العلاقة مع سوريا والدور المُناط بنا

بلال العبويني

بالمطلق، لا أحد يقف في وجه المصالح الوطنية العليا للدولة الأردنية في علاقاتها مع الدول الأخرى، غير أن العلاقة المنشودة مع سوريا ما زالت تحبو إن لم نقل أنها تتراجع بالمقارنة مع ما كان متوقعا عند افتتاح معبر جابر نصيب.

مما لا شك فيه أن للأردن مصلحة كبرى في تقدم العلاقات مع سوريا على كافة الصعد، وكذا الحال بالنسبة لسوريا، غير أن قائمة السلع الممنوع استيرادها من سوريا بدت أمرا لافتا وضع العديد من علامات الاستفهام، تحديدا أن مبرر حماية الصناعة بدا غير مقنع لدى القطاعات الاقتصادية الأخرى.

موقف لافت، أبداه رئيس غرفة تجارة عمان خليل الحاج توفيق، عندما أشار في إدراج على فيسبوك، أن الأمر لم يتم بالتشاور مع التجار، متسائلا في ذات الوقت، كيف لمنتجات دولة رزحت تحت الحرب أكثر من سبع سنوات أن تغرق سوقا مثل السوق الأردني.

المنطق يقول إن النظرة إلى الجانب الاقتصادي لا يجب أن تكون بعين واحدة، ذلك أن القطاع التجاري لا يقل أهمية عن الصناعي رغم علمنا الأكيد لقيمة الصناعة الواجب دعمها باعتبارها من أهم القطاعات التي ترتكز عليها اقتصاديات الدول لزيادة النمو بما تخلقه من فرص عمل وغير ذلك.

إن كان ثمة معوقات تضعها سوريا أمام البضائع الأردنية، كما جاء في البيان الرسمي، سببا لإصدار مثل تلك القائمة، فإن الواجب هنا يقع على عاتق الحكومة الأردنية بفتح قنوات اتصال عميقة مع السوريين للوصول إلى اتفاقيات مرضية تحفظ حق الطرفين على مبدأ "رابح رابح"، ذلك أننا أحوج ما نكون فيه للدخول إلى السوق السورية وأن نضع خلف ظهورنا تسع سنوات عجاف عانينا فيها من حصار خانق نتيجة أوضاع الإقليم الملتهبة.

سوريا، دولة خارجة من حرب طاحنة، وربما تكون مشغولة بقضايا أكثر إلحاحا بالنسبة إليها، وربما تكون تلك القضايا أمنية أكثر منها اقتصادية، وربما تكون اقتصادية لكنها ليست بالطريقة التي نريدها نحن أو بالسرعة التي نبغيها.

لذلك، من هنا تكمن الحاجة إلى مبادرة أردنية لفتح قنوات تعظم ما تم الاتفاق عليه وتوسيعه وتذليل ما قد يعترضها من عقبات، لأن المصلحة بالنسبة لنا كبيرة ومن شأنها أن تنعكس على اقتصادنا بشكل مباشر إذا ما أضيف إليها ضرورة العمل على تقدم العلاقات الاقتصادية أكثر مع العراقيين.

اليوم، جميع الدول تتجه أنظارها نحو سوريا، حتى أشد الخصوم أو الأعداء، وذلك لعلمهم الأكيد مدى الاستفادة التي ستتحقق لهم بالتقارب مع سوريا سياسيا واقتصاديا، ومنهم قطر على سبيل المثال التي اتفقت على مرور طيرانها بالأجواء السورية، وقبلها الإمارات التي افتتحت سفارتها في دمشق.

لذلك، يجب أن تكون القناعة لدينا أنه ليس مسموحا بعد اليوم أن يتدخل أحد في علاقاتنا مع الدول الأخرى، كما أشيع إلى أن ثمة تحذيرات من دبلوماسي أمريكي لتجار أردنيين بالتعامل مع السوريين، فمصلحتنا دائما وأبدا يجب أن تظل خارج دائرة التأثير.

لذا، مرة أخرى من الواجب على الحكومة أن تبادر إلى تذليل العقبات إن وجدت مع سوريا لزيادة التبادل التجاري قبل أن تلجأ إلى إصدار قائمة ممنوعات كالتي طالعناها خلال اليومين الماضيين والتي إن كان لها قيمة فهي لصالح الصناعيين وعلى حساب التجار، وهو ما يعني أن حالة التوازن غير موجودة ما يعني بالنتيجة النهائية أن الفائدة غير متحققة.//