تركيا بين القصد وقسد
عامر الحباشنة
منذ أعلن عن العملية العسكرية التركية شمال سوريا والمسماة نيع السلام، بدأت الأصوات المعارضة والمؤيدة من هذا الطرف او ذلك ،وهذا امر طبيعي بعد ثمان سنوات من الانخراط التركي في الشأن السوري، والملفت للإنتباه تلك التصريحات التي تتحدث عن احتلال وعدوان وكأن الأحداث بدأت البارحة، تركيا منخرطة في الشان السوري منذ اللحظة الأولى بدأ من مخميات جسر الشغور وصولا لنبع السلام ومرورا بغصن الزيتون ومنبج والفصائل العابرة للحدود، ولأن تقييم هذا التدخل والانخراط التركي ليس مقامه هذا الحديث، فإن كل من يتحدث مؤيدا او معارضا لهذه العملية يقع في إطار تسجيل المواقف والانحياز لمنطق الاستقطاب الممارس منذ ما يقارب عقد من الازمة السورية، اللاعبين الكبار يعرفون ادوارهم وحدود اللعبة والصراع، فالتحالفات متغيره كما هي ادواتها على الأرض، وعودة للموضوع، قوات سوريا الديمقراطية قسد، فصائل او فصيل عسكري تشكل في مرحلة من الصراع تطلب الأمر وجوده، وهو كغيره أداة من أدوات الصراع، إمتداد للعمال التركي، متحالف مع قوى عربية وجدت نفسها عارية من الدولة المركزية في دمشق، التقاء مصالح مع الأهداف الأمريكية، وهذه المجموعة المعروفة بقسد ارادها الأمريكي لهدف والروسي لهدف وغض النظر عنها السوري لهدف والتركي له ما له بها كذلك.
التركي اليوم يقرأ المشهد الناتج عن استانه وجنييف وتقلبات الموقف الخليجي والنفوذ الإيراني، وحاول جاهدا ان يحافظ على تجنب المواجهة، لكنه لم يستطع وهنا لست مبررا لدورة منذ البداية، لكنها لعبة السياسة والتحالفات المتبدلة وتغير مراكز القوة، فالقرار التركي بالجراحة في الشمال المسيطر عليه كرديا، هو آخر العلاج لما استعصى من نتائج التوافقات، والمعركة والتدخل خطوة لازمة لفرض وتحقيق ما لم يتم في السياسة.
اما الفصائل القسدية الكردية القيادة الأمريكية الدعم فهي تستحق ما تواجهه من مصير، فهي رهنت نفسها أداة للآخر منذ البداية وقبلت بهذا الدور على أمل موطىء قدم في الكعكة السورية، وتناست او انها لم تقرأ مشهد المنطقة او تجربة الكرد في العراق، فهناك حدود دوما للتابع امام برنامج المتبوع، وكان من الأفضل لهم الوصول لصيغة تفاهم مع الدولة السورية عبر نصائح العراب الروسي دون تشكيل خطر على مصالح التركي، لكنهم كالعادة لا يقرأون المشهد، بل أنهم اي الكرد والمقصود قياداتهم هم الوحيدين الأسوء من العرب في قراءة المشهد السياسي والصراع الإقليمي والدولي في وعلى المنطقة.
شخصيا وان كنت من غير أنصار الدور التركي الذي حرفته الأنانية نحو ان اصبح جزءا من المشكلة وليس الحل حاله حال الموقف الإيراني، إلا أنني اعتقد ان القوى الكردية تستحق ما تواجهه بل وأكثر لأنها اوغلت في التبعية لدرجة الاستقواء باللوبي الصهيوني ، وأرى ان العملية التركية بكل ما فيها خطوة عسكرية لفتح بوابة التسوية السياسية لمن استعصى من أدوات الصراع الذاهب للتسويات بين الروس والأمريكان دوليا والترك والايرانيين إقليميا ،ومعهم حلفائهم محليا، ولا عزاء لمن لم يستطع حماية مصالحه، أما الحديث عن الدمار والأطفال والتهجير واللجوء ومأوى الافئدة من غيره وحماية المدنيين، فهذا من متطلبات التغطية الإعلامية،لتحقيق الأهداف وصناعة المعركة، فمنذ اللحظة الأولى وفي كل الساحات كان كل أولئك هم الضحايا الحقيقين وعلى راي اهل لبنان،، اخر همهم..
ولله الأمر من قبل ومن بعد.