"30 عاماً على استئناف الحياة الحزبية والبرلمانية في الأردن"

توصيات المؤتمر الوطني

تُبرز أولويات الحوار الوطني والإصلاح

جهينة نيوز-عمّان

بدعوة من مركز القدس للدراسات السياسية ومؤسسة كونراد أديناور، عُقد في عمّان المؤتمر الوطني "30 عاماً على استئناف الحياة الحزبية والبرلمانية في الأردن"، خلال يومي الاثنين والثلاثاء الموافق 29 و30 نيسان 2019، والذي يهدف إلى المساهمة في بلورة خريطة طريق للإصلاح السياسي، ومحاولة بناء توافق وطني عريض حول أبرز عناوينها وأولوياتها بمشاركة عشرات المشاركين من القيادات الحزبية والفعاليات البرلمانية والسياسية ونشطاء المجتمع المدني والحركات الشبابية والنسائية والأكاديميين، فضلاً عن رجالات دولة سابقين وحاليين.

واستهل أعمال المؤتمر السيد عريب الرنتاوي مدير مركز القدس للدراسات السياسية، والذي تحدث في الجلسة الافتتاحية عن أهداف المؤتمرالذي يتزامن مع مرور 30 عاماً على هبة نيسان المجيدة، وقدّم قراءة أولوية في مسار الإصلاحوتعرجاته منذ العام 1989، ثم تحدثت الدكتورة أنيت رانكو الممثلة المقيمة لمؤسسة كونراد أديناور في عمّان، فأعربت عن سعادتها في دعم الجهود الأردنية لتعزيز العملية الديمقراطية في الأردن. واختتم أعمال الجلسة الافتتاحية المهندس موسى المعايطة، وزير الشؤون السياسية والبرلمانية، بكلمة حول مسيرة الإصلاح والتحول الديمقراطي وما تحقق منها وبخاصة على صعيد التعديلات الدستورية وتشريعات العمل العام. تلا ذلك حوار مع المشاركين، وإجابة عن أسئلتهم.

وشهدت جلسات المؤتمر الست جملة واسعة من التوصيات، أبرزها الآتي.

- التأكيد على حاجة الدولة لتجديد شبابها وإطلاق طاقاتها وتجديد نخبتها الموالية والمعارضة عبر عملية الاحتكام للشعب على أن يسبق ذلك حوار داخلي حقيقي للوصول إلى توافقات وطنية يشترك فيها الجميع لإنتاج حلول ومخارج لمواجهة الأخطار القادمة.

- ضرورة انتخاب مجالس نيابية سياسية تمثل المجتمع الأردني تمثيلا حقيقيا بقواه السياسية والاجتماعية مع ما يطلبه ذلك من تغير جوهري في قانون الانتخاب لينمي الوعي السياسي والحزبي ويؤدي إلى تمكين الأغلبية البرلمانية الحزبية من تشكيل الحكومة البرلمانية مستندة إلى أحزاب برامجية وطنية وحضور حزبي في مجلس النواب يحقق الشراكة الحقيقية الفعالة في صنع القرار الوطني.

- قيام الحكومة وبإرادة ملكية سامية، بتشكيل لجنة وطنيةللتوافق حول أولوياتمخرجات الأوراق النقاشية ووضعها في ميثاق وطني ملزم للجميع حسب روح الدستور، وخلق بيئة تشريعية وسياسية وإعلامية رسمية وشعبية لتنفيذ بنوده الإصلاحية الشاملة.

- دعوة الحكومةلتبني النهج الذي عبر عنه جلالة الملك عبد الله الثاني، في أوراقه النقاشية، والهادف للوصول إلى الدولة المدنية الحديثة من خلال الحكومات البرلمانية، واعتباره مشروع الأردن النهضوي،والذهاب إلىتنفيذ مضامينه رسمياً.

- التأكيد على أهمية تبني قانون انتخاب يستند إلى القائمة الوطنية النسبيةعلى مستوى المملكة، على أن يتوزع المرشحون بطريقة تكفل تمثيل المحافظات، وعلى أن يقترن ذلك بالنص على أن كتلة أو ائتلاف الأغلبية النيابية هو من سيشكل الحكومة مع نظام تمويل وفق معايير الثقل التصويتي في الانتخابات وحجم المقاعد الحزبية التي تحصل عليها القوائم.

- ضرورة مغادرة اللغة السياسة العامة والدخول إلى المحاور التفصيلية للإصلاح بما يسمح للمجتمع أن يعرف من هم المنحازون للمصالح الوطنية العليا، وللقطاعات الاجتماعية على اختلافها.

