اليرموك تقترح مواصفات لسجل وطني لتسجيل وتوثيق القطع الأثرية في الأردن

اربد 

أكد القائم بأعمال رئيس جامعة اليرموك الأستاذ الدكتور زياد السعد ضرورة تكاتف جميع الجهود من اجل إنشاء سجل وطني أردني شامل لجميع القطع والمواد الأثرية الموجودة في الأردن، مبني على أسس علمية حديثة لتسجيل كافة الموجودات الأثرية بالتعاون مع مختلف الجامعات الأردنية والمؤسسات الوطنية المعنية في تسجيل وتوثيق وحماية القطع الاثرية الأردنية، بما يلبي طموحات أبناء المجتمع الأردني المهتمين في هذا المجال، والباحثين من اعضاء الهيئة التدريسية والطلبة.

جاء ذلك خلال جلسة نقاشية بعنوان "مواصفات السجل الوطني الأردني لتسجيل وتوثيق القطع الأثرية في الأردن" والتي نظمتها كلية الأثار والانثروبولوجيا في الجامعة بالتعاون مع مركز المصير الدولي للدراسات والأبحاث، ضمن مشروع "إنقاذ التراث الحضاري الأردني من خلال مكافحة الاتجار بالأثار وتهريبها" الممول من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية USAID، والمنفذ من قبل منظمة صحة الأسرة الدولية 360FHI.

وشدد السعد مدير المشروع على أن الفريق البحثي للمشروع قدم مقترحا لمواصفات السجل الوطني للأثار الأردنية وذلك ضمن اهداف المشروع الذي يسعى لوقف ظاهرة الاتجار غير المشروع بالأثار وتهريبها التي تفشت مؤخرا في اوساط وشرائح المجتمع المختلفة، لافتا إلى ان السجل سيكفل ايقاف هذه الظاهرة التي أدت إلى ضياع جزء كبير من تراث الاردن الحضاري من جهة، ويعد وسيلة فعالة للترويج للسياحة والأماكن التراثية الأردنية من جهة اخرى من خلال إتاحة المعلومات العلمية الشاملة للمستخدمين من كافة أنحاء العالم إلكترونياً، حول خصائص القطع الأثرية الطبيعية، وتاريخها، وتوصيفها، وأبعادها، وأشكال الزخارف التي تحتوي عليها، والمشاكل التي تعاني منها وكيفية معالجتها.

وأوضح السعد ان الطريقة المستخدمة حاليا في تسجيل وتوثيق القطع الأثرية في الأردن تعتمد على ثقتنا بالموظف المسؤول فقط، مما قد يؤدي إلى ضياع أو استبدال أو سرقة بعض هذه القطع، لافتا إلى ضرورة العمل بكل جد من اجل اعتماد سجل وطني لتوثيق هذه القطع الأثرية وفق أحدث الطرق الأثرية العلمية، الأمر الذي يحافظ على مخزوننا من هذا الارث الحضاري، ويحصر ما بداخل المتاحف من مقتنيات والتعرف على ماهيتها وتحديدًا أماكن تواجدها، ويثبت ملكيتنا لها دوليا، واسترجاعها في حال فقدها او استبدالها.

وقال السعد إن السجل يسهم في توفير قاعدة بيانات يمكن الاستفادة منها في إعداد سيناريوهات العرض المتحفي  والاستفادة المعلوماتية منها في اختيار القطع الأثرية الخاصة بالمعارض سواء الداخلية أو الخارجية، إضافة إلى أن التسجيل يعد من اهم مراحل الترميم، بحيث يساعد التسجيل في تحديد درجة التلف للقطع الأثرية من أجل سرعة إجراء عمليات الصيانة، ووضع استراتيجية للصيانة والحماية الدائمة للقطع، إضافة إلى ضرورة توثيق أعمال الصيانة الناجحة وغير الناجحة تفاديا لإعادة استخدام الطرق أو المواد التي ثبت عدم فاعليتها في الترميم.

وضمن فعاليات الجلسة النقاشية استعرض الدكتور مصطفى النداف مواصفات السجل الوطني الأردني لتوثيق القطع الاردنية المقترح من قبل الفريق البحثي للمشروع تتضمن أربعة مجالات الأول حماية مرافق المتاحف والمستودعات من خلال التفقد اليومي لأبواب وشبابيك المتحف وجرس الانذار لتحديد حالتها وتوثيقها عن طريق تعبئة نموذج خاص تم اعداده لهذه الغاية، إضافة للتفقد اليومي لخزائن العرض أو التخزين لتحديد حالتها وتوثيقها عن طريق تعبئة النموذج الخاص بها، والثاني من خلال توثيق القطع الأثرية الذي يشمل ثلاثة مستويات وهي التوثيق الورقي، والالكتروني، والفوتوغرافي.

