حميد سعيد ومعلقته البغدادية في كتاب للناقد ضياء خضير
صدر عن دار دجلة – ناشرون وموزعون، في العاصمة الأردنية عمان، كتاب نقدي جديد للناقد العراقي الدكتور ضياء خضير بعنوان (المعلّقة البغدادية... محاولات في تحليل قصائد حميد سعيد)، تناول فيه 12 قصيدة من دواوين متعددة للشاعر، بالنقد والتحليل.
وكان الناقد خضير قد أنجز كتاباً سابقاً عن الشاعر سعدي يوسف، وفكر في بدء العمل بهذا الكتاب عن حميد سعيد، جارياً فيه على منوال المنهج الذي اتبعه في الكتاب السابق.
يقول خضير إنه أنجز كتابه الجديد "مدفوعاً بحبي القديم لهذا الشاعر وإعجابي بقصائده الجديدة الحافلة بالغنى والعذوبة والنغمة الوجدانية المحاصرة بالكلمات، التي تتخطى الحاضر لتنقلنا، بخيالها وصورها المحلقة واحتدام إيقاعاتها، إلى خارج حدود الواقع، وتضعنا أمام مواجهة وجدانية قاسية مع النفس والتاريخ القريب والبعيد".
وجاء أسم الكتاب (المعلقة البغدادية) من قصيدة للشاعر بعنوان (رؤى بغداد) عدّها خضير (معلقة حميد سعيد البغدادية)، إذ وصفها بأنها "ألّفت جسراً يمتد بين شاطئين يفصل بينهما مكانان وزمانان مختلفان يضع الشاعر على أحدهما رجلًاً، وعلى الجانب الآخر رجلًاً أخرى، لرؤية التيار المتدفق بينهما للتاريخ والحاضر، الذي عاشته وتعيشه مدينته الحبيبة بغداد، ووطنه العراقي كله من خلالها."
ويؤكد مؤلف الكتاب: "ما حاولتُ إنجازه في هذا الكتاب النقدي الصغير ذي الطبيعة التحليلية الخاصة بشعرية حميد سعيد لا يختلف عن ذلك الذي حاولته في كتابي السابق عن سعدي يوسف، أعني الاحتفاء بقراءة الشاعر من خلال قصيدته المفردة لغة ومضمونًا أراهما متلازمين ولا سبيل إلى فكّ الارتباط بينهما. والهدف يبقى واحدًا في الحالين : تقريب النص من أفق المتلقي وجعله أكثر فعالية وتأثيرًا، بعيدا عن أية مزاعم منهجية مسبقة وادعاءات زائدة وألاعيب نقدية غير ضرورية.
يوضح أن أغلب قراءاته لشعر حميد سعيد انصبّ على قصائد الشاعر الأخيرة، التي دخلت، بعد الاحتلال ورحيل الشاعر عن وطنه ومدينته، منعطفًا جديدًا حاسمًا؛ منعطف لا يقتصر فيه عمل الشاعر على وصف جماليات مكان سابق يبدو مختلفًا في الواقع والحلم عن مكان الاغتراب الجديد، ولا يكتفي بوضع رثائيات وبكائيات شعرية حديثة على ماض ذهب ولن يعود، وإنما هو يكتب نصوصًا تكشف عن وعي أدبي وفني وثقافي عال، واستحضار للتاريخ، وانتماء للوطن والمدينة، على نحو تبدو معه القصيدة وسيلةً وسلاحاً، يسيطر الشاعر فيه على انفعالاته وأسلوبه وقدرته المذهلة على رواية حكايات وسرديات جديدة، وإقامة الحوار مع رموز وشخصيات تاريخية وفنية وواقعية تملأ صفحة النص بالمعنى والدلالة والإشارة الواضحة أو الملغزة في صورتها البلاغية والنحوية.
يعد هذا الكتاب تجربة ثانية للناقد إذ سار فيه مساراً جديداً مختلفاً عن المسار الذي درجت الكتب النقدية الأخرى، إذ ألقى الناقد أضواء كاشفة على التجربة الشعرية لحميد سعيد من خلال القصائد التي تناولها بالتحليل المعمق في الكتاب.