البطاينة.. وزير يرفع من قيمة العمل الميداني

جهينة نيوز -عمان - خليل النظامي 

تابعنا جميعا مؤخرا وعبر منصات مواقع التواصل الاجتماعي الوقفات التي نفذها العديد من المتعطلين عن عمل في مختلف محافظات ومناطق المملكة وامام الديوان الملكي العامر وامام رئاسة الوزراء، والتي ومنذ ان نفذوها لم نرى مسؤول او وزير في الحكومة الحالية او السابقة قد تجرأ وجمع فريق وزارته وقام بزيارتهم والجلوس معهم في اماكن تواجدهم ومحاورتهم بالطرق العلمية والمنهجية والاخلاقية التي تربينا جميعا عليها، والتوافق معهم على حلول ضمن المستطاع ترضيهم وتأمن لهم فرص العمل التي توفر لهم الحياة الكريمة والامان الاجتماعي. 

وعلى ما يبدو ان ثقافة تواجد الوزير في الميدان والتي سبق وان وجه بها جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين المعظم الحكومات عدة مرات في مختلف المحافل، امر جديد على معظم الاوساط الرقابية والمتابعة بمختلف شرائحها، بدلالة ما نشاهده من هجمات متتالية على وزير العمل الشاب نضال البطاينه عبر شبكات مواقع التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الاعلام والتي شأنها التقليل مما يبذل من جهود مستخدمين في ذلك عمليات النقد والانتقاد غير المبني على اسس ومعايير حقيقية ومعلومات مسنده وموثقة، ومحاولات عدة في "اجتزاء النصوص" من تصريحاته وتأويلها لاثارة الفوضى وتأليب الرأي العام عليه. 

الحقيقة امامنا تقول وتكتب ان الشارع الاردني متعطش منذ زمن طويل لرؤیة مسؤول یمشي بینھم ویأكل من طعامهم ویشاركھم الحدیث في أحیائھم الشعبیة، یسمع منھم ھمومھم واحزانھم ویرتل على اكتافھم، ویشرح لھم حجم التحدیات التي یمر بھا وطننا العزیز، ویعطیھم جرعات من التفاؤل والامل التي لا یمكن ان تتحقق الا بوقوفنا معا شعبا وحكومة وقیادة للوصول الى شواطئ الامان. 

فالبطاينه ومن امام الديوان الملكي وجلوسة برفقة ابناء ذيبان، الى منطقة مليح حيث رسم الامل على وجوه ابناءها بزيارة خاطفة، وصولا الى قصة طريفه حدثت معه في اربد عروس الشمال منطقة طيبة تحديدا، والتي رواها شاهد عيان لـ"الانباط"، حيث قال انه وخلال اجتماع عقد مع المتعطلين عن عمل من ابناء منطقة طيبة في محافظة اربد حصل وأن حدث اختلاف في وجهات النظر بينهم وبين الوزير، فكانت ردة فعلهم ان تركوا الاجتماع وعادوا من اربد لمنطقتهم طيبة، وبعد سويعات وفي منتصف الليل هاتف الوزير احد المشايخ في منطقة طيبة طالبا منه فتح ديوان الضيافة وجمع ابناءها من الشباب الذي غادروا الاجتماع، مخبرا اياه انه قادم لتطييب خاطرهم وأنه لن ينام الا بعد ان يرسم الابتسامة على وجوهم من جديد، وفعلا زارهم البطاينه واجتمع بهم مرة اخرى في منتصف الليل. 

ومن ناحية فنية وادارية نجد ان ما يفعله الوزير البطاينه عبارة عن تمثيل حقيقي وارساء للمنظور الواقعي لتوجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين المعظم من خلال تطبيقه للمفهوم الحقيقي لمهمة "وزير الميدان"، الوزير الذي يجلس بصحبه ابناء الطبقة الكادحة ويتدفأ على نيرانهم البسيطة من حطب اللزاب، ويشاركهم كأس من الشاي وهو جالس على "فرشة" رقيقة من الصوف الخشن، يحاورهم ويناقشهم بلغتهم العفوية البسيطة، لا بلغة المناصب الرسمية التي تنفر ولا تقرب، يتنقل من منطقة الى اخرى تارة في الصباح واخرى في المساء، لاحتضان هموم شباب الاردن وحمل مسؤوليتها الخاصة على عاتقه كـ وزير وكمواطن يبحث عن راحة اخوته من ابناء الاردن. 

وبالرغم من كل ما يقوم به البطاينه نجد هناك في الركن المقابل ذئاب مكشرة عن انيابها بشراسة غير معهوده، لربما السبب في ذلك ان البطاينه قام بتغيير شكل القالب التقليدي لمجسم منصب "الوزير" الذي اعتاد عليه العديد من المسؤولين، الامر الذي لم يعجب البعض منهم فلم يجدوا حيلة لهم سوى مهاجمته خوفا من ارتفاع معايير اختيار الوزراء والمسؤولين في الحكومات القادمة والتي يريد البعض ابقاء تلك المعايير على حالها التقليدي دون احداث اي تغيير عليها. 

البطاينه عاد الينا من دولة الامارات الشقيقة يحمل في جعبته العديد من الخبرات العملية والفنية مؤطرة بالحماسة والاندفاعية تجاه تنفيذ ما في جعبته من خطط واستراتيجيات جديدة وحديثة ومواكبه شانها تصحيح الخلل الحاصل في سوق العمل الاردني وتقنين اوضاع العمالة الوافده المتكدسة في قطاعاته المختلفة من جهة، والمساهمة في اعادة تشكيل البناء الحقيقي لاستراتيجيات تخفيض نسبة البطالة المرتفعة بين الشباب الاردني من خلال التشبيك بينهم وبين مؤسسات القطاع الخاص وخلق فرص عمل من جهة اخرى. 

وما يحمله البطاينه من استراتيجيات وافكار وخطط جديدة تحتاج الى مساحة من الحرية ووقت كافي لتنفيذها على ارض الواقع وحصد ثمارها، ولسوء الحظ هذا ما لا يملكه الوزير البطاينه ولا تملكه ايضا حكومة الرزاز  فيما تبقى لها من عمر، وهذا يحتم علينا جميعا تعزيز التغيير الذي احدثه نضال البطاينه على المفهوم التقليدي لـ منصب الوزير سواء تم اختياره في الحكومة القادمة او اختيار غيره.