اللبدي: الحياة مع الصراصير والنمل داخل قبو وتحقيقات تنتهي بعد الفجر

جهينة نيوز -وكالات

الاسيرة الاردنية تدخل اسبوعها الرابع بالاضراب المفتوح

تدخل الأسيرة الأردنية هبة اللبدي، اليوم الأثنين، يومها الثاني والعشرين في إضرابها عن الطعام احتجاجا على اعتقالها والتنكيل بها منذ 20 آب الماضي بعدما جاءت لتفرح بزفاف بنت خالتها فوجدت نفسها في أقبية التحقيق والتعذيب الإسرائيلية.

وتروي محامية هيئة شؤون الأسرى والمحررين المحامية حنان خطيب ان اللبدي قدمت من الأردن مع أمها وخالتها لحضور زفاف ابنة خالتها، وكانت تترقب وصولها لتشارك في الفرح مع بنات خالتها، لكنها تعرضت لما لم تتوقعه في كوابيسها.

وقدمت المحامية خطيب شهادة نازفة عما تعرضت له موكلتها من تنكيل وتعذيب جسدي ونفسي، وقالت نقلا عنها إنها اعتقلت فور وصولها جسر "اللنبي" صباحا وتم توقيفها حوالي ساعتين.

وتنقل عنها: "في البداية أغلقوا الباب علي وبقيت مجندة تحرسني. خلال هذه المدة تم تفتيشي تفتيشا شبه عار حيث رفضت إنزال ملابسي الداخلية أربع مرات على يد نفس المجندة. بعدها تم تعصيب عيني وتقييد يدي وقدمي بحديدية ونقلوني لقاعدة عسكرية. أنزلوني وأبقوني تحت الشمس حوالي نصف ساعة، ثم جاءت مجموعة مجندات واقتادوني لغرفة فسألوني عن وضعي الصحي وتم تفتيشي مرة أخرى. أخبرت المجندة بأنني بحاجة لدخول المرحاض فوافقت بشرط أن تدخل معي. كان المرحاض ضيقا جداً بالكاد يتسع لشخص، فدخلت معي بسلاحها وكانت تنظر إلي فتملكتني الصدمة وشعرت بالحرج والإذلال وانتهاك صارخ لخصوصيتي ولحقوق الإنسان”.

وتوضح هبة ما تعرضت له في اليوم الأول كيف تم نقلها لشرطة المسكوبية في القدس المحتلة، وهناك أبقوها تنتظر ثلاث ساعات قبل نقلها لمعتقل "بيتاح تكفا” قرب تل أبيب.

وتابعت: "وصلت "بيتاح تكفا” حوالي الساعة الثامنة مساء. كنت مرهقة بسبب سفري من الأردن منذ ساعات الصباح الباكر وبسبب المعاملة القاسية. أنزلوني درجا وممرات ضيقة وكانت زنازين تحت الأرض على ما يبدو، فيما كانت المجندة تدفعني دفعاً وتتعامل بفظاظة وعدوانية. بقيت في الزنزانة حوالي نصف ساعة وبعدها أخذوني للتحقيق لغاية ساعات الفجر من اليوم التالي”.

وتؤكد المحامية الخطيب أن اللبدي تعرضت لتحقيق يومي في أول أسبوعين من التاسعة صباحا حتى الخامسة فجرا، وتابعت: "خلال هذه الساعات الطويلة كانوا ينزلونني للزنزانة مرتين في أوقات وجبات الأكل كل مرة حوالي نصف ساعة فقط ومر السبت بدون تحقيق. بعدها تم نقلي لجواسيس السجن في سجني مجدو والجلمة المعروفين بـ”العصافير” ثم أعادوني للتحقيق في "بيتاح تكفا”. طيلة 35 يوماً اعتقلت بظروف قاسية جدا والتحقيق كان عبارة عن تعذيب نفسي وكان عنيفا جداً؛ فمنذ حوالي التاسعة صباحاً لغاية ساعات الفجر من اليوم التالي، ساعات طويلة جداً داخل غرفة التحقيق جالسة على كرسي خشبي صغير مقيدة ومربوطة بشكل ثابت بالأرض مما سبب لي آلاماً شديدة في الظهر والأيدي والرقبة”.

وتؤكد أن المحققين كانوا يصرخون عليها بصوت عال وكانوا يجلسون شبه متلاصقين بها حيث كانت كراسيهم قريبة منها وكانوا يحيطون بها وكأنهم يتعمدون ملامسة رجليها فكانت تحرك جسدها بعناء كبير لتبتعد عنهم، "لكنهم واصلوا الاستفزاز ولم يتورعوا عن البصاق نحوي ويرمونني بأقذر الشتائم ويسبوني. وبعض ما قالوه لي بأنني "سافلة”، "فاشلة”، "حشرة”، "حيوانة”، "بشعة جدا”، "انصرفي”، علاوة على التهديد: "راح تعفني بالزنازين”. قالوا لي أنت متطرفة وسبوا الدين الإسلامي والمسيحي وقالوا لي كلاما عنصريا بذيئا كالقول: "احنا اليهود جوهرة وأنتم ديانات متطرفة، أنتم زبالة”.

وتؤكد المحامية أن اللبدي تعرضت لشتى أنواع التهديد والوعيد كالتهديد باعتقال الأم والأخت والخالة في محاولة لانتزاع اعتراف منها بما لم تفعله. وتابعت: "بعدما يئسوا وباءت محاولاتهم بالفشل هددوني بالاعتقال الإداري: "ما عندنا دليل ضدك لكن لدينا الاعتقال الإداري مع صلاحية تجديده لسبع سنوات ونصف، وبعدها سنعتقلك في الضفة تحت عيوننا ونمنعك من السفر للأردن ونمنع أهلك من زيارتك”.

