خبراء: الأردن في عين العاصفة والضخ المعلوماتي يحصن المجتمع ضد الشائعات

يبدو أن اتساع مساحات تبادل المعلومات وتعدد وسائلها، أصبح يعطي حتى للجماد صوتا، من خلال اتباع وسائل غاية في السلبية في اختلاق المعلومات وبثّ الاشاعات، سعيا لرفع مستويات المتابعة لأي وسيلة من هذه الوسائل، بمنهجية الكذب والتلفيق والمبالغة، فباتت الصورة بمجملها مقلقة ان لم تكن خطيرة!!!!

مدارس متعددة باتت تظهر وتفرض نفسها على المشهد لتبادل المعلومات، وجميعها تتجه لجهة السلبية وصناعة الخبر لا تغطيته، دون أي اتباع لأدنى أسس المهنية، وأخلاقيات تبادل المعلومات، لدرجة وصلت لبثّ اشاعات تخدم أجندات تضر بالوطن وبالمصلحة الوطنية، مهيئة بذلك فرصة للمتربصين بالوطن النيل منه من خلال وسائل تبادل المعلومات ببث سمومهم على شكل أخبار ومعلومات لا تمت للحقيقة بشيء.
نقطة مهمة بات لزاما وضرورة وضعها في سياقها الصحيح، وعدم صمّ الأذن عن خطورتها، وعدم ترك هذا الفضاء واسعا دون ضوابط حازمة، فترك الباب «مواربا» لن يمنع هذه التجاوزات ولن يجتثّها من أصولها، ففي مثل هذه القضايا لا يمكن أن تكون ردة الفعل «بالطبطبة» انما يجب أن تكون حازمة وحاسمة، تجعل من المعلومة جوهرة ثمينة لا يتم تبادلها الاّ من خلال قنواتها المهنية الصحيحة ممثلة بوسائل الاعلام من صحافة ومرئي ومسموع فقط!!!
ما حدث مؤخرا من حجم تبادل الاشاعات، في أمور وقضايا دقيقة، يبثّها مشبوهون بأجنداتهم وانتماءاتهم، بتأويل معلومات لم يستطيعوا صبرا على معرفة حقائقها وتفاصيلها من مصدرها الرئيسي، والذي يفترض أن تعرف منه هذه المعلومات، ففتح بذلك الباب على مصراعيه لكل من يتربّص للوطن ببث الاشاعات السلبية، التي طالت من المصلحة الوطنية بشكل كبير، وأثارت الشارع لجهة قضايا هي من الأساس ليست شعبية ولا علاقة له بها!!!!
«الدستور» وفي قراءة لتفاصيل مشهد تبادل المعلومات وما حدث مؤخرا من حالات ارباك نتيجة للتخبّط المعلوماتي، الذي أدخل الوطن برمته بجدليات مبنية على اشاعات، فبدا واضحا أن من يتبادل مثل هذه المعلومات لا يدرك أن المعلومة والأخبار باتت احدى أهم أدوات الحرب التي يعيشها العالم والمنطقة من حولنا، ولا يدرك أن من يقدم على بث مثل هذه الأفكار عمليا يوجه أسهما سلبية لوطنه، فلا بد من وجود وعي وثقافة متطورة للتعامل مع المعلومات وعدم استقائها من مصادرها الرسمية.
ووفق آراء تحدثت لـ»الدستور» رسمية وخبراء ووزراء سابقون، فان ترك الاشاعات تبث دون محاسبة، ورميها بالأرض، ستترك الكرة تكبر بشكل خطير، سيما وأن المنطقة تعيش في مرحلة رديئة سياسيا ليصعب بعد ذلك السيطرة عليها، معتبرين أن هناك ضرورة لأن يتبنه المواطنون لمثل هذه السلبيات، للابتعاد عن أي شكل من أشكال ايذاء الوطن والمس بمبادئه وثوابته الوطنية التي باتت تحارب من الكثيرين.
متحدثو «الدستور» كشفوا أن بحوثا عديدة أظهرت أن (60%) من الرسائل والمعلومات، التي تبث اليوم هي معلومات مغلوطة وانصاف حقائق أو شائعات، ذلك أن متبادلي هذه المعلومات هم أشخاص عاديون يجهلون سبل التعامل مع المعلومات، وباتت هذه الظاهرة تنتشر بشكل واسع، ورغم وجود هذه المشكلة منذ سنوات لكنها اليوم ونظرا لتزايد وسائل تبادل المعلومات باتت أكثر تعقيدا، وأوسع انتشارا، فأصبحت المعلومة تبث بشكل مشوه حسب مستوى التعليم والعلم بمهنية تبادل المعلومة، الذي يكاد يكون معدوما عند هذه الفئة، فضلا عن أن هذه المعلومات تبث في مجتمعات ما تزال غير قادرة على التفكير النقدي لتكون قادرة على التحقق من المعلومات التي تردها، والأخبار الزائفة.