- تعزيز وتمتين تماسك الصف الوطني أمام التحديات التي تواجه الوطن. وانتهاج خطط اقتصادية شاملة تُخرج الوطن من أزماته المتراكمة، وتسهم في حل مشكلة الفقر والبطالة والمديونية، ومكافحة الفساد.

- التأكيد على أن أزمة الأردن اليوم تستدعي الانتقال من المشاركة إلى الشراكة الحقيقية بين المكون الرسمي والمكون الشعبي دون إقصاء لأي من الأطراف والجهات ذات التمثيل السياسي أو الاجتماعي أو الاقتصادي.

- التأكيد على أن المسؤولية في كسر حلقة الجمود السياسي ونواتجه البرلمانية تقع على عاتق الجميع وعلى كافة المستويات دون استثناء. ودعوة القوى والأحزاب إلى السياسية إلى مراجعة برامجها وخططها وأدواتها السياسية والتوجيهية نحو مزيد من العمل السياسي المشتبك مع قضايا الناس المعيشية والسياسية على حد سواء.

- الدعوة إلى معالجة حقيقية للاستعصاء السياسي يعيد الدسم السياسي المفقود إلى الحكومات والبرلمان، بحيث يكون في المشهد من يتمتع بحضور شعبي حقيقي، وهذا هو الذي يعيد النخبة المستنيرة إلى الانخراط في الأحزاب والعمل السياسي العام، البرلماني وغيره.

- التشديد على إنهاء حالة التضارب في المصالح للوزراء والأعيان والنواب الذي يتعين أن يتفرغوا للعمل السياسي، لحماية العمل العام من استثمار الموقع للمصلحة الخاصة.

- الانسجام بين الشعارات وبين متطلبات تحقيقها، فالدعوة إلى مشاركة الشباب في العمل النيابي تحتاج إلى تعديل دستوري يكفل خفض سن الترشح إلى 25 سنة أو أقل.

- ضرورة المواءمة في أحكام تشريعات العمل العام، بحيث يتم توحيد نظام الانتخاب في انتخابات مجلس النواب ومجالس المحافظات والمجالس البلدية، وكذا فيما يتعلق بتمثيل المرأة وسن الترشح والانتخاب، وغيرها.

- التركيز على بناء الدولة في بلادنا كأولوية، وليس على بناء السلطة كما يجري في الدول العربية، دولة الدستور و سيادة القانون والمؤسسات وحقوق الإنسان والمجتمع المدني.

- الانتباه إلى أن حركة الاستنزاف والتنازع بين الحكومة والمجتمع تكشفنا أمام المشاريع الدولية والإقليمية الخطرة التي تهدد واقع الدولة ومستقبلها.من هنا يجب البدء بخطوات وطنية إصلاحية جريئة، تفضي إلى الشراكة السياسية في القرار والمصير، وتبعاً لذلك تحمل المسؤولية الملازمة للمشاركة في صنع القرار والمسار.

- التأكيد على أن الحوار هو بوابة الإصلاح، وان يتوافق المجموع الوطني على الالتزام بهما معا، الإصلاح والحوار ثنائي متكامل، لا يكون الوعد بإصلاحات من قبل النظام جدي إذا لم يقبل الحوار، كما أن الانخراط والمشاركة بالحوار الإصلاحي من قبل المعارضة مؤشر على جديتها ومصداقيتها، إذ لا مصداقية لخطاب النوايا اذا رفضت آليات الحوار.

- الدعوة إلى جهد وطني موصول للنهوض بالثقافة السياسية لتشكل الأرضية الصلبة التي تبنى عليها عملية التحول والإصلاح الديمقراطي.

- التأكيد على أن مشاكل الشباب هي جزء لا يتجزأ من مشاكل المجتمع بأسره. ولذا فإنه يتعين على البرامج الحكومية ألا تشغل الشباب في برامج ثانوية، وإنما تمكنهم كقوة صاعدة وقائدة لمجتمعهم، فهم الاحتياطي الحقيقي للدفاع عن الوطن ومصالحه.

- الدعوة إلى طاولة حوار شبابي حقيقية لخلق جسور التواصل بين الجميع. وإجراء التعديلات اللازمة لحفظ حق الشباب الجامعي في النشاط السياسي، وملاحظة أن تمكين الشباب من ممارسة حرياتهم كاملة هو البيئة السليمة لخلق القيادات اللاحقة للدولة.