وأشار إلى أن التوثيق الورقي يكون  بتوثيق 19 بندا خاصا بكل قطعة تشمل تحديد هوية القطعة بإعطائها وصفا دقيقا ومفصلا، بحيث تمنح القطعة رقما وطنيا خاصا بها يوضع على القطعة نفسها و يكتب بمادة خاصة، مع مراعاة اتباع نظام ترقيم موحد للقطع الأثرية في كافة المتاحف الأردنية، وأن يكون لكل قطعة رقم فريد خاص بها يتضمن اختصارات متفق عليها لكافة المواقع الأثرية في الأردن تدل على الموقع الذي عثر به على القطعة الأثرية، وسنة العثور عليها، ورقما تسلسليا.

كما تشمل بتحديد نوع القطعة سواء أكانت تمثال، أو إناء، أو لوحة فنية، أو فسيفسائية، أو مخطوطة، أو مجوهرات أو غيرها، وتحديد مادة صنع القطعة الأثرية سواء أكانت من الخزف أو الحجر، أو المعدن أو مواد عضوية، أو غيرها، إضافة لتحديد تقنية صنع القطعة بالنقش، أو النحت، أو الرسم، وتحديد أبعاد القطعة طولها، وعرضها وارتفاعها، وعمقها، ووزنها في حالة القطع ذات المعدن النفيس، وتوثيق النقوش من كتابات، أو رسوم، أو توقيع صانعها أو ختمه، بالإضافة إلى توثيق العلامات المميزة للقطع الأثرية تساعد في التعرف عليها في حالة وجود قطع مشابهة، وتسجيل عنوان القطعة، ومضمونها في حال كانت لوحة فنية، تاريخ الأثر والفترة التي يعود لها، ووصف القطعة كلونها وشكلها، وصانعها، وأية مواد أو معلومات او تقارير نشرت حولها، ومكان صنعها أو مكان اكتشافها.

ويشمل التوثيق الورقي أيضا الإشارة إلى القطع الأثرية ذات الصلة بالقطعة التي يتم توثيقها، وتاريخ تنفيذ عملية التوثيق والجهة التي قامت به، منوها إلى ضرورة عدم تمكين الشخص المسؤول وحده من تغيير المعلومات الواردة في قواعد البيانات، بحيث تكون هذه البيانات موقعة من أمين العهدة ومن أمين المتحف وشخص ثالث يختاره أمين المتحف، وفي حال وجود أي تغيير في قواعد البيانات يجب أن يتم بعد اعطاء المبررات لذلك وبموجب قرار لجنة يتم تشكيلها لهذه الغاية، إضافة إلى تخزين قواعد البيانات بعدة أماكن آمنة تضمن عدم تلفها أو سرقتها.

وأوضح النداف خلال الجلسة أن التسجيل الفوتوغرافي يكون بتسجيل وتوثيق كل ما يخص الأثر عن طريق التصوير الفوتوغرافي ويجب أن يتم التقاط صورة متعددة من زوايا مختلفة بهدف الحصول على تسجيل شامل للأثر وما يحمله من كتابات ونقوش، بما يساعد على التعرف عليها في حالة الفقدان أو السرقة، وتحديد كيفية حفظها بما يمنع إلحاق الضرر بها، وتتبع التغيرات التي تحدث للقطعة مع مرور الوقت نتيجة لتعرضها لعوامل التلف ومقارنة حالة القطعة الأثرية قبل وبعد عملية الترميم، مشددا على ضرورة توثيق حجم ولون القطعة، ورقم التسجيل الخاص بها، واستخدام إضاءة مناسبة للتصوير، ومراعاة أسس التصوير لأبعاد القطع المختلفة سواء أكانت ثنائية الابعاد ام ثلاثية، أو ذات الاسطح المنقوشة أو البارزة، مع مراعاة استخدام خلفية التصوير المناسبة لتحقيق التوازن اللوني للقطع المراد تصويرها، فضلا عن التقاط الصور التفصيلية التي تبين اماكن التلف للقطعة، مشددا على ان التوثيق الفوتوغرافي كما الورقي يستوجب عدم السماح للشخص المسؤول وحده تغيير الصور المأخوذة، بحيث يكون ظهر هذه الصور موقعا من أمين العهدة ومن أمين المتحف وشخص ثالث يختاره أمين المتحف، كما ان أي تغيير في الصور يجب أن يتم بعد اعطاء المبررات لذلك وبموجب قرار لجنة يتم تشكيلها لهذه الغاية، مع ضرورة تخزين الصور بعدة أماكن آمنة تضمن عدم تلفها أو سرقتها.

