الملك: من أبرز التحديات حماية المجتمعات المسيحية في منطقتنا وفي فلسطين والقدس بشكل خاص

التقى بطريرك موسكو وسائر روسيا ورئيس مجلس الإفتاء الروسي

الملك: من أبرز التحديات حماية المجتمعات المسيحية في منطقتنا وفي فلسطين والقدس بشكل خاص

دور الأردن لا يقتصر على استضافة إخواننا المسيحيين الذين هربوا من العنف بل تأمين عودتهم إلى ديارهم

 

موسكو   

 

استهل الملك عبدالله الثاني زيارته إلى العاصمة الروسية موسكو أمس، بلقاء بطريرك موسكو وسائر روسيا كيريل الأول في كنيسة يسوع المخلص، ورئيس مجلس الإفتاء في روسيا الشيخ راوي عين الدين في مسجد "الجامع"، بحضور سمو الأمير غازي بن محمد كبير مستشاري جلالة الملك للشؤون الدينية والثقافية، المبعوث الشخصي لجلالته.

وخلال لقاء جلالة الملك مع بطريرك موسكو وسائر روسيا، كيريل الأول، جرى التأكيد على أهمية تعظيم قيم التسامح والتواصل والحوار بين أتباع الأديان، وبما يعزز مساعي تحقيق السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط والعالم.

وأعرب جلالته، في بداية اللقاء، عن شكره للبطريرك كيريل الأول على حفاوة الترحيب، وقال إن كلماتكم الترحيبية وآراءكم حول التحديات التي نواجهها في غاية الأهمية لنا جميعا، ولا بد أن نقف جميعا مع بعضنا البعض يدا بيد لنعبر عن ما يوحدنا في هذا العالم.

وعبر جلالة الملك عن تقديره للمواقف الأخلاقية للكنيسة الأرثوذوكسية الروسية ليس في روسيا فقط ولكن على مستوى العالم، مضيفا جلالته أن الإيمان بحب الله وحب الجار، هو ما يجمعنا معا، وأن منطقتنا بأمس الحاجة إلى تأثيركم وصوتكم خصوصا في مثل هذا الوقت.

ولفت جلالة الملك إلى الجهود المبذولة لمحاربة آفة الإرهاب العالمي، وإلى دور روسيا بهذا الخصوص، وقال جلالته إن التحديات العالمية لا تقتصر على ذلك، بل يوجد تحد وهو حماية المجتمعات المسيحية في منطقتنا وفي فلسطين، وبشكل خاص في مدينة القدس.

وأشار جلالته إلى أن المسيحية الأرثوذوكسية كانت على الدوام جزءا من ماضينا، وهي اليوم جزء من حاضرنا ويجب أن تكون جزء من مستقبلنا، وإذا لم يتحقق هذا فإننا جميعًا سندفع الثمن.

وقال جلالته إننا نراقب ونقدر ونشيد بالدور الذي تقوم به الكنائس الأرثوذوكسية الروسية في سوريا، ليس فقط لحماية إخواننا المسيحيين، بل ولمد يد العون للضعفاء والمحرومين، وأولئك الذين يحتاجون للمساعدة والعطف.

وأكد جلالة الملك أننا في الأردن رحبنا بإخواننا المسيحيين الذين تركوا بلادهم بسبب العنف الذي مارسته العصابات الإرهابية في سوريا والعراق، وقال "أنا واثق بأنكم على دراية بأن دور الأردن لا يقتصر على استضافة إخواننا المسيحيين الذين هربوا من العنف، بل تأمين عودتهم إلى ديارهم في سوريا والعراق، لأن هذه المجتمعات جزء أصيل من تاريخ البلدين".

ولفت جلالته إلى "رسالة عمان" التي أطلقها الأردن، لإبراز الصورة الحقيقية للدين الإٍسلامي، وتعزيز الحوار مع الأديان الأخرى.

وقال جلالة الملك إن إحدى المخرجات التي ما زالت غير مفهومة للمجتمع الدولي هي أنه إذا حظي المسلمون في الدول خارج منطقتنا بحقوق متساوية مع مواطني تلك الدول، فإن ولاءهم سيكون لهذه الدول، وليس للمرجعيات الدينية في منطقتنا.

وأشار جلالة الملك إلى حكمة قديمة تقول إن "الشر يستبد عندما يعجز الصالحون عن العمل"، مضيفا جلالته إنه ولأننا نريد الخير للجميع، يجب علينا أن نتكلم بصوت أعلى عن ما يوحدنا ويجمعنا معا في هذا التحدي الكبير أمامنا.

  من جانبه، قال البطريرك كيريل الأول إن الكنيسة الأرثوذوكسية الروسية تولي اهتماما كبيرا بالحوار الذي تم إرساؤه مع الأردن، وبشكل خاص مع جلالتكم.

وأضاف أننا نستذكر وبكل تقدير حوارنا مع جلالتكم في العام 2012حول التآخي الديني في الأردن، حيث أشرتم إلى السلام والوئام بين المسيحيين والمسلمين في بلدكم، الذي لمسته بشكل مباشر.

