حين يتحول العلاج لسلعة: مرضى حساسية القمح يشترون مرضهم
تتحدث أرقام غير رسمية تعود الى عدة سنوات عن نحو 120 الف مريض بحساسية القمح، يقع جُلُّهم في شباك مستوردي ومنتجي مواد غذائية خاصة يدعون خلوها من مادة الغلوتين التي تسبب هذا النوع من الحساسية، فحاضنة المنتج الغذائي يكون مدونا عليها أحيانا "خالية من الغلوتين"، لكن بعضها، بحسب رئيسة جمعية رعاية مرضى حساسية وتحسس القمح الخيرية عابدة القيسي، يتسبب بعضها بأعراض حساسية لدى المرضى بعد تناولها.
ولأن مرض السيلياك أو "حساسية القمح" يستدعي اتباع حمية تبدأ بلحظة اكتشاف المرض، يقبل المرضى على شراء ما يوصف بالمنتجات الخالية من الغلوتين بصفتها نظاماً غذائياً خاصا يحافظ على حياتهم .
القيسي، تقول، ان الجمعية كانت طلبت الى المؤسسة العامة للغذاء والدواء فحص عينات من منتجات "تخلو" من الغلوتين، الامر الذي اوضحه المدير العام للمؤسسة هايل عبيدات، بقوله ان المؤسسة فحصت 102 عينة من منتجات غذائية تحمل ادعاءات خلوها من الغلوتين، منها 32 محلية المنشأ و70 مستوردة من 15 دولة؛ غالبيتها من أميركا وإيطاليا وإسبانيا. وأشار عبيدات الى أن نتائج الفحص اظهرت وجود 11 عينة تحتوي على غلوتين بنسبة أعلى من الحد المسموح، باحتوائها على 28-98 جزءا في المليون لكل كيلو غرام، علما بأن النسبة العالمية المسموح بها هي 20 جزءا بالمليون لكل كيلوغرام". اما العينات الإحدى عشر فتضم 3 عينات معمول بالتمر وعينتي بسكويت وعينة برازق وخبز مصنع من الأرز والذرة والبيتيفور وكعك الذرة والبيتزا الجاهزة للأكل، وبادرت المؤسسة الى سحب هذه المنتجات، فضلا عن فرض غرامة على المستوردين والمنتجين المخالفين.
والغلوتين وحساسيته، وفق أخصائية التغذية فاتن النشاش، هو البروتين الموجود بمنتجات الحبوب كالقمح والشعير والحنطة ومشتقاتها وكل ما يصنع منها من الاغذية، مستدركة أن ثمة أغذية تتلوث بالغلوتين على الرغم من أنها ليست مصدراً له كالشوفان الذي يزرع بجانب القمح. على أن هناك تشابها بين حساسية الغلوتين وعدم التحمل الغذائي في الأعراض، حسب استشارية الأمراض الباطنية والجهاز الهضمي والكبد الدكتورة ميسم عكروش، التي تدعو الى التفريق بين المرضين، فالحساسية مرض مناعي يكمن في تحسس الجسم تجاه مادة الغلوتين ما يؤدي إلى تكوين أجسام مضادة تعطل عمل جدار المعدة وما يستتبع ذلك من مشكلات هضمية كالإمساك والإسهال وسوء التغذية وامتصاص العناصر المهمة كالb12 والكالسيوم والحديد وغيرها، وهذا يؤدي بدوره الى النحافة الواضحة والشعور بالتعب العام وفقر الدم وهشاشة العظام وانتفاخ وتأخر النمو والبلوغ. أما عدم التحمل بشكل عام، فلا يعني الحساسية من أطعمة ومواد معينة، إنما عدم تحمل هذه المواد وظهور أعراض مشابهة لأعراض الحساسية لكن دون أي ردة فعل للجهاز المناعي. وتلبي الأغذية الخاصة متطلبات غذائية نتجت عن حالات طبيعية أو وظيفية أو أمراض أو اضطرابات، وتختلف مكوناتها عن الأغذية العادية ذات الطبيعة المشابهة. وتشمل الأغذية الخاصة: أغذية المتابعة للأطفال فوق سنة واحدة من العمر، أغذية ضبط الوزن (زيادة أو تخفيف الوزن)، أغذية الرياضيين، الأغذية المخصصة لتغذية حالات مرضية خاصة. النشاش اضافت، أن المواد الخالية من الغلوتين والمكتوب عليها ذلك يفترض أن تكون كذلك، لكن في حالة إصابة أشخاص بأعراض مشابهة لأعراض تحسس الغلوتين فإن ذلك يعني أنهم قد تحسسوا من مادة أخرى موجودة في نفس المنتج، إذ إن أمعاء المريض ومن شدة حساسيتها تتأثر من أغذية أخرى فيشعر المريض بنفس الأعراض خاصة لدى المرضى الأكبر عمراً.
