حسين الجغبير يكتب : وزير الصحة.. هؤلاء بشر!
جهينة نيوز -لا شك أن قصة الأطفال الذين فقدوا أرواحهم بسبب أخطاء طبية في مستشفيات أردنية ستمر بعد أيام مرور الكرام، وتغدو كما سبقتها من حالات عبارة عن أحداث شهدها قطاعنا الصحي لا أكثر ولا أقل، وكأن أرواح هؤلاء مجرد أخبار يتم تناقلها في الإعلام وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، وخلال أحاديث الناس.
ستمر القصة بلا حساب أو إجراء قانوني بحق مرتكبيها، والقضاء سينظر بالمسألة التي ستطول وتطول قبل أن يعلن أي قاضي حكمه بالأمر، في الوقت الذي تكون فيه مستشفياتنا قد شهدت حالات مشابهة!
قانون المسائلة الطبية جلس سنوات طويلة في أدراج المسؤولين، ولم يطبق من بنوده أي شيء بحق مرتكبي الأخطاء الطبية، والضحية دائماً الأهالي ممن باتوا لا يثقون بمنظومة القطاع الصحي العام، وهم في ذات الوقت مجبرين على العلاج به جراء أوضاعهم المالية الصعبة التي لا تسمح لهم بتلقي العلاج في مستشفيات القطاع الخاص.
ملايين الدنانير تخصصها ميزانية الدولة للقطاع الصحي، ورغم ذلك إلا أن هذا القطاع بات يعاني كثيراً جراء نقص الكوادر الطبية وضعف البنية التحتية في عدد من المراكز الصحية، ناهيك عن زيادة أعداد المراجعين، وكل ذلك أربك المنظومة وأتى على سمعة دولة كانت منارة السياحة العلاجية في المنطقة والعالم أجمع.
لا يمكن فهم تكرار هذه الأخطاء الطبية، صحيح أنها واردة في جميع أنحاء العالم كما قال وزير الصحة في تصريح له تعقيباً على وفاة طفلة مستشفى البشير، لكن هناك يا معاليك مسؤولية أخلاقية ما دامت الحكومة تعطل المسؤولية القانونية، وهذه المسؤولية تحتم على القائمين على القطاع الصحي إتخاذ قرارات شجاعة، فأرواح الناس ليس رخيصة، والأردنيون ليسوا فئران تجارب.
اليوم مراكزنا الصحية تعاني من عدم وجود أطباء اختصاص، وقِدم الأجهزة أو نقص بها، وأغلبها يشهد ازدحاماً كبيراً على شباك حجز المواعيد، ومستشفياتنا تحتاج إلى إعادة بناء من جديد على صعيد البنية التحتية، والكوادر البشرية، ممن يلجؤون للعمل في القطاع الخاص أو السفر إلى الخارج كونه أكثر جدوى مالية وهم محقين بذلك.
معظم الوزراء الذين استملوا حقيبة الصحة لم يقدموا ما هو مطلوب منهم، فكان عملهم من وراء مكاتب دون النزول إلى الميدان، ومن فعل ذلك لم يتخذ بعد زيارته إجراءات تحل المشاكل العالقة منذ سنوات. الزيارات تكون وهمية.
مات الأطفال جراء إهمال وتقصير قطاعنا الصحي العام، وهذه الحادثة لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة لا قدر الله إن كانت إدارة هذا الملف تتم بهذا الشكل، وقد سئمنا الحديث في ذات الاتجاه والأفكار، دون أن نسمع إجابة واضحة. ربما نحتاج إلى من يزج به بالسجن حتى يتعظ الآخرين، أي نحتاج إلى تفعيل قانون المسؤولية الطبية كونه الرادع الوحيد لدفع الأطباء على التعامل مع الناس على أساس أنهم بشر.