وقال أشيد بجهود جلالتكم وبالسياسات التي تنتهجونها فيما يخص رعاية مختلف الطوائف الدينية من مسلمين ومسيحيين وأرثوذوكس، فهم يشعرون أنهم في وطنهم يتمتعون بالمساواة وبعدالة الفرص المتاحة أمامهم.

وأعرب البطريرك كيريل الأول عن شكره وتقديره للأردن بقيادة جلالة الملك على رعاية الحوار بين أتباع الأديان والمذاهب.

وقال مخاطبا جلالة الملك "عند زيارة الأردن فلا يساورني أي شعور بأنني أمثل أقلية دينية، لا وجود لمثل هذه المشاعر، الجميع يتعاملون باحترام، ولا بد من شكركم على رعاية هذه الأجواء، كما لا بد من التعبير عن الشكر لجلالة والدكم الراحل الملك الحسين الذي التقيت به وأخبرنا عن عمق العلاقات بين المسلمين والمسيحيين الأرثوذوكس في الأردن، وقد قمتم بالحفاظ على هذه التقاليد الرائعة وقمتم بتطويرها للأفضل أيضاً في ظل التحديات والتهديدات التي نشهدها".

وبين أن الكنيسة الروسية الأرثوذوكسية تولي اهتماما بالحوار بين أتباع الأديان والمذاهب والأعراق، وقال إننا نعتقد أنه من المهم أيضا العمل على المستوى الدولي وعلى مستوى المؤسسات والمحافل الدينية لإرساء جبهة موحدة وقوية لمحاربة الإرهاب.

كما جرى خلال اللقاء استعراض ما يتميز به الأردن في مجال السياحة الدينية، خاصة الحجاج المسيحيين لموقع عماد السيد المسيح، عليه السلام، في منطقة المغطس، الذي يضم بيتا للحجاج الروس تم بناؤه من قبل الكنيسة الأرثوذوكسية الروسية.

وتطرق أيضا إلى التحديات التي تواجه الكنائس في القدس، والدور التاريخي الذي يقوم به الأردن بقيادة جلالة الملك في حماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في المدينة المقدسة، بموجب الوصاية الهاشمية عليها.

كما زار جلالة الملك عبدالله الثاني المسجد الجامع في موسكو، حيث التقى جلالته مع الشيخ راوي عين الدين بحضور عدد من علماء الدين الإسلامي في روسيا.

وتم، خلال اللقاء، استعراض التحديات المرتبطة بالإرهاب وأثرها على تشويه صورة الإسلام، حيث أكد جلالته أهمية دور المساجد في إبراز الصورة الحقيقية والسمحة للدين الإسلامي الحنيف الذي يدعو إلى المحبة والسلام، ونبذ الكراهية والتطرف.

وقال جلالة الملك إننا في المملكة الأردنية الهاشمية واجبنا أن ندافع عن صورة الإسلام الحقيقية والسمحة، لافتا جلالته إلى المبادرات التي أطلقها الأردن، مثل رسالة عمان، وكلمة سواء وأسبوع الوئام، من أجل تعزيز الحوار والتفاهم بين أتباع الأديان.

ولفت جلالته إلى الدور المهم الذي يضطلع به علماء الدين الإسلامي في نشر قيم التسامح والاعتدال بين المجتمعات والشعوب، وترسيخ الحوار والوئام وتعظيم القواسم المشتركة بين أتباع الأديان.

وأكد جلالته أن صوت الاعتدال لمسلمي روسيا مهم جدا من أجل الأمة الإسلامية وقضاياها.

من جهته، أعرب الشيخ عين الدين، خلال اللقاء الذي جرى في مقر إقامته بمسجد "الجامع" في موسكو، عن تقديره للجهود التي يبذلها جلالة الملك لإبراز الصورة الحقيقية للإسلام في جميع المحافل الدولية، وقال "نراكم كحام للمسلمين لأنكم الأقدر على إبراز صورة الإسلام المعتدل والسمح في أرجاء العالم".

وأضاف أن زيارة جلالة الملك تعتبر تاريخية لكون جلالته سليل النبي محمد عليه الصلاة والسلام، وإننا نفخر بعلاقات الصداقة التي تربط بين الأردن وروسيا.

كما لفت الشيخ عين الدين إلى أهمية رسالة عمان التي أطلقها الأردن عام 2004 لبيان الصورة الحقيقية للإسلام السمح والمعتدل، معربا عن تقديره الكبير لدور جلالته في دعم المجتمعات الإسلامية.

وأكد أهمية الدور الذي يقوم به الأردن، بقيادة جلالة الملك، من أجل تحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، ومساعي جلالته المستمرة للتوصل إلى سلام عادل ودائم، يفضي إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية.

وأشاد بالدور التاريخي الذي يقوم به جلالته في حماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، من منطلق الوصاية الهاشمية على هذه المقدسات.

ودون جلالة الملك كلمة في سجل كبار الزوار للمسجد "الجامع".

وحضر اللقاءين ووزير الخارجية وشؤون المغتربين، والسفير الأردني في موسكو.