ولفت النداف إلى أن التوثيق الالكتروني بالإضافة الى النسخ الورقية، يعد من الأمور الضرورية لتسجيل البيانات الخاصة بالقطع الأثرية بالمتاحف لتوفير قواعد بيانات إلكترونية، التي  تشغل حيزا أقل من نظم التسجيل الورقية، كما انها تتيح تخزين المعلومات على نحو مرتب ومنظم وتسمح بالقيام بعملية البحث بشكل سريع، مبينا ان نظام التوثيق الإلكتروني يتيح تبادل المعلومات بين المتاحف، أو بين أقسام المتحف الداخلية، كما يتيح إرسال الصور والبيانات الخاصة بالقطع إلى الباحثين، أو إلى الشرطة، أو إلى المنظمات الدولية مثل اليونسكو.

وأشار إلى ان التوثيق الالكتروني يمكننا من إعادة استخدام المعلومات المحفوظة في قواعد البيانات بطرق مختلفة بما فيها إعداد الكتالوجات ونصوص المعارض، مشددا على ضرورة وضع بصمة ليزر للقطع المهمة كقطع العملة، ووضع ثلاث كلمات مرور مختلفة من اجل تغيير محتوى قواعد البيانات الالكترونية، وتخزينها بعدة أماكن آمنة تضمن عدم تلفها أو سرقتها.

ويشمل المجال الثالث في السجل توثيق القطع الواردة إلى المتاحف، بحيث تصبح القطعة بمقتضاها رسمياً جزء من مجموعة المتحف، وتختلف بيانات التسجيل طبقا لحالة الإدخال، فبعض القطع تدخل المتاحف كهبة من احد الاشخاص فيتم تسجيل اسم المودع وعنوانه ومعلومات القطعة، أو الاعارة داخل البلد نفسه أو بين بلدين مختلفين، فيتم تسجيل كافة المعلومات التفصيلية بين الطرفين إضافة لقيمة التأمينات وترتيبات النقل، وتحديد معايير العناية، ومسؤولية الصون، ومدة الاعارة وتاريخ الاستلام، وفي حالة النقل النهائي للقطع من متحف لآخر يجب توثيق كافة المعلومات التفصيلية عن القطعة وتاريخ ورقم القرار الوزاري الذي تم بموجبه نقل القطعة، مع بيان الجهة الوارد منها القطعة والمنقول اليها، موضحا أن بعض القطع تدخل المتاحف من خلال المصادرة التي يتم ضبطها كدليل في قضية ما.

وفيما يتعلق بمجال التوثيق الرابع أشار النداف إلى أن السجل المقترح يتضمن نظاما لتتبع القطع الأثرية، من خلال تخزين جميع البيانات المتعلقة بالقطعة الأثرية على شريحة الكترونية مثبتة عليها، تتيح امكانية تتبعها، وامكانية الجرد الآلي لمحتويات المتحف دون الحاجة لإجراء الجرد بالطرق التقليدية التي تتطلب وقت وجهد.

بدوره أكد الدكتور مفلح الجراح مدير مركز المصير حرص المركز على حرص المركز على تناول كافة القضايا المجتمعية الهامة باعتباره مؤسسة مجتمع مدني، مؤكدا أهمية البحث والتقصي حول مدى خطورة وانتشار ظاهرة الاتجار غير المشروع بالآثار التي من الممكن أن تؤدي إلى فقدان الأمة لهويتها الحضارية والثقافية.

وفي نهاية الجلسة النقاشية التي حضرها مستشار وزير الثقافة للشؤون الهندسية مدير متحف الحياة البرلمانية الدكتور المهندس ماهر نفش، ومدير متحف البنك الأهلي الأردني للنميات الدكتور حسن زيود، وعميد كلية السياحة والفنادق في الجامعة، وأعضاء الهيئة التدريسية في كليتي الاثار والانثروبولوجيا والسياحة والفنادق، وعدد من المندوبين من المؤسسات والمتاحف الاردنية والجامعات المهتمين في موضوع الجلسة، دار حوار موسع ناقش خلاله الحضور مواصفات السجل والتعديلات الممكن اجراؤها عليه قبل رفعه للجهات الرسمية المسؤولة.