان هناك أجراء رسمي حقيقي لما تجرأ تجار بالاستمرار بهذه المهزلة.
لكن هل نحمل الحكومة والتجار وحدهم مسؤولية حالة الغلاء التي نعيشيها؟ بالتأكيد لأ، فهناك طرفا آخر أكثر تخاذلا وسلبية ولا يملك موقفا بطوليا، إذ أن تعاطي المواطنيين مع هذه المسألة لا يتعدى الاحتجاج بالكلام على مواقع التواصل الاجتماعي والجلسات العائلية، فيما نجدهم يسارعون لشراء سلع شهدت ارتفاعا في أسعارها. وهذا أيضا يشجع التجار على الاستمرار في رفع الأسعار.
لو كل مواطن امتنع عن شراء أي سلعة شهدت زيادة في السعر غير منطقية أو معقولة، لدفع التجار إلى التراجع عن أي قرار يتخذونه ويهدف إلى زيادة أرباحهم على حساب المواطن. لن يضيرنا شيئا الاستغناء عن بعض السلع، لن نموت أو نجوع، بل سيتألم التاجر المتخاذل. بصراحة لسنا بحاجة لهبة حكومية مصطنعة غير حقيقية هدفها تخدير الناس. كل ما نحتاجه موقفا شعبيا يحمل رسالة قوية لكل العابثين بالأسعار.
نفهم أن حربا دولية كتلك التي بين روسيا وأوكراينا قد تؤثر على بعض السلع، لكن حتما هذا التأثير لن يكون بهذه السرعة، وهذا الحجم، وهذه الشمولية، خصوصا وأن وزارة الصناعة والتجارة ما انفكت عن التأكيد المستمر بشأن المخزون الكافي في الأردن ولأشهر عديدة، فيما مستودعات التجار مليئة بالبضائع التي استوردت بأسعار ما قبل الحرب الأوكرانية.
من جديد يقع المواطن فريسة تهرب كل الأطراف من مسؤولياتهم، والحقيقة ما تزال غائبة، والاجابة على سؤال من هو المسؤول المتخاذل، ستبقى مجهولة، وغير معروفة. وبالنهاية كما ذكرت، فالمعركة تبدأ من المواطن، وتنتهي عنده، فكما يقول المثل "ما حك جلدك مثل ظفرك".