السودان … العسكر وحلايب
جهينة نيوز -فارس شرعان
في الوطن العربي نهتم بالاخبار السياسية والتغييرات في المواقع القيادية وتشكيل الحكومات الجديدة اكثر من اهتمامنا بالاخبار العسكرية وتغيير قادة التشكيلات العسكرية … فولعنا بالسياسة متجذر يفوق اهتمامنا بالشؤون الاقتصادية والعسكرية والثقافية والفنية حتى ان هذا الاهتمام يسمو على اهتمامنا بكرة القدم …
من اجل ذلك حدثت تغييرات في بعض المواقع العسكرية في السودان الشقيق الاسبوع الحالي حيث تم تغيير رئيس هيئة الاركان علاوة على تغيير قيادات بعض الوحدات العسكرية دون اهتمام يذكر كما لو تم تغيير وزاري او تعديل حكومي كالذي حدث في الاردن.
قبل ان نعلق على الحدث الذي شهده السودان وخلفيته وانعكاساته على الأوضاع الراهنة في القطر الشقيق نتمنى للسودان دولة وشعبا وحكومة ومؤسسات المزيد من الاستقرار والطمأنينة وهدوء الساحة وتحقيق المزيد من الانجازات الديمقراطية والاقتصادية وانجاز العديد من المشاريع التنموية والارتقاء بالمستوى الاقتصادي والاجتماعي للمواطنين وتحقيق ما يصبو اليه الشعب الشقيق من تقدم ورفاهية وازدهار ..
ونرجو في الوقت ذاته ان لا تكون التغييرات التي اجرتها القيادة السودانية على مستوى رئاسة اركان الجيش وقيادات بعض الوحدات العسكرية مرتبطة باحداث قد تمس العلاقة بين السودان وجيرانه حيث امتازت هذه العلاقات بالتوتر مع العديد من دول الجوار في السنوات الأخيرة مثل مصر وليبيا وتشاد واثيوبيا وارتيريا بالاضافة الى ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية حيث استعادت السعودية جزيرتي تيران وصنافير على مدخل خليج العقبة في البحر الاحمر والتركيز على بعض الحقائق في مثلث حلايب حيث اعتبرتها السودان وكأنها اعتراف بسيادة مصر منذ الاحتلال البريطاني لمصر والسودان عام ١٨٨٤ ..
السودان ينظر الى مثلث حلايب كأرض سودانية لا يمكن التنازل عنها او المساومة عليها بأي حال من الاحوال فيما تعتبر بعض الاجراءات التي تتخذها السلطات المصرية في المثلث الذهبي اجراءات معادية للسودان شعبا وارضا من حيث التضييق على السودانيين وابعاد المعارضة واستبدالهم بمصريين كما اتهم مصر بادخال وحدات عسكرية الى مثلث حلايب رغم خضوعه المباشر للسودان بدليل وجود وحدات من الجيش السوداني في هذا الاقليم …
ولم يبق الصراع المصري السوداني حول حلايب في السر وانما ظهر في العلن في الأونة الأخيرة حيث بعث السودان بعدة مذكرات الى منظمة الأمم المتحدة تفيد بتدخل مصر في اقليم حلايب الأمر الذي يهدد سيادة السودان على المثلث فيما طالب السودان بالتحكيم الدولي او اصدار قرار من مجلس الأمن الدولي بوقف الاعتداءات المصرية على حلايب.
وتزامنت المذكرة الأخيرة التي بعث بها السودان للأمم المتحدة احتجاجا على الأجراءات والتدخلات والانتهاكات المصرية في مثلث حلايب مع التغييرات التي اعلنتها القيادة السودانية في رئاسة الاركان وقادة الوحدات العسكرية الرئيسية ما حدا ببعض المراقبين الى الربط بين الاوضاع في حلايب واحتمال قيام نزاع مسلح بين مصر والسودان لحسم الخلاف في المثلث.
نستبعد قيام نزاع مسلح بين مصر واسرائيل بشأن حلايب … فهذا الخلاف قديم يعود الى عقود ولم يتطور الأمر الى اندلاع حرب بين الشقيقتين الجارتين رغم ان السودانية يطالب بالتحكيم الدولي لحل هذا النزاع على غرار التحكيم الدولي الذي تم بين مصر واسرائيل بشأن طابا الذي كانت نتيجته لصالح مصر.
ولنا وطيد الأمل في تحرك عربي واسع بحيث لا يتطور الخلاف بشأن حلايب الى اكثر مما وصل اليه على الأقل ينبغي عقد قمة عربية بشأن حلايب تقدم خلالها كل من مصر والسودان ما بحوزتهما من ادلة بشأن تبعية مثلث حلايب الأمر الذي ينهي الخلاف جذريا ويطوي هذه الصفحة الى الأبد … !!!