التسويق الاجتماعي المتخصص  !!!

م. هاشم نايل المجالي

 

التسويق الاجتماعي علم قائم بحد ذاته ولا يختلف عن التسويق التجاري الذي نتعامل به يومياً في مجال الاعمال الا ببعض الامور التي تتعلق بهدف التسويق ، حيث ان التسويق التجاري يهدف بكل مراحله وعملياته وخططه لزيادة فرص بيع المنتج مقابل المال ، اي اننا نبيع السلعة باحدث الوسائل والعروض والمواصفات للحصول على اعلى سعر مقابل ذلك ، حيث نضع صورة ذهنية عند المشتري لاقناعه بشراء احدث المنتوجات وبسعر مرتفع كونها تحمل اعلى المواصفات كما هو الحال عند شرائك لسيارة ما حيث يعرض عليك السيارة نفسها لكن بمواصفات متفاوته ليقنعك بالسيارة التي فيها مواصفات اكثر وبالتالي تدفع مبلغا اعلى ، كذلك الامر عند شرائك للتلفزيون يعطيك اكثر من خيار لنفس التلفزيون بفارق المواصفات ليقنعك بصورة ذهنية لاختيار الاكثر مواصفة والاعلى سعراً وهكذا .

اما التسويق الاجتماعي فهو التسويق الذي يتم ترجمة الغاية من البرنامج او المشروع واهدافه وخططه ومردوده الايجابي ليتم اقناع احدى الشركات او المؤسسات او المنظمات لتبنيه كونه ينشر مباديء ايجابية وقيم اخلاقية في المجتمع وتوعية وارشاد وخدمات ملموسة ، اي ترجمة الدعم المالي الى برامج وانشطة وخدمات ومشاريع صغيرة لها مردود ايجابي وملموس ، كذلك برامج بيئية وصحية وتعليمية وهكذا ، لتكون هذه الشركات او المؤسسات او المنظمات هي الراعية لتنفيذه وتوسيع خططه وبرامجه اذن نحن نبني صورة ذهنية لديهم عن مدى ايجابيات هذا المشروع اي اننا نسوقه عليهم وعلى شكل مراحل لتثبت كل مرحلة جدواها واثارها ثم ننتقل الى المرحلة الثانية والتي من الممكن ان تكون مكلفة اكثر من المرحلة الاولى لشمولها مواد عينية او برامج تدريبية او مشاريع خدماتية او انتاجية بعد ان نكون قد اقنعنا الشركات والمؤسسات بذلك ، فمثلاً هناك برنامج اسمه (حملة البركة بالشباب) تبثه قناة mbc وهو عبارة عن حملة يقوم بها مجموعة من الشباب العربي ضمن مجتمعهم تسلط الضوء على الكثير من الايجابيات والقيم والمباديء الاخلاقية والتوعوية والمشاركات الايجابية ، لزرع الفضيلة وحب العطاء والانتاج والخدمة والمساعدة ، وتدعو الشباب لاعتناق الاعمال الصالحة كون فيهم بركة لخدمة مجتمعهم وخدمة المحتاجين مسنين وذوي احتياجات خاصة وغيرهم .

