(ماذا لو؟) اسئلة ملكية برسم إجابة الضمير العالمي

جهينة نيوز - 
تتدافع أحداث المنطقة بصورة متسارعة في الفترة الأخيرة مما استدعى من جلالة الملك القيام بزيارات لدول الاتحاد الأوروبي، وإلقاء خطاب أمام البرلمان الأوروبي، هذا الخطاب الذي اشتمل على عدة نقاط رئيسة، تُظهر عمق رؤية جلالته لكيفية الوصول بالمنطقة إلى شاطئ الأمان بالتعاون مع شركاء المنطقة القديمين وهو الأوروبيون.
خطاب جلالة الملك تجاوز جدران القاعة التي كان يخطب فيها، ليصل خطابه غلى الملايين التي فوضت سياسيين ليمثلونها ويحملون ىمالهم وطموحاته، وهنا أشعر من هم في القاعة بعبء المسؤولية التي يحملونها، وأبعدهم عن المفاهيم التقليدية للعبة السياسية، فالخطاب كان واضحاً أننا جميعاً أمام مفترق طرق، إما السلام وإما الانحدار للحروب، والمسؤولية عن النتائج مشتركة بين الجميع.
(ماذا لو؟) عبارة مفتاحية في خطاب جلالة الملك ليضع السيناريوهات الأقسى واضحة أمام عيون وضمائر من سمعوه، وليضع أعضاء البرلمان الأوروبي امام تجربة و تدريب افتراضي لما سيحدث لو لم يتم اتخاذ إجراءات من شأنها النهوض وتحقيق السلام بمنطقتنا.
كانت بداية الاسئلة بسؤال عن أعمق جرح في المنطقة
ماذا لو تخلى العالم عن حل الدولتين؟
فإسرائيل ما زالت تدير ظهرها لكل المنطقة و متعنتة لقرارها بأن تبقى دولة واحده على أساس غير عادل يعتبر فيه الشعب الفلسطيني في مرتبة مواطن ثانٍ، ولا يمكن الوصول إلى سلام عالمي من دون شرق أوسط مستقر، ولا استقرار دون سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين وهو ما يعني تحقيق حل الدولتين.
تحول بعدها جلالة لطرح السؤال الثاني عن ماذا لو فشل العراق في تحقيق تطلعات شعبه والانزلاق في دائرة مفرغة من العنف مرة أخرى؟
هنا تحدث جلالة الملك عن أهمية العراق في المنطقة من الناحيه النفطية إذ ان العراق يحوي ١٢٪ من إحصائيات النفط العالمي و تحدث عن العقبات التي مر بها ٤٠ مليون عراقي من الحروب والصراعات الدينية وظهور الإرهاب (داعش)، ويخشى جلالته على العراقيين لأن مستقبلهم يرتكز على سلام هش، وهنا بدا الصوت العروبي العميق من حنجرة هاشمية حين أعلن جلالته أنه لن يتخلى عن إخوته واخواته في العراق.
بعدها تابع جلالة الملك الاسئلة ووجه السؤال الثالث عن ماذا لو شهدنا عودة لداعش و كانت انطلاقتها من سوريا؟
هنا كان رد جلالة الملك انه حتى لو كانت سوريا خارج تغطية الإعلام إلا أن سوريا ما زالت تعاني من الأزمة ولا أحد داخل القاعة، في إشارة إلى البرلمانيين الأوروبيين، يريد حدوث لجوء سوري جديد لما يحمله من مآسٍ كبيرة.
بعدها كان السؤال عن ماذا لو انحدرت ليبيا نحو حرب شاملة و أصبحت دولة فاشلة وأصبحت سوريا جديدة ولكن هذه المرة قريبة من قارتكم و بلدانكم؟
وهنا نلاحظ ان جلالة الملك تحدث عن حرب شامله قد تكون قريبه من الاتحاد الأوروبي ومن الممكن أن تعصف عدة نكسات في هذا الاتحاد لو لم يتم التعامل مع الموقف بطريقة جدية وسليمة لإحلال السلام.
بعد ذلك تحول نمط الاسئلة لما يحدث على الخارطة اليوم حيث انه وجه سؤالًا حول ماذا لو في المرة القادمة لم يبتعد اي من الطرفين عن حافة الهاوية؟
وذلك في إشارة لحالة النزاع التي نشبت عقب قيام الولايات المتحدة باغتيال قاسم سليماني.
وكانت الإجابة، بأنه "سيكون انزلاقًا للمجتمع نحو حرب شاملة تهدد أمن و استقرار المنطقة بأكملها".
وكان السؤال الأهم عن ماذا لو فشلت الحكومات العربية في توفير ٦٠ مليون فرصة عمل يحتاجها الشباب خلال العقد القادم؟
لم يغيب الشباب عن بال جلالة الملك، وتحدث عن العثرات التي تقف في وجه مستقبلهم، وأنه أصبح لزامًا على العالم الوقوف إلى جانب الشباب و مساعدتهم، وإلا فإن النتائج ستكون وخيمة وسيكون مناخاً مريحاً وبيئة مثالية للجماعات المتطرفة نحو عملية تجنيد الشباب اليائس والفقير.
وكان جلالته واضحاً في مقهومه للقيادة، ودور القادة، فعند حديثه عن القيادة قال جلالته: "إن القيادة تتطلب التفكير العميق والاستشراف"، وأكد على أن المرحلة تتطلب الصبر والتفكير.
و كانت نهاية الخطاب ترتكز على اقتباس عن جلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه "السلام هو الطريق الأصعب ولكن هو الطريق الأسمى و من الأفضل أن نسيره مع الأصدقاء لنتمكن من الوصل إلى العالم الذي نطمح له ".

أحمد معن القضاة