معركة إدلب..تركيا تتحمل المسؤولية
بلال العبويني
منذ أكثر من سنتين كتبنا في هذه الزاوية أن معركة سوريا الكبرى ستكون في إدلب، التي تعد مستودعا كبيرا للمسلحين الفارين إليها من كل بقاع سوريا هربا من ضربات الجيش السوري وحلفائه أو ضمن تفاهمات قضت بترحيلهم إليها آنذاك.
بعض تلك المجاميع المسلحة كانت وما زالت محسوبة على تركيا وتتلقى دعما مباشرا وغير مباشر منها، وهي اليوم مع باقي المجموعات المسلحة تحت حماية القوات التركية التي تحتل أجزاء من إدلب.
القوات التركية تحتل اليوم نحو 3460 كم2 من أراضي شمال سوريا، بعضها تعد معقلا للأكراد، وهو ما يؤشر إلى أطماعها الاحتلالية لتلك الأراضي لتحقيق أهداف مختلفة منها توسيع النفوذ وقطع الطريق على الأكراد لتشكيل كيان على مقربة من حدودها الجنوبية.
تركيا اليوم تمارس دور الاحتلال بما ترسله من تهديدات سافرة للحكومة السورية إذا ما تقدم جيشها باتجاه إدلب، بعد أن خسرت المجاميع المسلحة سيطرتها على جزء من الطريق السريع الواصل بين حلب ودمشق بوقوع معرة النعمان الاستراتيجية تحت سيطرة الجيش السوري.
غير أن هذه المعركة ستكون تركيا سببها المباشر، بما ستخلفه من خسائر باهظة في أرواح السوريين الأبرياء وهو ما يرتب مسؤولية كبيرة على حلفاء سوريا والوسطاء بينها وبين تركيا ودول المنطقة لمنع وقوعها عبر الضغط عليها للانسحاب من الأرض السورية والدخول في مفاوضات جادة لتحديد مصير المجموعات المسلحة في إدلب وتحديدا من كان منهم غير سوري.
كما أنه سيرتب مسؤولية كبيرة على المجتمع الدولي الذي من الواجب عليه اليوم حماية أرواح الأبرياء، ذلك أنه ليس في مصلحة أحد وتحديدا دول جوار سوريا أن تندلع معركة كبيرة من هذا النوع، وهم الذين بالكاد تنفسوا الصعداء بعودة سيطرة الجيش السوري على مختلف المناطق في أراضيه وتراجع حدة الحرب وبالتالي توقف تدفق اللاجئين الفارين من العنف.
إن بقاء إدلب بؤرة حاضنة للمسلحين والتكفيريين من شأنه أن يجعلها أرضا خصبة لإعادة إنبعاث الروح من جديد في تنظيم داعش الإرهابي أو تكوين تنظيم إرهابي بمسمى جديد، فالفكر الذي تشكلت منه داعش وغيرها هو المسيطر هناك اليوم وهو للأسف تحت الرعاية والحماية التركية، ما يعيد إلى الأذهان مرحلة تدفق التكفيريين إلى سوريا عبر الحدود التركية والرعاية والدعم اللوجستي الذي تلقوه منذ بواكير الأزمة السورية.
لذلك، لا بد من القول إن تركيا ليست في مصاف الدول التي حاربت وتحارب الإرهاب، ما يعني أنها بهذا الوصف تشكل تهديدا أمنيا لسائر دول المنطقة إن لم نقل العالم إن استمرت في احتلالها لأرض عربية وحماية مجاميع إرهابية ومسلحة في إدلب على وجه التحديد.
وهي بذلك الوصف إن استمرت في التدخل السافر بالشؤون الداخلية للدول العربية كما يحدث اليوم في ليبيا التي باتت تقف على فوهة حرب أهلية طاحنة، بتحريض وتجييش منها، ما يستدعي تحركا عربيا جادا هذه المرة لاستشعار موطن الخطر الذي ربما قد لا يكون أي منهم بمنأى عن أطماع الحكومة التركية بالتمدد وبسط النفوذ.