الموقف الأردني من صفقة القرن
بلال العبويني
من دون شك، فإن القناعة راسخة لدى الأردنيين والفلسطينيين أن ما يجري في فلسطين المحتلة، على صعيد الصراع مع الاحتلال، ليس شأنا خارجيا بالنسبة للأردن، بل هو شأن داخلي محض ولا تكاد تجد جدالا فيه أو حوله من قبل الشعبين.
ذلك أن ما يجري في الداخل الفلسطيني في مختلف الملفات يتأثر به الأردن بشكل مباشر، سواء أكان سياسيا أو أمنيا وربما اقتصادي أيضا، ما يبرر تفاعل الأردن مع مختلف الملفات الفلسطينية والتصدي للدفاع عن حق الفلسطينين في تقرير المصير وفقا لما تم الاتفاق عليه تحت الرعاية الدولية والأممية.
من هذه الزاوية على الأقل، يمكن الحديث عن الموقف الأردني من صفقة القرن، والتي لا يمكن أن يتماهى، رسميا وشعبيا، مع الصفقة أو القبول بها حالها في ذلك كحال الموقف من القدس المحتلة عندما اعترفت الإدارة الأمريكية بها عاصمة لدولة الاحتلال.
الأردن قال (لا) بالفم الملآن، وشهد العالم الموقف الموحد الذي عبر فيه الأردنيون عن موقفهم الثابت بوسائل مختلفة؛ منها الاعتصام قبالة السفارة الأمريكية في عمان، رغم علم الجميع أن الولايات المتحدة أكبر دولة تقديم المساعدات للأردن بـ 1.275 مليار دولار سنويا.
هذا الموقف ساهم بشكل أو آخر، بالإضافة إلى حراك الملك المتواصل، في أن تعارض 128 دولة في العالم قرار دونالد ترامب بخصوص القدس، لتجتمع كل هذه الدولة لأول مرة على موقف موحد من قضية تخص العرب وربما المسلمين أيضا.
لذلك، لا جدال على أن الموقف الأردني رافضا لصفقة القرن ولكل المشاريع السياسية التي تهضم حق الفلسطينيين، غير أن الواقع السياسي اليوم يفرض تحديات على الأردني مثلما يفرضها على الفلسطيني في ظل واقع عربي غير مسبوق في البؤس والانبطاح أمام الأزمات الداخلية والبينية، ومحاولة كل طرف الاستنجاد بالأمريكي وغيره لتحقيق ما يعتقده أنه نصر على الآخر.
الموج عال، ولا تستطيع دولة منفردة في منطقتنا مهما كانت قوتها وحضورها أن تقف في مواجهته وتخرج سالمة، ما يعني حاجتها الأكيدة للمساعدة من دول أخرى لبناء حائط صد متين يوقف الموج ويمنع من تمدده إلى تسونامي مدمر.
فالأردن لن يكون بمقدوره الوقوف منفردا للتصدي لصفقة القرن، وهذه حقيقة، فهو يدرك أن أي مشروع سياسي أحادي الجانب تجاه فلسطين سيكون هو المتضرر الأبرز من زاوية ما قلناه إن القضية الفلسطينية قضية أردنية داخلية، ومن زاوية التداعيات السياسية والأمنية التي سيخلفها المشروع على المديين البعيد والمنظور والتي من شأنها أن تضع المنطقة برمتها في أزمات وتوترات أمنية جديدة.
بالتالي، فإن الحاجة ماسة اليوم للوقوف إلى جانب الأردن لتشكيل جبهة للدفاع عن ما اتفق العرب عليه في قمة بيروت عام 2002 على الأقل، لأن تصفية القضية الفلسطينة ومحاولة بعض العرب دفن رؤسهم بالتراب لن يجلب لهم الخير مهما اعتقدوا راهنا بذلك.