العقلية الكلاسيكية في ضوء المتغيرات !!!
المهندس هاشم نايل المجالي
لقد اقتضت الحداثة السياسية ايجاد حكومات ذات سلطة تنفيذية ومجالس برلمانية وطنية نخبوية ديمقراطية بمعنى انسجاماً وطنياً بين كافة القوى السياسية حزبية ونقابية ومجتمعية ، مع تمايز سياسي في الوظائف المبنية على الكفاءات بانواعها والمؤهلة ، وليس التعيينات على مبدأ المحسوبيات كما شاهدنا في العديد من الحكومات السابقة .
وهذا انفتاح للفكر السياسي اتجاه كافة المشكلات والازمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية من اجل الوجود ، وهذا وعي سياسي في دولة القانون ومفهوم الديمقراطية وحقوق الانسان والمواطنة والمجتمع المدني ، بعيداً عن صراع المصالح والمنافع .
فهناك العديد من الاسباب منعت هذا التطوير السياسي والذي ادى الى وصول البلاد الى مستويات تعاني من الازمات والصدمات ، مما جعلنا نحتاج الى جهد كبير لاعادتها الى مسارها الطبيعي بعد ان اخفقت العديد من المشاريع المتعلقة بنفس الموضوع .
وبسبب هيمنة بعض القوى السياسية والتي تأثرت بقوى ذات مصالح مالية ومنافع مادية ادت الى اخفاقات وقضايا فساد اضرت بالوطن والمواطن ، أي أنهم أداروا الادارة السياسية بطريقة غير عقلانية ومسدودة الافاق خلقت احتجاجات مر بها المجتمع ، لا يمكن ان تعزا الى عامل وحيد ولكنها تعود ايضاً الى العديد من التناقضات التي ادت الى توترات اجتماعية تنمو وتنشأ في اجواء الازمات التي تفتك بالمواطن والمجتمع والاقتصاد نتيجة هذه السياسات الفاشلة ، وتعامل العديد من القوى السياسية مع الاستثمارات الخارجية بطريقة سطحية وهشة ، وليس عن خيارات فعلية تفتح آفاق النهضة والتطور .
ولم تعرف هذه القوى السياسية المنفعية طرق تلقيها للاستثمارات ولا كيفية الاستفادة منها ومن منجزاتها ، في ظل غياب العقول النيرة التي تخاف على مصلحة الوطن والمواطن ، وفي ظل غياب العقل الموضوعي والعقلاني ، لتصبح الحكومات في ساحة الفئات المتناحرة ، وهناك حكومات اسقطت بسبب الاحتجاجات الشعبية ، وهناك من الشخصيات السياسية من انغمس مع اصحاب المصالح ليحقق المنافع الذاتية على حساب المصلحة الوطنية ، فيدمر نفسه بدون وعي منه حيث ان اساليب التفكير النفعي تقود الشخص الى النعيم أو الجحيم وتدمير الذات .
وكل شخصية عملية تتعرض الى ضغوطات عملية فوقية مختلفة في العمل لتحقيق مصالح اصحاب النفوذ تضعه في حالة قلق وتوتر واختناق ، يعجز حينها عن مقاومة تلك الاوامر فيفقد السيطرة ويصبح خاضعاً للقلق العصبي حيث الانفعالات الشديدة بالتعامل والمواقف عندما يجد نفسه عاجزاً عن العمل والحركة الايجابية ، فيصبح في خوف من ان يفقد منصبه اذا لم يوافق على ما يؤمر به من تعليمات ، وفي الحديث ( لا يزال الشيطان ذاعرا من المؤمن ) اي الشيطان فاعل وهذا اختلال بالمشاعر الشخصية عندما لا يجد قوى سياسية وطنية تدافع عنه او تحميه او تسانده .
اذن هي عملية مترابطة وتكاملية للتصحيح السياسي والتكاتف الوطني والحماية العملية واختيار الكفاءات ، لذلك فان اعتماد العقلانية الكلاسيكية والتي تعني فهم الافكار خارج نطاق نظامها حيث حينها لا تكتسب صفة المعقولية فهو يعتمد المفهوم الثابت والمتكرر والشكلي ، وليس وليد العقل المتطور المستقل المتنامي فهو نظام فكري يتجدد ومتطور ومتحول ويتكيف مع المتغيرات .
فالمرحلة القادمة تحتم علينا اجراء التغيرات والاصلاحات السياسية وفق المعايير الحديثة والاصلاحات الاجتماعية ، لبناء قدرات مجتمعية تتمتع بالضابطية القيمية والاخلاقية لتحقيق التنمية المجتمعية ومحاربة الآفات المجتمعية ، وهذا هو طريق الاصلاح وطريق النهضة الحقيقية .
حمى الله هذا الوطن في ظل قيادته الهاشمية الحكيمة .//
hashemmajali_56@yahoo.com