عن دموع النواب واطفال دمشق واليمن
جهينة نيوز -
وليد حسني
صدح العديد من النواب في جلسة المجلس مساء الأحد بادانة الجرائم اللاإنسانية التي ترتكب بحق المدنيين في الغوطة الدمشقية في سوريا، وذهب نواب إلى حد البكاء مطالبين من المجلس إصدار بيان لإدانة تلك الجرائم التي ترتكبها القوات الأجنبية في سوريا قاصدين بذلك ايران وروسيا وحزب الله، وربما قوات الجيش العربي السوري أو قوات النظام أو عصابات الرئيس الأسد ــ كما يحلو لبعضهم صرف هذه التوصيفات ــ
وهذا المطلب في ظاهره مشروع تماما، فليس من احد يقبل مثل تلك المجازر والجرائم ــ إن صدقت تلك الصور التي تظهر على الفضائيات المنحازة ــ، وليس لأحد ان ينكر مهما بلغ به الغلو وقوع ضحايا مدنيين أبرياء جراء القصف الذي يستهدف عشرات الاف الإرهابيين والقتلة والمرتزقة الذين يتخذون من الغوطة وغيرها من أماكن في ريف دمشق معسكرات لهم يمطرون منها المدنيين في دمشق بقذائف الهاون وبغيرها من الأسلحة التي تمثل جزءا لا يتجزأ من مسلسل الجرائم اللاإنسانية التي تغرق سوريا فيها منذ نحو سبع سنوات.
لم يقل النواب المتباكون على تلك الجرائم أنهم منحازون للإرهابيين والقتلة والمرتزقة الذين يتخذون من المدنيين دروعا بشرية ويحتجزونهم ويمنعونهم من المغادرة، نعم لم يقل النواب ذلك لكن لغة خطابهم المنحازة بدت وكأنهم يميلون الى المرتزقة والقتلة على حساب الدولة السورية التي تريد تطهير عاصمتها وأرضها من هؤلاء، وتلك معادلة لم تستقم تماما في خطاب اولئك النواب الذين يعتبرون دفاع سوريا عن استقلالها ووحدة اراضيها جريمة.
ذهب أحد النواب في خطابه إلى وصف جيش المجرمين من المرتزقة والقتلة بأنهم طالبو حرية، ويبدو انه يفهم هذه الحرية في سياقات أخرى مختلفة لا نفهمها نحن، إلا ان الأيديولوجيا وعقلية الثأر ومنطق التكفير بدت واضحة في ذلك الخطاب الذي ينتصر للإرهاب ــ دون ان يشعر ــ على حساب الأبرياء من المدنيين الذين يدفعون حياتهم مجانا في ذلك الصراع الدموي الذي تغرق سوريا فيه منذ سبع سنوات مضت.
إن منطق الأشياء يقول إن أية دولة في العالم مهما قل شأنها وتأثيرها وقوتها لا تقبل أن تتفسخ وحدتها ويتم امتهانها وقتل مواطنيها وسلخ أراضيها من قبل مرتزقة تحت عناوين شتى، ولا اظن ان هؤلاء الذين تباكوا على سوريا تحت قبة مجلس الأمة امس الأول يقبلون بهذا.
ما اقوله هنا ليس دفاعا عن النظام السوري الذي وجد نفسه في عين الهدف، وإنما انتصار لمنطق الأشياء، ولا اخال عاقلا في هذا الكون يمكنه التجرؤ على القول إن النظام السوري كان ديمقراطيا في يوم من الأيام، ولكن الظروف التي وجد نفسه فيها دفعته لأن يمارس كل هذه الشراسة في مواجهة مجاميع القتلة والمرتزقة ممن تم تجميعهم من اربعة أقطاب الأرض وتم حشرهم في سوريا لتقويضها بدعم دولي وعربي قل نظيره.
لم نسمع تلك البكائيات والمطالبات من النواب المتباكين على اطفال اليمن الذين يقتلون بدم بارد أيضا في صراع طائفي بامتياز ادى إلى تفكيك الدولة اليمنية، وانهيار ما كان قائما منها، وكان الثمن ولم يزل باهظا جدا لا احد يقبله أو يطيقه..
كان الأجدى بنوابنا الذين يتباكون على الإرهابيين والقتلة في سوريا التزام الصمت قليلا والنأي بالنفس عن الإنخراط في صورة صراع بدأ يتشكل سنة 2005 عندما خصصت وزارة الخارجية الأمريكية اول 5 ملايين دولار لصناعة ما بات يعرف لاحقا بــ"المعارضة السورية"، ومنذ ذلك الوقت أصبح متاحا تماما لكل مجرم أو مأفون أو قاتل أن يجد له مكانا في خارطة القتل والدم في سوريا..
أبكي أطفال سوريا واليمن وليبيا وغزة.. نبكيهم جميعا دون التعامي عن القاتل الحقيقي..//