وطالب متحدثو «الدستور» بضرورة الاعتماد على وسائل الاعلام المحترفة في تبادل المعلومات والأخبار من صحافة يومية ووسائل الاعلام المرئي والمسموع، كونها اكثر دقة ومهنية في نقل المعلومات والأخبار وتبادلها بمهنية ومصداقية، مؤكدين أن دون ذلك لا يوجد وسائل اعلام وتبادل معلومات بالمطلق، كما طالبوا بضرورة الوضوح بالمعلومة، فكلما ازددنا وضوحا ووفرنا المعلومات كلما ضيقنا المساحة على الشائعات والأخبار الزائفة وكلما وفرنا المعلومات لوسائل الاعلام المحترفة اليومية ضيقنا على أي وسلة أخرى مساحات التأويل وتزييف الحقائق.
ونبهت ذات الآراء الى ضعف الخبر النافي مهنيا وصحفيا، بالتالي يجب اختصار الوقت بين نشر الاشاعة وبث الحقيقة، لا أن تترك لثقافة الناس فالتمهل له ابعاد سلبية يخدم السلبين أكثر من الايجابية والحقيقة، فلا بد من وضع منهجية للتعامل مع القضايا الكبرى تتمتع بسرعة البديهة والمهنية، لأن ترك الأمور على حالها حتما الزمن يخدم العامل السلبي.
وحذّر متحدثونا أن الأردن أخيرًا ونتيجة لمواقفه الوطنية بات في عين العاصفة، ليس فقط سياسيا انما أيضا اعلاميا، ذلك أن الاعلام يعدّ اليوم عتادا لحرب تقف خلفها محاور سياسية منقسمة تدار بينها حرب باردة من خلال وسائل الاعلام، ورغم محاولاته أن ينأى بنفسه قليلا عن هذه الصراعات، لكن اصراره على ثوابته الوطنية أصبح يناله بعض الرذاذ، وظهر ذلك خلال الأسابيع الماضية حيث كان الأردن في عين العاصفة.
سميح المعايطة
وزير الاعلام الأسبق سميح المعايطة أكد من جانبه أن الاشاعات باتت تنتشر بشكل كبير نتيجة لاتساع مساحات وسائل الاتصال، ولكن ما يجب النظر له بأهمية انتشار نوع من الاشاعات له طابع سياسي يتم رميه بالأرض وتترك الكرة لتكبر، وتتدحرج بين الناس وتكبر وتخلق حالة من الارباك السيئة، وكون المنطقة سياسيا تمر بمرحلة رديئة بالتالي أصبح استخدام الاعلام والمعلومات كواحدة من أدوات هذه الاضطرابات، وبطبيعة الحال هذا الأمر يخصنا كما يخص غيرنا ويجب التنبه له وعدم التعامل معه ببساطة ردات الفعل!!! 
وقال المعايطة يجب وضع مواقف الأردن الوطنية تحت مجهر الاهتمام بالتعامل مع هذه الأمور، فنحن ندفع ثمنها، بالتالي لم يعد الأمر يمكن التعامل معه بشكل طبيعي، اضافة لكون وجود سائل تبادل معلومات ومنصات مختلفة فتح المجال لأشخاص يعبروا عن آرائهم بفضاء واسع في حين أنهم ليسوا وسائل اعلام مهنية تخضع لمعايير الاعلام، بالتالي يجب التعامل معها بوسائل أكثر شدة وبطريقة مختلفة يضبطها ويوقف عشوائيتها وخطرها.
ونبه المعايطة أن مثل هذه التجاوزات اذا تركت للزمن دون علاج، سندفع الثمن باهظا، وقد مررنا بمثل هذه الحالة مع بدء انتشار المواقع الالكترونية وما عانى منه المجتمع منها في بداياتها، كونها لم تكن منظمة، اذ كانت فضاء واسعا تطلب تنظيما وترتيبا، فكانت النتيجة ايجابية وضبطت هذه المهنة بشكل كامل.
ورأى المعايطة أن هناك حاجة لوقفة جادة لتنظيم واقع حال تبادل المعلومات من خلال وسائل الاعلام المحترفة والمهنية، ووضع منهجية للتعامل مع القضايا الكبرى تتمتع بسرعة البديهة والمهنية في التعامل مع الاشاعات، لأن ترك الأمور على حالها حتما الزمن يخدم العامل السلبي، فلا بد على الجهات المعنية والاعلام أن يختزل الزمن بين اطلاق الاشاعة والتعامل معها مهنيا، ترتكز على تقصير الوقت.
