مكتبة الأسرة: مشروع تنويري يموت سريريا بفعل الموازنة

جهينة نيوز -رياض ابو زايدة- تمارس الموازنة العامة سنويا في كل عام لعبتها في اجراء المناقلات من بند إلى آخر، حتى وصلت إلى مشروع مكتبة الأسرة الأردنية الذي تقوم فلسفته على توفير الكتاب للمواطن بسعر رمزي.
فمشروع "مكتبة الاسرة" الذي اطلقته وزارة الثقافة 2006، ورصدت له آنذاك 130 ألف دينار لطباعة العناوين، وشراء حقوق المؤلفين والناشرين، أصبحت أرقامه اليوم تترنح بفعل هذه المناقلات حتى أفقدته توازنه! مستشار وزير الثقافة، ومدير المشروع الدكتور أحمد راشد قال" إن نقص المخصصات والدعم المقدم للمشروع، وتخفيض موازنة الوزارة ساهم في تراجع المشروع شيئا فشيئا، ومنذ عام 2010 تراجعت أعداد النسخ المطبوعة من 270 ألفا حتى وصلت العام الحالي الى 132 ألف نسخة".
وعلى العكس تماما من المرحلة الأولى (2007-2009) للمشروع التي يصفها الدكتور راشد "بالذهبية" حيث تطور المشروع بشكل مستمر ولافت حيث كانت أعداد الكتب في إزدياد عاما بعد عام، من(50 -70) وصولا إلى 100 عنوان في 2009، حتى وصلت عدد النسخ في هذه الفترة الى أكثر من مليون 200 الف نسخة للكبار والاطفال. عند رصد مجالات وموضوعات كتب المشروع الذي تصفه وزارة الثقافة بأنه أحد البرامج الثقافية الوطنية الريادية، يتبين أنها ليست محصورة في مجال محدد، بل تتناول مختلف مجالات المعارف الإنسانية مثل الدراسات والتراث الأردني،التراث العربي والإسلامي،الفكر والحضارة، الأدب الأردني والعربي والعالمي، والعلوم والفنون، والثقافة العامة. إضافة الى إصدارات مخصصة للاطفال، وكل مجال من المجالات السابقة يتناول العديد من المواضيع المختلفة. أصدر المشروع الذي من أهدافه المساهمة في رفع مستوى الوعي لدى أفراد الأسرة، وتشجيع القراءة واقتناء الكتاب وتأسيس مكتبة في كل بيت من المعارف الإنسانية التي تثري العقل والوجدان، أصدر في دوراته الثلاثة عشرة(2007-2019)، ما يقارب من 733 عنوانا لعدد من الكتاب الاردنيين والعرب، والعالميين، منها 579 عنوانا للكبار، و 154 عنوانا للاطفال، طبع منها اكثر من ثلاثة ملايين نسخة، كانت حصة الاطفال مايقارب المليون نسخة ومليونين للكبار، ثمن كتاب الطفل 25 قرشا و35 قرشا للكبار. رئيس منتدى جماعة درب الحضارات الثقافي في محافظة الكرك الباحث نايف النوايسة يرى أن وزارة الثقافة رسخت من خلال هذا المشروع فكرة أن الكتاب للجميع، وليس مقتصرا على فئة دون غيرها، إعمالا لمبدأ توزيع مكتسبات التنمية الثقافية على مختلف أقاليم المملكة.
وأوضح "أن بقاء المشروع يحقق فائدة للقارىء بتأسيس مكتبات بيتية، والتعريف بالكاتب الاردني من خلال طباعة أعماله، والتعريف بالإصدارات العالمية.
وأكد أن "أي عبث بمشروع مكتبة الأسرة طعن للثقافة الأردنية في القلب، وهذا ما لا يرضاه المثقف".
أمين سر رابطة الكتاب الأردنيين الناقد محمد المشايخ قال " إن مشروع مكتبة الأسرة من أنجح المشاريع الثقافية التي تقوم بها وزارة الثقافة لأنه يوصل رسالة أدباء الأردن والوطن العربي والعالم إلى قرائهم في جميع محافظات المملكة بأسعار زهيدة".
