صحيفة : رفض أردني وفلسطيني لـ‘‘مشروع دولة غزة‘‘

 تنشط مساع أميركية وإسرائيلية، حالياً، لطرح صيغة للتسوية السلمية، تقوم على إقامة الدولة الفلسطينية في قطاع غزة، بديلاً عن حدود العام 1967، عقب ضم الضفة الغربية للاحتلال الإسرائيلي، وهو الأمر المرفوض من الجانبين الأردني والفلسطيني.

ويرتكز "مشروع دولة غزة"، وفق القائمين عليه، وبحسب مصادر مطلعة لـ"الغد" من فلسطين المحتلة، على "إقامة الدولة في قطاع غزة مع أجزاء من سيناء، وتقديم تسهيلات اقتصادية لتحسين الظروف المعيشية للفلسطينيين، لاسيما في القطاع، واستكمال ضم مستوطنات الضفة الغربية، التي تحوي زهاء نصف مليون مستوطن، للسيادة الإسرائيلية".

وقالت المصادر نفسها إن "المشروع يقوم على ضم سلطات الاحتلال للمنطقة المسماة "ج"، وفق تصنيف أوسلو، والتي تشكل 62% من مساحة الضفة الغربية، ويقع أكثر من 90% من غور الأردن ضمنها، وتعد الأغنى بالموارد الطبيعية والاقتصادية والاستثمارية، فيما تضم نحو 150 ألف فلسطيني، مقابل زهاء 310 آلاف مستوطن ضمن 124 مستوطنة و100 موقع استيطاني".

وسيتم إدراج الفلسطينيين خارج مناطق السيادة الإسرائيلية، طبقاً لنفس المصادر، "إما مع الأردن أو توطينهم في أجزاء الأراضي المقتطعة من سيناء، باعتبار أن "مشروع دولة غزة" يعد الطرح الأمثل لحل القضية الفلسطينية، من وجهة القائمين عليه".

ويتزامن "مشروع دولة غزة" مع قرار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، "الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الإسرائيلي"، ونقل سفارة بلاده إليها، وإبعادها عن طاولة المفاوضات، مما يعني، وفق حديث مسؤولين لـ"الغد"، محاولة "تصفية القضية الفلسطينية، وتحميل الأردن العبء الأكبر، بعد إسقاط قضيتي القدس الآن، واللاجئين لاحقاً، من ملفات الوضع النهائي".
من جانبه، قال الوزير والعين السابق، الدكتور نبيل الشريف، لـ"الغد"، إن "طرح هكذا مشاريع يعكس قصوراً فجاً من جانب من يطرحونها وعدم معرفة بطبيعة الصراع العربي- الإسرائيلي، وعجزاً عن استشفاف الأبعاد المختلفة لكل ما يتعلق بالقضية الفلسطينية".

وأضاف الشريف إن "الشعب الفلسطيني ناضل وعانى طويلاً وقدم التضحيات الجسام لانتزاع حقوقه الوطنية المشروعة، وليس من الوارد القبول بأي صفقة تعرض عليه، لاسيما أنها تمثل اعتداءً على حقه التاريخي في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس المحتلة".
وأشار إلى أن الفلسطينيين قد جربوا، مضطرين قهراً بفعل العدوان الإسرائيلي عام 1948، الخروج من الأراضي المحتلة صوب فضاءات اللجوء والشتات، وليسوا مستعدين لإعادة التجربة، خاصة من جانب جيل الفلسطينيين الجديد الذي قدم التضحيات عبر الانتفاضات الفلسطينية الأخيرة وعرف الصمود والثبات والنصر.


وقال الشريف إن ذلك لا يعني أن ما يسمى "المغامرين الجدد" من أقطاب الإدارة الأميركية، ممثلة بالرئيس ترامب، والمحيطين به من نائبه (مايك بينس)، ومبعوثيه للمنطقة (جاريد كوشنير وجيسون غرينبلات)، وسفير الولايات المتحدة لدى الكيان الإسرائيلي (ديفيد فريدمان)، لن يحاولوا تمرير هذه المشاريع، حيث إنهم لن يتوانوا عن محاولة تطبيق هذه الأفكار على الأرض، ولكن مصيرها سيكون الفشل.


وزاد قائلاً "ولكن إلى أن يدركوا فشلهم فسيلحقون الكثير من الأذى والضرر بالشعب الفلسطيني والدول المجاورة، فلو حدثت هذه المغامرات ستشكل ضغطا جديداً على الأردن، لاسيما فيما يتعلق بالقدس واللاجئين والحدود".


وأكد أن "مشروع غزة" لن يمرر مثلما أنه غير قابل للتطبيق، إزاء حقائق الصراع العربي- الإسرائيلي، وطبيعة المتغيرات ومكانة القضية الفلسطينية في وجدان الشعب الفلسطيني وضمير العالم الحر".

