طعامهم بلا مذاق والنوم تجربة عصيبة.. أشياء عادية بالنسبة لنا ولكن يعاني معها رواد الفضاء

جهينة -

يقدم رواد الفضاء الكثير من التضحيات عندما يغامرون بالخروج من الأرض، فإلى جانب مخاطر السفر إلى الفضاء والابتعاد عن العائلة تأتي الجاذبية الصغرى في الفضاء بمجموعة جديدة من القواعد تجعل الأشياء البسيطة التي اعتدنا على القيام بها في حياتنا اليومية على الأرض معقدة إلى حد كبير.

هناك الكثير من الأشياء التي لا يستطيع رواد الفضاء القيام بها في الفضاء بفضل هذه البيئة التي تنعدم فيها الوزن، وهذه أبرزها:

البكاء في الفضاء: دموع رائد الفضاء لا تسقط !

يمكن لرواد الفضاء الضحك كيفما يشاؤون في الفضاء، لكن بالنسبة للبكاء يختلف الأمر كثيراً.

تتشكل الدموع من خلال «الغدد الدمعية» التي تنتج طبقة مائية رفيعة في مقدمة أعيننا لإبقائها رطبة، وتحدث عملية تشكل الدموع في الفضاء كما في الأرض، ولكن الفرق في سيلان الدموع من العين.

يقول كلايتون أندرسون، رائد فضاء ناسا، عن تجربته في الفضاء: «لقد بكيت في الفضاء عدة مرات بسبب بعض الظروف العاطفية للغاية. البكاء في الفضاء لا يختلف عن البكاء في الأرض باستثناء أن الدموع لا تسقط، حيث لا توجد جاذبية!».

وقد رائد الفضاء الكندي كريس هادفيلد قد نشر فيديو أثناء وجوده في محطة الفضاء الدولية يوضح ماذا يحدث لرائد الفضاء عند البكاء.

تأخذالدموعشكل كرة هلامية حرة غير منتظمة بالقرب من العينين، ويسبب ذلك شعوراً بعدم الراحة لرواد الفضاء.

بالفعل تنعدم الجاذبية في الفضاء، لكن التوتر السطحي في الفضاء أقوى بكثير من التوتر السطحي على الأرض، لأنَّ تلك القوى الجزيئية لا يتعين عليها محاربة الجاذبية كثيراً، فتنجذب الجزيئات لتشكيل أصغر شكل، وهو عبارة عن كرة، حيث تعتبر الكرة أصغر المساحات للحجوم المتساوية.

ويمنح الرواد مرهماً خاصاً من أجل ترطيب المنطقة المحيطة حول العين، بسبب ميل العين للجفاف نتيجة عدم إمكانية نزول الدموع بشكل طبيعي.

بأقل كمية ممكنة من المياه يمكن الاستحمام في الفضاء

يمكن أن يكون الوصول إلى المياه العذبة مشكلة في الفضاء. يحصلروادالفضاء الأمريكيون في محطة الفضاء الدولية (ISS) على معظم المياه عن طريق إعادة تدويرها واستعادتها باستخدام نظام استعادة المياه الذي قدمته ناسا في عام 2009.

كما يوحي الاسم، يسمح نظام استعادة المياه لرواد الفضاء باسترداد معظم المياه التي يفقدونها من خلال العرق والبول أو أثناء تنظيف الأسنان بالفرشاة وغير ذلك.

وفقاً لما ذكره لين كارت، مدير النظام الفرعي للمياه التابع لناسا لمحطة الفضاء الدولية، فإن المياه المعاد تدويرها يشبه طعمها تماماً المياه المعبأة في زجاجات.

في الفضاء، يجب على رواد الفضاء الاستفادة من جميع الموارد وخاصة المياه -والتي هي ثقيلة وبالتالي مكلفة للنقل- بأقصى قدر ممكن من الكفاءة.

ووفقاً لصحيفة «ديلي ميل» البريطانية، أوضحت رائدة الفضاء «مانثا كريستوفوريتي» أن طاقم المحطة يستخدم نفس المنتجات اليومية الخاصة بالنظافة المستخدمة على الأرض، مثل الصابون، الشامبو، مزيل العرق، ومعجون الأسنان، أما باقي المنتجات فتم تكييفها لاستخدامها في الفضاء.

أوضحت أيضاً أن المياه تستعمل في أضيق نطاق وللحاجة القصوى فقط، لأنها تعتبر نادرة في المحطة، لذلك يتم اللجوء إلى تجميع المياه المسربة لاستعمالها مرة أخرى.

وذكرت كريستوفوريتي أن الصابون يأتي في صورة صلبة ويضع رواد الفضاء الماء عليه ليتحول إلى سائل، حيث لا يخرج من الصابون أي رغوة ولا يحتاج إلى غسله بالماء، أما غسل الشعر فيتم بالطريقة العادية لكي لا تتم إضافة الماء لغسل الشعر من الشامبو بل يجفف بمنشفة، أما طريقة تنظيف الأسنان، فهو لا يختلف بشكل كبير على مثيله في الأرض.

لا يوجد داخل محطة الفضاء غسالات، لذا يحصل رواد الفضاء على منشفة نظيفة وملابس نظيفة أسبوعياً.

