البرنامج النووي الأردني
جهينة نيوز -
لا أجد أكثر الفئات عداء لنفسها ومصالح بلدها، أكثر من أولئك الذين يعادون أو يرفضون المشروع النووي الأردني، ذلك لأن التدقيق بالدوافع الحسية لهؤلاء المنتفضين ضد المشروع، نجد أن دوافع بعضهم ذاتية ضيقة بسبب رفض تعيين قريب لهم أو محسوب عليهم، أو فشل إدخال مبعوث من طرفهم على قوائم الدارسين، أو فصل شخص غير كفوء تربطه علاقة بأحد المتنفذين برلمانياً أو وظيفياً أو إعلامياً، أو أن شريحة منهم تفتقر للمعلومة الدقيقة؛ لأنه لم يبذل جهداً للوصول إليها، أو لأن هيئة الطاقة الذرية لم تبذل جهداً مماثلاً لتوصيل المعلومة للرأي العام، وسواء بسبب هذا أو ذاك يندفع المعارضون، فتظهر بطولاتهم حرصاً على ملايين الدنانير التي استنزفها المشروع بلا نتيجة قد تحققت.
وأخيراً.. صنعت خيراً لجنة الطاقة والثروة المعدنية لدى مجلس النواب، دعوتها رئيس هيئة الطاقة الذرية الأردنية خالد طوقان وفريق بحثي مرافق له، ليكون يوم الثلاثاء 31 / 12 / 2019 ، ماثلاً أمام رئيس وأعضاء لجنة الطاقة النيابية، وقدم تقريره وعرض معلوماته، مجيباً عن استفسار الأسئلة المثارة وعرض المصاريف التشغيلية الجارية والتنموية الرأسمالية، منذ قيام الهيئة عام 2008.
حسين القيسي رئيس لجنة الطاقة، التقط أحد عوامل سوء الفهم لدى الرأي العام الأردني وهو التقصير الإعلامي، وعدم توصيل المعلومة المطلوبة عن المشروع النووي الأردني؛ ما شكل حالة من الغموض وترك فراعاً تم استغلاله من قبل المشككين على مختلف صنوفهم ودوافعهم واتجاهاتهم، مثلما أثار النواب الجدوى من مشاريع الطاقة النووية، ومدى توفر السلامة العامة من تشغيلها.
رئيس هيئة الطاقة الذرية الأردنية، أكد أن المشروع علمي بحثي قائم بجهود أردنية، يحظى بموافقة الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومراقبتها، وله مردود اقتصادي، يتوسل تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للطاقة، وقد باشرت الهيئة بتنفيذ خمسة مشاريع هي:
أولاً بناء وتركيب وتشغيل المفاعل النووي الأردني للبحوث والتدريب في حرم جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية، وبدء العمل بطاقة 5 ميغاواط عام 2016، ليكون أول منشأة نووية جاهزة للتشغيل في المملكة، وكان أول انتاجه عام 2018 لخط إنتاج نظير اليود 131 المشع للاستخدامات الطبية، والمستخدم في التشخيص والعلاج للأورام السرطانية عبر التعاون مع الخدمات الطبية، وجرى توزيعه على 15 مستشفى ومركزا طبيا نوويا بعد أن تلقت الهيئة التغذية الإيجابية الراجعة لهذا المنتج، وتعمل الهيئة والمفاعل على توسيع إنتاج نظائر طبية أخرى، كما يجري العمل وتشغيل مختبرات التحليل بالتنشيط النيوتروني لخدمة الصناعة وعلم الآثار والتعدين وعلم الجريمة، وتم وضع خطة تجارية لتسويق النظائر المشعة للبلدان العربية.
ثانياً بناء وتشغيل مركز السنكروتورن في بلدة علان، وهو مركز إقليمي تم افتتاحه عام 2017 تشارك فيه دول عديدة ويستخدم لإجراء البحوث التطبيقية اعتماداً على مصدر الفوتونات ذات الطاقة والشدة العالية الصادر عنه، وقد تم تشغيل أول خطين للمرحلة الأولى وهما خط الأشعة السينية، وخط الأشعة تحت الحمراء، وأصبحا جاهزين لإجراء البحوث العلمية في علوم الفيزياء والكيمياء والعلوم الحياتية والبيئية والصيدلانية وعلم الآثار والجيولوجيا، وتم مع نهاية العام 2019 تحقيق 70 بحثاً علمياً قام بها علماء وباحثون من الدول الأوروبية والإسلامية والآسيوية، ويعتبر مكسباً علمياً واقتصادياً.
ثالثاً استخلاص اليورانيوم في منطقة وسط الأردن، أثبتت دراسات الهيئة من خلال شركة تعدين اليورانيوم الأردنية وجود 40 ألف طن من الكعكة الصفراء من اليورانيوم، وتم حصر هذه الكمية وتسجيلها في وثائق الوكالة الدولية للطاقة النووية، وتعمل الهيئة مع شركة التعدين لإعداد الدراسات لإنتاج كميات تجارية من اليورانيوم. كما تعمل على تنفيذ مشروع استخلاص الليثيوم من مياه البحر الميت، والتنقيب عن عناصر الأرض النادرة.
رابعاً محطة الطاقة النووية الأردنية، لقد أنجزت فرق العمل الفنية دراسات البنى التحتية لإنشاء محطة الطاقة النووية، بالتعاون مع الشركات الاستشارية العالمية.
خامساً تنمية الموارد البشرية للبرنامج النووي الأردني، حيث قامت الهيئة بابتعاث 175 طالباً وطالبة إلى الجامعات الروسية والفرنسية والصينية واليابانية والكورية لنيل درجتي الماجستير والدكتوراة في الطاقة والتكنولوجيا لخدمة مشاريع البرنامج النووي الأردني، إضافة إلى تدريب الكوادر والطواقم الفنية الأردنية العاملة في مجالات الطب والزراعة والطاقة والرقابة الشعاعية والنووية والوقاية الإشعاعية والسلامة النووية.
وقد بلغ مجموع الإنفاق المالي على مشاريع ونشاطات البرنامج النووي الأردني ما قيمته 112 مليون دينار أردني بواقع 9 ملايين سنويا، ومع نهاية العام 2019 يكون قد بلغ عمر البرنامج أو المشروع النووي الأردني 12 عاماً وهي مدة زمنية قصيرة وفق المعايير الدولية في تنفيذ برنامج نووي طموح يتكون من مشاريع كبيرة في الطاقة والتكنولوجيا النووية مقارنة مع ما يتوفر من إمكانات مالية وقوى بشرية، وبذلك يكون قد وضع الأردن نفسه على الخريطة النووية لبلدان المنطقة.