ولفت إلى أهمية "التنسيق الفلسطيني الأردني عالي المستوى وصمود الشعبين الفلسطيني والأردني باعتباره كفيلاً بإحباط تلك المخططات أو إيقاظ من يتوجهون بها ويطرحونها بحقيقة الصراع"، فضلاً عن دعم الأردن وإسناده للقضية والشعب الفلسطيني والتي ستشكل صدا مانعاً أمام مشاريع تصفية القضية الفلسطينية".
وكان وزير الخارجية المصري، سامح شكري، أكد مؤخراً أنه "لا يمكن التنازل عن أي ذرة من تراب سيناء، التي رويت بدماء المصريين".
من جانبه، قال القيادي في حركة "حماس"، الدكتور أحمد يوسف، لـ"الغد" من فلسطين المحتلة، إن "مشروع دولة غزة ليس خيار الشعب الفلسطيني، ولا يمكن القبول به، وسيتم رفضه وتحشيد الجهود الوطنية المضادة لإحباطه".


وأضاف يوسف إن الحديث الدائر حول المشروع يتم في إطار ما يسمى "صفقة القرن"، وضمن سياق ما يجري في سيناء، عبر إخلاء مناطق من أراضيها لصالح المشروع مستقبلاً، على أن تكون غزة نقطة الأساس فيه".


وأوضح بأن "هذا الحديث، وما يتم تسريبه من معلومات حوله، يتزامن مع التضييق على "حماس" حتى تتجه نحو خيارات للخروج من النفق المظلم الذي تعيشه غزة وتعاني منه منذ زمن".


وقال إن "سلطات الاحتلال تضع في حساباتها أراضٍ من سيناء أو الأردن لمستقبل أي تسوية سياسية يتم التوصل إليها لحل القضية الفلسطينية على حساب مصر والأردن". 


وقال يوسف إن "ثمة مخاوف قائمة من تمرير هكذا مخطط، وسط الظروف الراهنة بالمشهد الإقليمي العربي والدولي، وانشغال دول المنطقة بقضاياها الداخلية بعيداً عن الاهتمام بالقضية الفلسطينية، فضلاً عن الانقسام الفلسطيني، ومحاولة الاحتلال الإسرائيلي الاستفادة من العصر الذهبي الراهن في ظل الإدارة الأمريكية الحالية".


واعتبر أن "إنجاز الوحدة الفلسطينية كفيل بقطع الطريق أمام محاولات إنهاء المشروع الوطني أو دفع الفلسطينيين نحو مشاريع غزة وسيناء، في ظل مخاوف أهل غزة وقلقهم من تجاهل حكومة رام الله لأوضاعهم وعدم أداء مهامها وتحملها المسؤولية، مقابل إيراد تصريحات تحمل غزة وحماس مسؤولية الأوضاع المتردية في القطاع".
وأشار إلى أن "السلطة مطالبة بتسريع خطوات المصالحة"، في ظل تساؤل عن مغزى التردد والتلكؤ في إتمامها، مقابل محاولة "تركيع" غزة من خلال التجويع واستمرار الاجراءات العقابية بحق القطاع، والتي تطال المشافي والأدوية والرواتب والمؤسسات المختلفة، حيث تضرب السلطة بعرض الحائط كل المعاناة التي يشهدها القطاع"، بحسبه.


وقال إن "غزة تحتضر بشهادة المنظمات الدولية والأممية، بما يستدعي تحرك الجميع لإنقاذها"، مشدداً على أهمية "إدراك السلطة لحجم المخاطر المحدقة بالمشروع الوطني، وأن الشعب الفلسطيني الصامد قد لا يستمر في صموده، مما يتطلب إصلاح البيت الداخلي وتحصين الجبهة الداخلية ضد مخططات تصفية القضية الفلسطينية".


ولفت إلى أهمية المجابهة الوطنية الموحدة ضد "مساعي فرض المستوطنات ضمن مستقبل الأراضي المخصصة لإقامة الدولة الفلسطينية، أو فرض مشروع دولة غزة، ومحاولة الاستثمار في الأجواء السياسية الراهنة، إزاء غياب الدور الأممي الفاعل في وقف الاستيطان والتهويد الإسرائيلي، ومساعي شطب حل الدولتين وفتح الطريق أمام هجرة فلسطينية جديدة".


وأكد يوسف أن "القوى والفصائل الوطنية وجماهير الشعب الفلسطيني يرفضون "مشروع دولة غزة" ويتصدون لها"، غير أن "سياسة التجويع والإفقار الممنهج لتفريغ قطاع غزة من مقومات الصمود قد يجعل البعض يقلق من إمكانية تمرير المشروع".


بدوره، أكد حسام زُملط، مستشار الرئيس محمود عباس، للشؤون الاستراتيجية، رفضه لمشروع "توطين الفلسطينيين في سيناء المصرية"، الذي قال إن الأطراف السياسية الإسرائيلية باتت تطرحه على طاولة النقاش.


وقال زُملط، في تصريح سابق، إن "مشروع توطين الفلسطينيين في سيناء، بات حديثاً إسرائيلياً سياسياً، وهو مرفوض جملةً وتفصيلاً".


وأضاف أن "حدودنا الفلسطينية معروفة، ووطنا معروف، وإجماعنا الوطني أيضاً واضح لا مساومة عليه". وكانت المواقع الإسرائيلية الالكترونية قد تحدثت، مؤخراً، عن اعتزام رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، طرح مشروع توطين الفلسطينيين في شبه جزيرة سيناء المصرية، بديلاً عن "حل الدولتين"، على الإدارة الأميركية.(الغد)

36