حتى الأطعمة تبدو بلا مذاق في الفضاء!

ذكرت وكالةناساأن رواد الفضاء يمكن أن يبدأوا فيفقدانشعورهم بنكهة الأطعمة أثناء وجودهم في الفضاء. بمجرد العودة إلى الأرض، يقولون إن الأطعمة طعمها أقوى.

قد يكون أحد أسباب ذلك أنه في الفضاء، تتحرك السوائل في الجسم بشكل مختلف بسبب نقص الجاذبية. يعتقد ميشيل بيرشونوك Michele Perchonok أحد العلماء في ناسا أن رواد الفضاء يفقدون حاسة الشم؛ لأن سوائل أجسامهم لا تتجه إلى أقدامهم كما يحصل على الأرض بسبب انعدام الجاذبية.

يقولبيرشونوك: «تُعرف هذه الحالة باسم «تأثير شارلي براون» أو «متلازمة الرأس المنتفخ وسيقان الطيور»، حيث تصبح وجوه رواد الفضاء أكثر استدارة؛ لأنهم يحتفظون بالسوائل في رؤوسهم».

وسبب ذلك هو أن السوائل التي تمثل الجزء الأعظم من الدم تندفع كلها للأعلى في اتجاه الرأس، وهو ما يجعل رواد الفضاء يعانون انتفاخ الوجه وترقق الساقين.

تجمع السوائل هذا يعطي شعوراً بالإصابة بالرشح والزكام، وبالتالي فقدان حاسة الشم وبالتالي التذوق كما يحدث لأي شخص لديه زكام (انسداد الأنف).

وقالرائدالفضاء الإماراتي هزاع المنصوري (أول رائد إماراتي يسافر إلى الفضاء، وأول عربي ينطلق إلى محطة الفضاء الدولية) خلال مكالمة عبر الفيديو مع طلاب في مركز محمد بن راشد للفضاء في دبي «حدث الكثير من التغييرات على جسدي، فقد زاد حجم رأسي بسبب اندفاع السوائل، كما تغيرت حاسة الشم لديَّ، لكنني بدأت أتكيف وأعتاد على ذلك».

الجنس تجربة شبه مستحيلة في الفضاء!

لا تمنع قوانين الفضاء ممارسة الجنس بين الرواد، إلا أن الجاذبية هي القانون الوحيد الذي يحول دونه.

وتجري ناسا أبحاثها حول إمكانية ممارسةالجنسفي الفضاء؛ لأنها ترى أن الأمر له أهمية فيما يتعلق بالرحلات بعيدة المدى والسكن والتكاثر على الكواكب الأخرى.

سيكون من الصعب للغاية ممارسة الجنس في الفضاء، بالنظر إلى افتقار رواد الفضاء إلى الخصوصية وأعباء العمل الساحقة.

من وجهة نظر الفيزياء، يبدو الجنس في الفضاء كما لو أنه قد يكون من الصعب تحقيقه.

بالنسبة لتنظيم تدفق الدم، وهو أمر مهم لكلا الجنسين، ولكن بشكل خاص للرجال، فإن انتشار الدم في العضو التناسلي الذكري مهم جداً في عملية الانتصاب، لكنه لا يحدث بشكل طبيعي في حالة انعدام الوزن، لذلك فإن تحقيق الانتصاب سيصبح مهمة صعبة للغاية في ظل هذه الظروف.

يقول رائد الفضاء جون ميليس إن الانتصاب عملية صعبة جداً في مرحلة انعدام الوزن، لأن الدم يتجمع في رأس العضو التناسلي فقط، ولا ينتشر جيداً في جذعه.

المشكلة الثانية هي العرق. عندما يتدرب رواد الفضاء في الفضاء، يميل عرقهم إلى تكوين طبقات حول أجسادهم مما يجعلها لزجة ورطبة في كل مكان. هذا من شأنه أن يجعل العلاقة الحميمة مزعجة.

تسبب حالة انعدام الوزن الطيران والتشقلب بلا توقف، وعجز الرجل والمرأة عن اتخاذ الوضع الملائم لممارسة العملية الجنسية يجعل من العملية الجنسية عملية شبه مستحيلة.

النوم في الفضاء ليس بالأمر السهل

تدور محطة الفضاء الدولية حول الأرض مرة كل تسعين دقيقة مما يعني أن الشمس تشرق وتغرب كل ساعة ونصف.

يمكن لرواد الفضاء تجربة ما يصل إلى16غروب شمس في غضون 24 ساعة.

لذلك لا يمكن أن تعتمد جداول نومهم على أنماط الإضاءة. وغالبا ما يجدون صعوبة في إعادة ضبط ساعاتهم الداخلية أو البيولوجية المسؤولة عن تحديد أنماط النوم لدينا.

يجعل انعدام الجاذبية النوم في الفضاء أمراً مخادعاً، حيث يعمد رواد الفضاء إلى ربط حقائب النوم في الجدران أو الأسقف حتى لا يعوموا في الأرجاء وهم نيام.

لذلك تساعد وكالة ناسا على معالجة هذه المسألة الصحية في الفضاء من خلال بحوثها الجارية.