نكهة حُب…!
إيناس أبو شهاب
عندما نصل إلى مرحلة اللامرحلة، سنشعر باحساس من فاز في مسابقةِ المارثون، وسار بأسرع طاقته، وبذل كل جهده ليصل إلى نهاية السباق قبل أيّ أحد، وحين وصل إلى خط النهاية وانتظر تصفيق الحُضور، إلتفت يمنة ويُسرة إلى أن وجد نفسه وحيداً دون حضور! عندها سنُدرك بأننا لم نكُن نتسابق مع أحد، بل كُنا نتصارع مع أنفسنا في محاولة الخروج من دائرة كثُرت فيها الزوايا، وقلّت فيها حُسن النوايا.
فقد نصل إلى مرحلةٍ سوداء، رغم تعدد الألوان من حولنا. فهُناك قلوبٌ خضراء تهدينا الأمان، وهناك قلوب بيضاء تمنحنا الحنان. وهناك قلوب حمراء تنبض حُباً، وهناك قلوب صفراء تفوح خُبثاً. وهناك قلوب لا لون لها، فحذارِ الاقتراب منها أو محاولة التواصل معها، فتلك القلوب لعنة، تقع على كل من يُحاول التوغّل في بحرها والغوص فيها، ومحاولة فك لُغزها.
فقد نصل أحياناً إلى درجة الاختناق الفكريّ، والانتحار الذهنيّ، في وسط هذا النفاق الإجتماعيّ، لنُثبت لأنفسنا بأننا ما زِلنا قادرين على الفوز في مسابقة الحياة التي تُحتّم علينا أن لا نقبل بأنصاف الحلول. فإما الفوز وإما فإنه يتوجب علينا أن نرفع راية الاستسلام السوداء. فلم يعد لدينا راية بيضاء، فقد تلوّث البياض جراء محاولاتنا العقيمة في التأقلم في عالم لا يشبه عالمنا، إلى أن وجدنا أنفسنا ملوثين في زفير نثرهُ غيرنا، إلى أن أصبح شهيقنا يختنق داخل أحشائنا. فلم نعُد كما كُنا.
بكل صراحة: نشز ايقاعنا وخرجنا عن اللحن، ولم نعُد نحنُ نحن.
عندها؛ كل ما ينقصنا هو الخُروج عن المألوف، والسير بحثاً في الطبيعة عن نكهة حُب. نكهة شهيةٌ مغلفةٌ بعبقِ الياسمين. جميلةٌ كبداية ربيع. بيضاءٌ نقيةٌ مثل زهرةِ نرجس. حمراءٌ فاتنةٌ مثل وردةٍ جورية. مُثيرة كزهرة توليب. نكهةٌ لم تُخلق لتُلمس بل لتُستنشق، لتُخرجنا من اللامرحلة، وتنقلنا إلى ما يُسمى مرحلةً جديدةً من مراحِل العُمر، بعيدة كُلَّ البُعد عمّا هو مُر…