برنامج غذائي صحّي خلال رمضان... وخطوات جوهرية
لا شكّ في أنّ الصوم يملك فوائد صحّية ونفسية واجتماعية كثيرة. لكن كي يتمكن الصائم من اجتياز هذه الفترة بِلا أي ضرر، مثل الجفاف وزيادة الوزن وارتفاع السكّر والكولسترول في الدم، عليه التأكد من أنّ نظامه الغذائي يؤمّن كل احتياجات جسمه. فما أبرز التوصيات التي يجب تطبيقها خلال شهر رمضان المبارك؟
شدّدت اختصاصية التغذية راشيل قسطنطين، خلال حديثها لـ»الجمهورية»، على «ضرورة التقيّد بغذاء صحّي متوازن ومتكامل يتضمّن مختلف أنواع المأكولات كي يتمكن الصائم من استمداد كل العناصر الغذائية التي يحتاج إليها جسمه، وتحديداً النشويات المعقدة المزوِّدة للطاقة (خبز القمح الكامل، وخبز الشوفان، والأرزّ الأسمر، والمعكرونة السمراء، والفاكهة الطازجة أو المجففة الخالية من السكّر المُضاف)، والبروتينات الضرورية لتوفير الشبع (السمك، والدجاج، واللحوم المنخفضة الدهون، والبقوليات، والمكسرات، والبذور)، والدهون الصحّية التي تُعتبر مصدراً أساسياً للطاقة (زيت الزيتون ودوار الشمس والكانولا، والأفوكا، والسمك الدهني، والمكسرات). بالإضافة إلى الفيتامينات والمعادن التي لا غِنى عنها، خصوصاً في زمن «كورونا»، لتعزيز المناعة».
خطوات جوهرية خلال الإفطار
وتطرّقت قسطنطين إلى البرنامج الغذائي الأمثل والأكثر صحّة الذي يجب اتّباعه خلال رمضان، فقالت إنه «وبعد مرور ساعات طويلة على الصوم، يُفضّل بدء الإفطار بـ2 إلى 3 حبّات من التمر لاحتوائه على مغذيات مفيدة للجسم كالفيتامين K، والماغنيزيوم، والحديد، وألياف «Pectin» المهمّة للجهاز الهضمي ولتخفيف الشعور بالجوع ومنع الأكل المفرط. كذلك، فإنّ التمر مهمّ لمرضى السكّري لأنه يحافظ على اعتدال معدل السكّر في الدم. وبعد ذلك، من الأساسي شرب كوبين من المياه لتعويض كميات السوائل المفقودة خلال اليوم وتفادي جفاف الجسم، علماً أنها ضرورية قبل الإفطار والسحور لتقليل الرغبة في تناول كميات كبيرة من الطعام. ومن ثمّ يمكن الانتقال إلى الشوربة لتليين الأمعاء وتحضير الجسم لاستيعاب الوجبة الرئيسة، جنباً إلى تعويض السوائل المفقودة خلال ساعات الصوم».
وتابعت: «بعد الشوربة، يمكن التلذّذ بالسَلطات، كالتبّولة والفتّوش وسَلطة الخضار المتنوّعة، لقدرتها على منح الشبع والحدّ من الإمساك. وهنا، يجب التأكد من أن تكون الصلصة عبارة عن قليل من الزيت والحامض أو الخلّ أو دبس الرمّان. بعدها يأتي دور المقبّلات، كالسمبوسك والمعجنات والرقاقات، والتي يُستحسن تجنّبها لأنها عبارة عن مقال ونشويات تمنح السكّر السريع وتؤثر سلباً في الوزن. أمّا الطبق الأساسي فيكون عادةً مكوّناً من النشويات كالأرزّ والبطاطا والبرغل، بالإضافة إلى اللحوم الخالية من الدهون أو السمك أو الدجاج المنزوع الجلد التي يجب أن تكون كلها مشويّة، أو عبارة عن طبيخ يحتوي على الحبوب مثل البازلاء أو الفاصولياء... يجب الحرص على اختيار نوع واحد من النشويات المعقدة في الطبق الأساسي، وعدم تناولها بكميات كبرى لأنها تزيد الوزن، وبالتالي تعزز الأمراض».
السناك والسحور
ماذا عن السناك الذي يأتي بعد نحو ساعتين من الإفطار؟ نصحت قسطنطين بـ»الابتعاد قدر الامكان من الحلويات العربية الغنية بالدهون التي ترفع الكولسترول وتؤثر سلباً في معدل السكر في الدم، واستبدالها بالمكسرات النيئة، أو الفاكهة الطازجة أو المجففة الخالية من سكريات إضافية. وبالنسبة إلى السحور، الذي يُفضّل تأخير وقت تناوله قدر الإمكان للتمكن من تحمّل ساعات الصوم الطويلة بِلا انزعاج، فهو من الوجبات التي يجب عدم إهمالها خلال رمضان، إذ يساعد على تحمّل مشقّات الصوم ويوازي أهمّية وجبة الفطور. الأفضل أن يتألف من الخبز الكامل، ومنتجات الحليب القليلة الدسم، والخضار، بدلاً من الوجبات السريعة كالهوت دوغ أو الفلافل أو الشاورما أو حتى المناقيش لأنها مليئة بالدهون والنشويات».
للحذر من الجفاف!
وسلّطت خبيرة التغذية الضوء على الجفاف الذي «يُعتبر من المشكلات الرئيسة التي يواجهها الصائم، خصوصاً خلال الطقس الحارّ، الأمر الذي قد يؤثر سلباً في المزاج، والطاقة، والقدرة على التركيز. ومن أبرز أعراضه جفاف الفم والجلد، والعطش الشديد، وأوجاع الرأس، والإفراط في النوم، والخمول، واضطرابات دقات القلب، وإذا تفاقم كثيراً فإنه قد يؤدي إلى الغيبوبة. لذلك وتصدّياً له، يجب خفض التعرّض لأشعة الشمس، وشرب ما بين 4 إلى 8 أكواب من المياه بين الإفطار والسحور أي ما يوازي 2 لتر من المياه، وتناول كميات جيّدة من الخضار والفاكهة لاحتوائها على المياه مثل البطيخ، والبندورة، والخيار، والخسّ، والفلفل... كذلك يمكن خفض الملح الذي يرفع الشعور بالعطش مع الانتباه أيضاً إلى المنتجات التي يختبئ فيها مثل الكبيس والمكسرات المملّحة والصلصات الجاهزة، والابتعاد من مصادر الكافيين المدرّة للبول كالقهوة والشاي والمشروبات الغازية، وتفادي الرياضة الشديدة»، لافتةً إلى أنه «يمكن ممارسة التمارين قبل الإفطار مباشرةً أو بعده بساعتين كي يحصل الجسم على احتياجاته من السوائل والغذاء».
وختاماً، دعت قسطنطين إلى «الحذر الشديد من الأركيلة خلال شهر رمضان في زمن «كورونا» لأنها قد تساهم في نشر الفيروس، إستناداً إلى بيان منظمة الصحّة العالمية، حيث يدخل دخانها إلى الجهاز التنفسي ليعود ويُخرج معه فيروسات قد تنتقل من شخص إلى آخر. من دون نسيان أنّ التدخين بشكل عام يؤثر سلباً في المناعة ليصبح الإنسان أقل كفاءة في مكافحة الأمراض».