وقالت، "يتأثر المريض من الحليب أو البقوليات على سبيل المثال إن كانت موجودة في مادة يفترض أنها خالية من الغلوتين لأن أمعاءه أصبحت حساسة وتالفة بشكل كبير، والحل في هذه الحالة أن ينقطع المريض ليس فقط عن القمح بل عن كل المواد الشائعة في الحساسية كالحليب والبقوليات.
ولفتت إلى أن الفواكه والخضار واللحوم ليست مصدراً للغلوتين ولكن عند استهلاكهم كمادة مصنعة يجب الحذر من وجوده وقراءة المكونات لأن المعلبات مثلاً يتم تكثيف المياه المحفوظة بها بمواد يدخل فيها القمح وبالتالي ستحتوي على الغلوتين. وكذلك اللحوم المصنعة كالسكالوب وغيره المغطى بالقرشلة، والغلوتين قد يستخدم فيها كمادة منكهة أو مكثفة. وأضافت، "أما الحليب والألبان والأجبان وجميع مشتقاتها فهي ليست مصدرا للغلوتين لكن الحليب واللبن المنكه يجب الحذر من وجود الغلوتين فيهما واحتمال ادخاله في عملية التصنيع وكذلك الأجبان المخمرة، أما الزيوت المختلفة؛ فالأصل أنها ليست مصدراً للغلوتين ولكن عندما يتم تصنيع الزبدة النباتية مثلاً يدخل فيها، لذا يتوجب علينا الحذر دائماً من أي مادة غذائية مصنعة.
ودعت النشاش إلى استخدام المادة الخام وتصنيعها في المنزل كالعصائر والمخبوزات بأنواعها واستخدام المنتجات الطازجة الطبيعية، وضرورة قراءة البطاقة التعريفية لأي مادة والانتباه لكلمات مثل "غلوتين، قمح، شعير، منكهات صناعية، غلوكومات الصوديوم، مكثف".
الدكتور فوزي الحموري رئيس جمعية المستشفيات الخاصة قال، إنه لا يوجد احصائية حول عدد المرضى بشكل دقيق، لافتاً إلى أن المستشفيات الخاصة توفر في مختبراتها فحصاً للحساسية كما يتم أخذ حالة المرضى المبيتين بعين الاعتبار داخل مطابخ المستشفيات الخاصة وتوفير ما يناسبهم من غذاء خالي من الغلوتين.
اما الصيدلانية في مستشفى البشير ومريضة حساسية القمح إيناس أبو زهرة فعرضت صعوبة إيجاد دواء لأي مرض خالي من الغلوتين، إذ إن معظم الأدوية يدخل في صناعتها القمح ومشتقاته كمادة رابطة، ولا يوجد أي تنبيه على الدواء يوصي بعدم استخدام الدواء لمن يعاني من الحساسية تجاه هذه المادة، مضيفة ان الفحص عن طريق الدم أو بالتنظير متوفر في المستشفيات والمراكز الصحية الحكومية.
الدكتور محمد أبو عصب نائب نقيب الصيادلة الأردنيين، قال إنه لا يوجد أي تشريع أو قانون في النقابة يلزم الصيدليات ببيع أدوية خاصة بمرضى حساسية القمح وخالية من الغلوتين والامر يعتمد على العرض والطلب فيها، فيما يلفت رئيس جمعية حماية المستهلك الدكتور محمد عبيدات إلى أن من حقوق المستهلك حقه بالمعرفة وعلى المصنع أو البائع أن يكتب على بطاقة البيان لأي سلعة محتويات هذه السلعة وايجابيات وسلبيات احتوائها على هذه المواد.
وأشار عبيدات الى أن دور الجمعية توعوي وإرشادي وفي حال ورود أي شكوى لنا عن وجود مادة تتسبب بأي من أعراض الحساسية وكان مكتوبا عليها أنها خالية من الغلوتين يذهب المصاب الى الطبيب وبعد تشخيصه وإرسال العينة لوزارة الصحة عليه أن يتقدم بشكوى مرفقة بفحصه وفحص المادة ونحن سنرسلها لوزارة الصحة لتفحص العينة والحالة وترد علينا خلال فترة معينة ومن ثم يتخذ الاجراء بناء على النتائج. --(بترا)