زينب السامرائي و«نوابنا» !!!
انتابني شعور عميق بالحسرة والحزن بعد مشاهدتي لمقابلة تلفزيونية أجراها الإعلامي العراقي أنور الحمداني على قناة « الفلوجة « مع النائب النرويجية من أصل عراقي زينب السامرائي ، المعلومات التي أدلت بها السامرائي عن حياتها العامة وعن حياتها كبرلمانية معلومات صادمة بايجابية بكل معنى الكلمة ، فالسامرائي من مواليد 22 أكتوبر 1987 وغادرت العراق مع عائلتها إلى النرويج عام 1994 ، و استقرت في أوسلو وانتخبت في مجلس مدينة أوسلو في عامي 2011 و 2015 وترأست نادي هولمليا الرياضي وهي حاصلة على الماجستير في القانون ومحامية لامعة.
من ابرز ما قالته السامرائي عن حياتها كبرلمانية أنها لا تتمتع بأية امتيازات خاصة ، فهي تسكن بشقة مساحتها 50 مترا وفي بناية قديمة بُنيت عام 1944 ولا يوجد بها مصعد ومازالت تسدد قيمتها للبنك ، كما أنها لا تملك سيارة خاصة ، فهي تصل للبرلمان لحضور الجلسات او لمتابعة عملها من خلال الباص ، وعند سؤال الحمداني لها عن الحماية الأمنية لها وعدد أفرادها على غرار النموذج العراقي ، ضحكت وأجابت وبمنتهي الاندهاش والبراءة: «ماكو حماية».
فورا انتقل تفكيري إلى البرلمان العراقي وحاله وأحواله وهو الذي صنف بأنه «بؤرة فساد» وعلى كل المستويات ، وضم ويضم أعدادا من غير المتعلمين ، والفاسدين وتذكرت صورا لنواب عراقيات وهن يلبسن «الشادور الأسود»، ويعجزن عن القراءة باللغة العربية، وعندما يجرى الحديث في البرلمان باللهجة العراقية تكتشف مدى الانحدار «وسوقية المنطق المستخدم والألفاظ المتداولة «مما يعكس البيئة التي» فرخت «هذه النماذج ، وهي بيئة يسيطر عليها الإسلام السياسي بشقيه السني والشيعي ، و ليست ناضجة بأي حال من الأحوال للعمل السياسي ولا للعمل الديمقراطي.
تساءلت كما تساءل الكثيرون مثلي لماذا تحولت شابة عراقية لم يتجاوز عمرها الواحدة والثلاثين عاما إلى نائب مؤمن «بثقافة خدمة الناس» ورفض التمييز عنهم بل وتقديس «مهمتها في الدفاع عن مصالحهم» وممارسة ذلك لقناعتها انها «مهمتها» وليست «مهنتها».
من أبجديات الثقافة الديمقراطية التي تعلمتها زينب السامرائي في» بلاد الكفار « ولم يتعلمها نواب العراق ولا الأردن ولا نواب الوطن العربي ، أن النائب يقدم نفسه للعمل كمتطوع من اجل العمل العام والمصلحة العامة ، ولذلك يتقبل بصدر رحب العمل طوال الأسبوع حتى وقت متأخر في مكتبه في البرلمان بلا «راتب إضافي» ، ولا حتى وجبة مجانية من ميزانية البرلمان.
نواب «المهنة نائب» كما هو لدينا في الأردن أو العراق أو لبنان أو مصر أو المغرب أو حتى الكويت ، هم مرتبطون «بحبل سري مع الحكومة» من اجل الحصول ما أمكن على امتيازات، وفي المحصلة نجد أن برلمانات «المهنة نائب» تمرر كل ما هو متعارض ومتناقض مع مصالح الشعب ، فالبرلمان العراقي «الناضج جدا جدا» مرر أقبح قانون «عبودي» على مر التاريخ الإنساني ساهم وسيساهم في تحطيم قيم «حمورابي العراقي» بعد إجازته تزويج القاصر في سن 9 سنوات ، وبالمقابل فان برلماننا الأردني العظيم مرر ميزانية لا يمكن وصفها الا انها اثقلت كاهل المواطن.
Rajatalab5@gmail.com
الرأي