كما نبه المعايطة الى أن الخبر النافي أضعف مهنيا وصحفيا، بالتالي يجب اختصار الوقت بين نشر الاشاعة وبث الحقيقة، لا أن تترك لثقافة الناس فالتمهل له ابعاد سلبية يخدم السلبين أكثر من الايجابية والحقيقة!!!!
محمد قطيشات
وعلى الصعيد الرسمي، أكد مدير عام هيئة الاعلام محمد قطيشات أن الاعلام مرآة الأمة يدافع عن قضاياها ويسعى الى تمتين أواصرها، هذا الاعلام هو الاعلام المهني الذي يوصف بأنه اعلام وطن.
وأشار قطيشات الى أن همّ الأمة من المفروض أن يكون همّ الاعلام، وليس من المعقول أن يكون الاعلام ضدة أمته.
نتيجة لذلك، قال قطيشات يجب أن يسعى الاعلام لمحاربة الفساد ولتحقيق عناصر المصلحة الوطنية العامة، وينشر الوعي والثقافة بكل مهنية من خلال تحري الحقيقة والموضوعية والتوازن في عرض المادة الاعلامية. 
ومن ضمن رسالة الاعلام المهنية بين قطيشات عدم بث ونشر الاشاعات واعادة نشرها أو عدم الرد على هذه الاشاعات، وهذا الاعلام الذي يريده كل مواطن ويريده الوطن في كل الأوقات.
د. باسم الطويسي
من جانبه، أكد عميد معهد الاعلام الأردني الدكتور باسم الطويسي حتى نتغلب على الاشاعات يجب أن توكل موضوع تبادل الأخبار للاعلام المحترف لوسائل الاعلام اليومية المرئي والمسموع والصحافة اليومية، وتوفير المعلومة لها بالسرعة الممكنة، فبسرعة الاستجابة لأي حدث نملأ الفراغ بالمهنية والدقة ونغلق الباب أمام الآخرين بملئه بأي أخبار زائفة.
وكشف د.الطويسي أن البحوث اليوم تؤكد أن نحو (60%) من الرسائل التي تبث عبارة عن معلومات مغلوطة وأنصاف حقائق أو شائعات، والمشكلة الأكبر هنا عندما يتحول الأشخاص العاديون لمنصات اعلامية، هنا حتما نحن نقع في تخبّط بنشر المعلومة وتبادل الشائعات!!!
ولفت الى أن هذه المشكلة كانت موجودة في السابق، لكنها اليوم تنتشر بشكل واسع، وبشكل أكثر تعقيدا، ويختلف مستواها حسب مستوى التعليم لمطلقيها، وبالمقابل قدرة الأفراد على التفكير النقدي للتحقق من المعلومات التي ترد لهم، وتمييز الأخبار الصحيحة من غير الصحيحة.
وأشار الطويسي الى أن الأخبار الزائفة تعتبر ظاهرة عالمية، وللأسف تزداد خطورتها مع تبني بعض السياسين لهذه الأخبار ومحاولات الاستناد اليها!!!
محليا وفق الطويسي ازداد في الفترة الأخيرة انتشار الاشاعات نتيجة الصراع الاعلامي الذي تقف خلفه محاور سياسية منقسمة تدور بينها حرب باردة تديرها وسائل الاعلام، اضافة الى كل من يحاول الاستثمار بالتكنولوجيا والانترنت والاعلام الاجتماعي بأقصى طاقاته، فبتنا نلاحظ أن الاشاعات هي جزء من عتاد هذه الحرب!!!!
وقد استطاع الأردن – ما يزال الحديث للطويسي- أن ينأى بنفسه قليلا عن هذه الصراعات لكن مع ازدياد الاضطرابات، واصراره على أن يأخذ مواقف ثابتة تنسجم مع مبادئه الوطنية أصبح يناله بعض الرذاذ، وخلال الأسابيع الماضية كان الأردن في عين العاصفة ليس فقط السياسية بل العاصفة الاعلامية أيضا.
ورأى الطويسي أننا يجب أن نواجه الأمر بالتوضح السياسي وكلما ازددنا وضوحا ووفرنا المعلومات كلما ضيقنا المساحة على الشائعات والأخبار الزائفة، وكلما وفرنا المعلومات لوسائل الاعلام المحترفة اليومية ضيقنا على الاعلام البديل سرعة الاستجابة للشائعات ونشرها، وكلما وجدت المعلومة ملأنا الفراغ وحلنا دون أن يملأه الآخرون بأي سلبيات وأخبار زائفة وإشاعات!!!!

الدستور