والهدف من وراء ذلك ليس النقود بل ان القناة تسوق نفسها عن طريق التسويق الاجتماعي وكما القناة ترضي نفسها فان هناك كثير من الشركات الكبرى والمنظمات تعمل على ايجاد جمعيات او مؤسسات غير ربحية لتسوقها (تسويق اجتماعي) ، سواء كان ذلك على شكل برامج هادفة او متخصصة او مشاريع بيئية وهكذا ، لتحظى بسمعة ايجابية ويتقبلها المواطن ويتقبل منتوجاتها ويفضلها على غيرها كونها تدعم المجتمع ببرامج واهداف ومشاريع خدماتية او توعوية ، فهناك خبراء اجتماعيون وغيرهم متمرسون ببيع الافكار وترجمتها الى خدمات ، وتسوق الشركة بطريقة ايجابية لتحظى بدعم مجتمعي كون هذا الاسلوب له تأثير في السلوك الاجتماعي ينفع المجتمع والشركة او المنظمة ، بذلك تستطيع تطوير الرؤى لرسالة شركتها او المنظمة لتحقيق الاهداف المرجوة ، وتحقيقها وخلق قيمة ومكانة مجتمعية وتكوين صورة ذهنية لدى المواطن على اهمية دعم منتوجاتها بغض النظر عن الاسعار ، كما وان يصبح هناك شراكة حقيقية والشركات الوطنية بذلك تتمكن من منافسة الشركات الاجنبية في تسويق منتوجاتها ومبيعاتها بقناعة اكثر ، لينتقل المشروع من مكان الى آخر حسب الشركة او المنظمة التي تتبناه ، خاصة العاملة  في تلك المناطق بخطط واستراتيجيات ابداعية متطورة وهو وسيلة للتميز وتحقق التوازن بينها وبين البيئة المجتمعية وتعرفها عن اي مشكلة بالمنتج من خلال التواصل القريب مع المواطنين ، وتحديد مواطن القوة او الضعف مقارنة مع المنافسين لها ( الصناعة الاجنبية لنفس المنتج او الشبيهة له ) كل ذلك في رسالة مجتمعية خدماتية وطنية تحقق مردوداً ايجابياً ، وترفع من الحصة السوقية للشركة .

ولا ننسى ان الصناعات المنزلية الحرفية المتقنة والمنفذة منزلياً تجدها في الدول الاوروبية اغلى قيمة وثمناً من باب الدعم لهذه الاسر لتغطية احتياجاتها ، مثل المطرزات التي تشتهر فيها مدينة بروج في بلجيكا والكريستال المنزلي في التشيك والصابون المنزلي المعطر ، او على مختلف النكهات في العديد من الدول الاوروبية حيث يستخدم في المصانع والشركات وغيرها ، كذلك بعض الحرف اليدوية في مصر والتي تحتاج الى اتقان ومشاغل الصوف المنزلية والتي تشتريها الشركات لعامليها ولابنائهم او لخدمة ابناء المجتمع المحلي ، وهكذا العديد من المشاريع والخدمات والبرامج الملموسة من شأنها ان تقدم توعية وحماية اجتماعية من خلال مجموعة من التدابير كالخدمات الصحية للمسنين والمعاقين ، كذلك بعض المشاريع والمساعدات التي تساعد الاسر على مواجهة المخاطر الجسيمة في الحياة في التخفيف من معاناتهم ، والحماية الاجتماعية لا غنى عنها في السياسة الاجتماعية منها حماية الاطفال من العمل الغير لائق والخطر .

ولقد لاحظنا صفحات الصحف اليومية تزخر بعرض لاحدى الشركات الكبرى لما تقدمه من دعم مالي لمؤسسات وبرامج وغيرها لكن هذا لم ينعكس على المجتمع مباشرة من الشركة ، ليلمسه المواطن المحتاج والفقير او برامج للشباب او خدماتية او صحية بل استعراض وتنظير لا فائدة منه يذهب الى مؤسسات لديها الامكانيات المادية والمداخيل من المنظمات الدولية وبذلك تبقى الجمعيات في المناطق النائية تعاني من قلة الدعم ، فالشركات لدينا تبحث عن برستيج اعلامي ، وعلاقات مع اصحاب النفوذ لتحافظ على مستوى مرموق من التعامل ، وتخجل ان تتعامل مع الشباب المحتاج للعمل ببرامج خدماتية او انتاجية او بيئية او ثقافية وعليها ان نجد من يسوقها اجتماعياً من نفس ابناء المنطقة ( جمعيات او اندية او مراكز ...الخ ) متخصصة بتصميم برامج اجتماعية خدماتية تحتاجها المنطقة ولا يمنع ان تساند الشركة تلك الجمعيات بخبراء اجتماعين لتطوير المشروع وتعزيز قدراته واتساع الفائدة .

 

 

hashemmajali_56@yahoo.