ووفقا لمتابعته للمشهد الثقافي خارج العاصمة، وتحديدا في محافظة الزرقاء " فهو من المشاريع التي ينتظرها سكان المحافظات بفارغ الصبر لأنها تربطهم بالكتاب الورقي في مختلف الأجناس الأدبية والفكر بل وفي وجميع أبواب المعرفة – قديمها وحديثها بعيدا عن أجهزة التواصل الاجتماعي، ولأنها تطلعهم بشكل شبه مجاني على أحدث ما أصدره الكتاب المعاصرون، والقدماء".
راشد يقدر نسبة المبيعات "بأنها لا تقل 80 في المائة في كل دورة، وهناك بعض العناوين المتعلقة بالتراث العربي والإسلامي والدراسات والفكر والحضارة والأدب العالمي فإنها تنفذ من الأيام الأولى نتيجة الإقبال عليها.
"وما يتبقى من إصدارات - وهو قليل في بعض العناوين- يتم تنظيم معارض فرعية له من خلال مديريات الثقافة في المحافظات، أو الجامعات، او المؤسسات التعليمية والثقافية الأخرى".
وزير الثقافة السابق الدكتور صبري اربيحات، ابدى خشية "من انحدار موازنة الوزارة، وبالتالي قد يتأثر المشروع الذي وصلت إصداراته أثناء توليه الوزارة في 2009 الى 540 ألف نسخة، وعدد العناوين الى 100 عنوان للكبار والأطفال في دورته الثالثة" وهي الأعلى منذ انطلاقته حتى الآن، وتشكل هذه الدورة علامة فارقة من بين 13 دورة استمر بها المشروع.
وبين" أن الأردن من أقل دول العالم إنفاقا على الثقافة فمن كل 1000 دينار ينفق الأردن فقط 65 قرشا، بينما من الممكن أن تكون الصناعات الثقافية ومنها تأليف الكتب أن تساهم في النمو الاقتصادي بنسبة 11 في المائة. أرقام وزارة الثقافة التي تم رصدها اعتمادا على درجة إقبال الجمهور على مراكز البيع في المحافظات تبين أن نسبة الإقبال الشديد للجمهور الأردني تأتي لرغبته في المعرفة، وإدراكه لأهمية القراءة، واقتناء الكتاب في مكتبة بيته.
وتوضح هذه الأرقام أن توفر مراكز البيع في مختلف تواجد الكثافة السكانية، وسهولة الوصول إليها، وسعر الكتاب الذي لم يتجاوز ثمنه (35) قرشا للكبار، و (25) قرشا للأطفال بغض النظر عن حجمه وشكله، وتنوع المعارف الإنسانية ، تلبي احتياجات مختلف الفئات العمرية للأسرة.
وهذا ما يؤكده الكاتب المشايخ في "أن مكتبة الأسرة بمعارضها التي تصل للمواطن الأردني مهما كان بعيدا عن العاصمة، تشكل ثروة فكرية وأدبية وتاريخية ينبغي البناء عليها وتوسيعها وزيادة عدد الكتب التي يتم نشرها من خلالها، وعدم التفكير مطلقا بإيقافها، لما في ذلك من إضرار بالمثقفين، بل وتجفيف لمنابع الثقافة، وحرمان للمتعطشين للمطالعة من أعز ما ينتظرون من السنة إلى السنة.
الباحث النوايسة الذي كان عضوا في اللجنة التوجيهية العليا عند إقرار المشروع في العام 2006 يستذكر حجم الإقبال على إصدارات المشروع آنذاك، مبينا" أنه ذراع مهم لتعميم ثقافة القراءة على الاردنيين عائلات وأفراد، ويجب الاستمرار به ". وحول الدعم المقدم من المؤسسات الوطنية قال راشد: "إن مؤسسة عبد الحميد شومان هي الداعم الرئيسي الثابت للمشروع منذ انطلاقته، وكان هناك دعم في سنوات سابقة من امانة عمان الكبرى، ولكنه توقف منذ عام 2014". --(بترا)