كيف تنزل الحكومة و"المعلمين" عن الشجرة؟

 بلال العبويني

من الواضح أن الشجرة التي صعدت عليها كل من نقابة المعلمين والحكومة مرتفعة جدا، وتحتاج إلى مرونة وحكمة في قراءة الموقف للنزول عنها بأمان.

النقابة لن تستطيع الاستمرار في الإضراب، لأن الرأي العام المتعاطف مع المعلم لن يكون كذلك والناس يرون أبناءهم لا يتلقون الدروس المفترض تلقيها، وبالتالي سيخسر المعلم ما تحقق من تعاطف مع مطالبه.

والحكومة، ليس بمقدورها أيضا استمرار تجاهل مطالب المعلمين، كما وليس بمقدورها تنفيذها على الشكل الذي يطلبه المعلمون، إذا ما علمنا ما تعانيه من أزمة اقتصادية خانقة وما تطالب به فئات مهنية أخرى بعلاوات وتحسين أوضاع، مثل المهندسين والأطباء وصحفيي الإعلام الرسمي وغيرهم.

إذن، لا بد من طاولة حوار حقيقية وجادة يتم الإلتقاء فيها في منتصف الطريق وبما يرضي الطرفين بعد أن يقدما تنازلات لإنهاء الأزمة بما يضمن عودة الطلبة إلى مقاعدهم الدراسة.

ثمة معلومة نقلها إلى مسامعنا مصدر تفيد أن اجتماعا جمع رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز بنقيب المعلمين الراحل الدكتور أحمد الحجايا.

المعلومة، وإن كان لا يمكن تأكيدها على اعتبار أن أحد أطرافها أصبح في دار الحق، إلا أنها ربما تشكل أرضية مهمة لانطلاق حوار جاد أو إعادة الحوار إلى حيث انتهى إليه بين الرزاز والمرحوم الحجايا.

تفيد المعلومة أنه كانت هناك بوادر اتفاق لمنح الحكومة مهلة حتى نهاية شهر أيلول الحالي والتفاوض من أجل منح المعلمين علاوة مقطوعة تتراوح بين عشرين وخمس وعشرين دينارا للمعلم.

هذا المبلغ ربما لا يكون قد تم التوافق عليه في مجلس الوزراء، وربما لا يقبل به مجلس نقابة المعلمين ومعلمي الميدان، غير أنه قد يكون في هذه المرحلة مخرجا للأزمة، لأن لغة التصعيد لن تنفع أحد بل سيكون الطالب والوطن أكبر الخاسرين، وسيكون المعلم أيضا خاسرا مثله مثل الحكومة التي لا تعلم في هذه الأيام من أين تتلقى الضربات.

الحكومة، أخطأت خطأ كبيرا في عدم إيلائها القضية اهتماما كافيا، ولو سارعت لتطويق الأزمة أو كشفت عن لقاء المرحوم الحجايا بالرزاز قبل يوم الخميس الماضي، لما وصلت الأمور إلى هذا المستوى الذي بات كل طرف فيه يسعى للخلاص غير أنه ليس بمقدوره الانسحاب دون تحقيق انجاز.

لذلك، ما يجب أن يدركه الجميع أن استمر الأزمة يعني الخسران على الصعد كافة، وليس مثل خسارة الطلاب الجلوس على مقاعد الدراسة بانتظام خسارة، ذلك أن عدم انتظامهم في دراستهم الصفية يعني أن مؤسسات الدولة جميعها تكون قد تعطلت أعمالها.

فالموظف أو الموظفة في القطاع العام أو الخاص سيكون مضطرا للجلوس في المنزل مع أبنائه تحديدا إن كانوا صغار العمر، أو أنه سيتركهم ليكون الشارع أو اللهو غير المنتج ملاذهم في وقت حان فيه موعد تلقي الدروس بعد عطلة صيفية امتدت لنحو ثلاثة أشهر.

قد لا يعجب هذا الكلام البعض، غير أن الحقيقة تقول إنه من المستحيل الاستمرار على هكذا واقع، لأن لغة المكاسرة غير منتجة البتة وستكون الخسارة نتيجتها متحققة بالنسبة للجميع.

لذا، يكمن الحل في حوار جاد وحقيقي وشفاف بين الحكومة والنقابة، ويمكن أن يكون ذلك استكمالا لما قيل إنه دار في لقاء المرحوم الحجايا مع الرزاز أو اختيار منطلق آخر يمكن من خلاله حدوث اختراقات مهمة يعود معها المعلم إلى غرفته الصفية، حيث مكانه الطبيعي هذه الأيام.