وكشفت الأسيرة، أن عدة محققين تناوبوا على التحقيق معها، وهؤلاء كانت معاملتهم سيئة جدا وأفرطوا في الشتم والتهديد.

وتابعت: "وضعوني داخل زنزانة ضيقة مليئة بالحشرات حيث كنت أصحى والصراصير والنمل والحشرات على ملابسي. أعطوني ثياب نوم رائحتها كريهة وقذرة، أما الحيطان فهي إسمنتية خشنة من الصعب الاتكاء عليها، وكنت أبيت في فرشة رقيقة بدون غطاء ووسادة. الضوء مشتعل 24 ساعة ومزعج للنظر، بدون تهوية طبيعية وبدون شبابيك، رطوبة عالية، المرحاض معطل وبدون ماء والرائحة كريهة”.

وتابعت: "طلبت "فورة” نصف ساعة فرفضوا ووضعوني داخل زنزانة مجاورة لغرفة تحقيق مزعجة، كنت أسمع صراخ معتقلين ومحققين، ويبدو أنهم أرادوا ترهيبي وإهانتي وإذلالي”. كما كشفت أن "الحمام” في زنزانتها "مثل القبر وهو مكان يتسع لشخص بالكاد، قذر ولا يوجد مكان لتعليق الملابس، وبالخارج يقف سجانون وسجانة يسمعون صوت الماء، كنت خائفة خلال استحمامي أن يفتح أحدهم الباب في أي لحظة”.

وعن الطعام تقول "مقزز فكانت تكتفي بقليل من الخبز واللبن كي تبقى على قيد الحياة، بينما اعتاد المحققون على تناول طعامهم الفاخر أمامها”.

وعن ظروف الاعتقال في معتقل الجلمة، تقول: "شعرت بأنني داخل بيت بلاستيكي فالزنزانة مقابلها ساحة مغطاة ببلاستيك من جميع النواحي وبدون تهوية طبيعية. الرطوبة عالية وبدون مكيف. صراصير ونمل وحشرات بكميات كبيرة جداً داخل الزنزانة وطعامهم لا يؤكل. انتظرت داخل سيارة نقل السجناء "البوسطة” حوالي ساعتين وبعدها قالوا لي بأنه عندي محكمة، وإذ بهم ينقلوني لسجن مجدو حيث بقيت ثلاثة أيام هناك. كانت الغرفة باردة جدا. طلبت غطاء فلم يعطوني سوى شرشف وفرشة رقيقة بدون ملف وبدون وسادة. كمية النمل كانت غير طبيعية. وبعد ذلك تم إرجاعي لتحقيق "بيتاح تكفا” حيث صدمت لأنهم أعلموني بانتهاء التحقيق ونقلي للدامون. وعندما أرجعوني من عند "العصافير” قالت لي المجندة: إذا لم تحتملي الوضع وتحتاجين مهدئات سأعطيكي فالكل هنا يتعاطى المهدئات، فقلت: أعطيها للمحققين الذين فقدوا أعصابهم وهم يحققوا معي”.

كما استذكرت إبقاءها داخل "البوسطة” وهم يشغلون المكيف بدرجة حرارة عالية: "كانوا يبقونني حوالي 3-4 ساعات وكنت أقول للمجندة إنه حار جدا فتقول لي إنني أعلم ذلك”. وتضيف: "مكثت 9 أيام أخرى في "بيتاح تكفا” حققوا خلالها معي 3-4 مرات، وآخر 6 أيام لم يحققوا معي، وبدون سبب أبقوني بمثل هذه الظروف القاسية كنوع من التعذيب والانتقام”، مشددة على أن العنف النفسي أشد من الجسدي فآثاره لا تزول وهم كانوا يتعمدون إرهاقها نفسياً، موضحة أن كمية الحقد والعدوانية لم ترها من قبل.

وتابعت: "كنت أشعر أنني بمحددة كلها أبواب وأقفال حديدية وكذلك قلوبهم من حديد. فقدت الإحساس بوجودي كإنسانة فهم لا يعرفون الإنسانية، وأخبرت المحقق أن التعذيب النفسي عندهم أشد وأعظم من الجسدي فقال لي إنه يعلم ذلك”. وبعد "بيتاح تكفا” تم نقلها في 18-9-2019 إلى قسم 3 في سجن الدامون مع الأسيرات الفلسطينيات. وعن ذلك قالت: "كل أسيرة ولها قصة، ولكن صدمتي كانت كبيرة عندما رأيت االجريحة إسراء الجعابيص والأسيرات المصابات. قصص الاحتلال عندما تسمعها من الخارج ليس كما تعيشها”.

وفي 24-9-2019 تم تسليمها أمر الاعتقال الإداري لمدة خمسة شهور، واحتجاجاً على ذلك اعلنت الإضراب المفتوح عن الطعام وسط محاولات من إدارة وضباط مخابرات سجن الدامون إقناعها بالعدول عن ذلك، فرفضت وقالت لهم إن "مأساة الاعتقال الإداري يجب أن تنتهي وأنا ذاهبة للنهاية فإما النصر وإما الموت، وإذا مت فاشبعوا باعتقال جثتي إداريا كما شئتم”.