التنمر على الوزراء الجدد

نشطاء يتناقضون.. بين المطالبة بالتجديد والهجوم عليه

تغيير النهج يصطدم بضعف الأحزاب والكتل البرلمانية

جهينة نيوز– عمان - بلال العبويني

بعيدا عما قد تقوله مراكز الدراسات عن مستوى تفاؤل المواطنين بقدرة الحكومة في تحسين الواقع المعيشي للناس فما تبقى من عمرها الذي لن يزيد على ستة أشهر إذا ما تم تمديد عمر مجلس النواب، فإن الواقع المعيشي يؤشر إلى أن تلك الثقة تنحدر بشكل متسارع وخطير.

ثقة المواطنين بالحكومة في أدنى مستوياتها، بل إن القة في تحسن الواقع المعيشي يزداد انحدارا مع ما يعانيه المواطنون يوميا من تحديات معيشية خانقة وهو ما ينعكس بالضرورة على ما يعانيه القطاعات الاقتصادية المختلفة من تحديات اقتصادية جمة، دعت الكثير من القطاعات إلى إجراءات صعبة من مثل التخلي عن موظفين أو حتى إغلاق بعضها أو اضطرار أخرى إلى تقديم عروض غير مسبوقة من مثل تأجير مبان تجارية بعروض مغرية أول ست أشهر مجانا، رغم ذلك الإقبال ضعيفا إن لم نقل أنه معدوما.

في عهد الحكومة الحالية على الأقل، ساهمت التعديلات الحكومية وقبلها التشكيل الحكومي في بث روح اليأس لدى المواطنين في إحداث فارق اقتصادي يريح الناس.

غير أن هذه التعديلات الوزارية يمكن قراءتها من زاويتين الأولى، دائما ما تطالب بضرورة تجديد عروق الدوة وضخ دماء جديدة فيها، فيما الثانية تتمسك دائما بالقديم ولا تحبذ التجديد.

هذا التصنيف يبدو طبيعيا، غير أن ما ليس طبعيا هو الهجوم الذي تتعرض له الحكومة والوزراء الجدد من قبل بعض من يندرجون تحت التصنيف الأول، وهو ما يحار معه المراقب من ناحية ما الذي يريدونه بالضبط؟.

يشير هذا التناقض الحاصل في الموقف، إلى أن بعض هؤلاء غير المستقرين على رأي محدد من التجديد إلى ضياع البوصلة أو الرأي المستند إلى قناعة خالصة في الرغبة بالتجديد وضخ الدماء الجديدة في عروق الدولة والاستفادة من قدرات ربما كانت تفتقرها المناصب الحكومية وذلك من قبل الجيل الجديد الصاعد سواء أكانوا رجالا أم نساء.

مشكلة من يتناقض في مواقفه أيضا أنهم لا يستندون إلى قاعدة سياسية أصيلة كأن يروى في طريقة التوزير خللا باعتبار أن رؤساء الحكومات لم يعتادوا على تبرير أسباب دخول الوزراء من مجلس الوزراء، أو أنهم لا يستندون إلى قاعدة سياسية أصيلة في أن الحكومات يجب أن تكون من رحم البرلمان أو من رحم الأحزاب والتجمعات والإئتلافات السياسية الأخرى.

المنطق السياسي الحصيف والذي يعتبر مؤشرا للإصلاح الحققي يكمن في الحالة الأردنية أن تنبثق الحكومات من البرلمان، ولا بأس أن لا يكون كامل أعضائها نوابا وقد لا يكون أي منهم نوابا بل يكفي أن تنسب الكتلة الأكبر أو إتتلاف كتل برلمانية برئيس وزراء ليشكل حكومة.

عندخا ستكون هذه الحكومة تحت المجهر النيابي والشعبي لأنه مطلوب منها أن تقدم برنامجا سياسيا اقتصاديا اجتماعيا ثقافيا متكاملا، تحاسب عليه من قبل حكومة الظل البرلمانية وبقية الأحزاب والتجمعات الأخرى.

وبما أن هذا المنطق ليس سائدا لدينا ولا مؤشرات لقرب تطبيقه، لأسباب مختلفة منها ضعف الأحزاب وغياب الجماهرية والبرامج الحقيقة عنها والتشتت الذي تعاني منه، فضلا عن أسباب أخرى، فإن المنطق أن يكون بمعالجة طريقة التوزير القائمة من ناحية وضع المبررات أمام الرأي العام ليكون قادرا على الحكم أو المحاسبة.

وعليه وإن كان هذا أيضا ليس موجودا بالحكومات لدينا، فإن النقد يجب أن يكون موجها لنهج التوزير ولرئيس الوزراء ذاته، لا للوزراء الجدد، فليس لهم ذنبا في اختيارهم وزراء حتى وإن سعوا إلى ذلك.

غير أن ما شهدناه خلال التعديل الوزاري الرأبع على حكومة الرزاز مثلا، هو تنمر من قبل بعض المراقبين ونشطاء السوشال ميديا الذين طالوهم بالنقد الذي وصل إلى التجريح أحيانا قبل أن يروا خيرهم من شرهم.

المشكلة الحقيقة في مثل هذا الوضع أن بعض الذين يطالبون بالتجديد هم أول من ينقلب على التجديد نقدا يصل حد التجريح غير المبرر وغير المفهوم، وغير ذلك فإن النقد الذي يطال النهج وعدم الحديث عن مبررات التوزير من عدمه فإنه يبقى نقدا مقبولا طالما أنه صادر عن قناعة راسخة.