هذا وكان المؤتمر قد خصّص الجلسة الثانية لتناول "التجربة الحزبية الأردنية في ثلاثين عاماً"،وتحدث في هذه الجلسة التي أدارها د. صبري اربيحات وزير التنمية السياسية الأسبق. كل من د. صالح ارشيدات الوزير السابق وأمين عام حزب التيار الوطني؛ وجميل النمري أمين عام الحزب الديمقراطي الاجتماعي، والسيد مراد عضايلة الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي، والسيدة عبلة أبو علبة الأمينة الأولى لحزب الشعب الديمقراطي "حشد".

وتناوبت هذه القيادات الحزبية على تناول محاور الجلسة، والتي اشتملت على: تطور الإطار التشريعي الناظم لعمل الأحزاب، تطور أنماط التمويل الحزبي، الأحزاب الأردنية: تعددية أم شرذمة؟ التمثيل الحزبي في المجالس النيابية المتعاقبة (من الحادي عشر إلى الثامن عشر)، أسباب العزوف عن الأحزاب، إشكالية إدماج المرأة والشباب في الأحزاب.

وفي الجلسة الثالثة بعد الظهر، كُرّست الجلسة التي أدارها السيد محمد داودية وزير التنمية السياسية الأسبق للبحث في مستقبل الحركة الإسلامية في الأردن. وتحدث في هذه الجلسة كل من المهندس نعيم خصاونة من شورى جبهة العمل الإسلامي، السيد عبد المهدي العكايلة أمين سر حزب المؤتمر الوطني "زمزم". وسعت هذه الجلسة لاستشراف مستقبل الحركة الإسلامية من خلال جملة المحاور التالية: مبادرة النقاط العشر... المغزى والسياق، مستقبل العلاقة بين الجماعة والحكم، هل يمكن الحديث عن تيار مدني "إسلامي"/محافظ، وما هي مكوناته، وما مستقبل العلاقة بينها؟ وهل نجح التيار المدني "إسلامي"/المحافظ في صياغة خطاب سياسي فكري بديل عن خطاب الجماعة؟

وفي اليوم الثاني من أعماله، خصص المؤتمر الجلسة الرابعة لتناول "التجربة البرلمانية الأردنية في ثلاثين عاماً، وتحدث في هذه الجلسة التي أدارها د. مصطفى العماوي النائب الأول الأسبق لرئيس مجلس النواب في المجلس السابع عشر، كل من د. النائب د. فوزي طعيمة، والنائب د. موسى الوحش نائب رئيس كتلة الإصلاح، والنائبة وفاء بني مصطفى منسقة كتلة المبادرة، والنائب السابق م. عدنان السواعير. واشتملت محاور هذه الجلسة على: تطور التشريعات الانتخابية منذ العام 1989، وأثر الصوت الواحد على التجربة البرلمانية، ومأزق مجالس النواب القائمة على الفردية واشتداد الحاجة إلى مجالس قائمة على التعدديةالحزبية، والدروس المستفادة من ضعف الكتل، وتطور النظام الداخلي ومدونة السلوك النيابية.

الجلسة الخامسة خصصها المؤتمر للبحث في "أين من هنا... الأوراق النقاشية الملكية... نحو خريطة طرق للإصلاح السياسي في الأردن.وتحدث في هذه الجلسة التي كل من السيد طاهر المصري رئيس الوزراء الأسبق، ود. محمد المومني وزير الدولة لشؤون الإعلام السابق، والسيد زكي بني رشيد الأمين العام الأسبق لجبهة العمل الإسلامي. وتناولت هذه الجلسة المحاور التالية: بعد 30 عاماً على بدئه، هل ثمة استعصاء في مسار الإصلاح السياسي، أسباب الاستعصاء السياسي ومظاهره وسبل الخروج منه، وبم نبدأ في مسار الإصلاح السياسي.

أما الجلسة السادسة والأخيرة بعد الظهر فقد خُصصتلــ "مائدة مستديرة حول مستقبل الإصلاح السياسي في الأردن.. نظرة شبابية"، وشارك فيها نخبة من الشباب متنوع الخلفيات والاهتمامات السياسية والوظيفية. وبحث هذه الجلسة التي أدارها السيد عريب الرنتاوي في تقييم السياسات الحكومية الخاصة بالشباب، آفاق الإصلاح السياسي في الأردن خلال السنوات الخمس القادمة، أولويات الإصلاح السياسي من وجهة نظر الشباب، والسبل الكفيلة بتمكين الشباب من احتلال مكانة فاعلة في صناعة القرار.