المجتمعات بين الانضباط والتوحش !!!
المهندس هاشم نايل المجالي
كلنا يعلم ان هناك نماذج متعددة ومتنوعة من التنمية والنهضة وتصورات العلاقة بين الدولة والمجتمع ، حيث يكون البدء لأي دولة تسعى لان تكون سباقة بالنجاح في البناء الفكري الذي يكون نقطة البداية حيث تكون الرؤية واضحة المعالم للهدف والغاية ، بعد ذلك يأتي الدور الفاعل للحكومة بقياداتها الفردية والجماعية والشعبية المجتمعية وبناء الشراكات ما بين القطاع الحكومي والخاص والقطاع الاهلي ، يضاف الى تلك الموسوعة البنية العلمية للابداع والابتكار ، ليصبح لدينا رؤية متكاملة للنهضة بمساراتها ومستوياتها ، حتى لا تختل الاولويات بعيداً عن الاجتهادات النظرية الغير مقرونة بالواقع العملي الحقيقي ، فمن لوازم الوعي والادراك هوالطرح النظري المقرون بالسير العملي حتى يكون لدينا ذات فاعلة محركة لكافة القيادات المسؤولة .
ان كافة التحولات والمتغيرات والازمات وعدم الاستعداد لها تؤثر بشكل او باخر على مسارات السلوك الانساني والاجتماعي والوعي بالحقيقة والحقوق وشبكات الترابط بين كافة الاطراف والجهات المعنية .
فهو نسيج تضامن وطني ومجتمعي وترابط بالمصالح المشتركة لمواجهة منظومة المتغيرات والتباين بين الطبقات ، والمحافظة على مسافات موزونة حتى يبقى التراوح بينها محافظ على الانسانية بعيداً عن التوحش بسبب الاهمال ، فهناك من هو منغمس في الترف واللهو موكلين امورهم لمن يدافع عن اموالهم وانفسهم ، وهناك طبقة مسحوقة اقرب الى الشجاعة في البحث عن لقمة العيش تغامر دون اية ضوابط .
فهناك تحديات اصبحت تواجه الانسان اصبحت تنزع من الانسان خصالا كثيرة ايجابية وتحولها الى خصال سلبية ذات سلوك انفعالية عدوانية وتغير في طباعه ، فلقد كان هناك دوافع تحمي الانسان من الوقوع في الزلل ، لكن انتشار الفساد بانواعها وانعكاساته على الاقتصاد والحياة المعيشية ادى الى كثير من التغيرات الفكرية في التعامل مع الواقع ، واصبحنا في جدلية اعلامية وثقافية وغيرها تعمل على السقوط بالحكومات نتيجة الحراكات والاعتراضات والاحتجاجات .
ان العدل ليس حكم القوى المتنفذة بل هو دور من يحكم في رعاية مصالح الشعب ، فهناك واقع نفسي واجتماعي ومعيشي ينعكس على كافة افراد الشعب بكامل مكوناته الاجتماعية .
والقوة وحدها لا تصلح في فرض الامر الواقع ، فالاصلاح يجب ان يكون من الاولويات لمشروع النهضة نحو التجديد ، والتاريخ في ذاته دعاء احتوى تجارب كثيرة وتفسيرات عن الشعوب عبر الازمنة والامكنة المختلفة ومن هنا تتجلى قيمة الاستفادة ودرجة الوعي والاحاطة بكافة الامور والمسك بزمامها ، حيث ان هناك دوران المجتمعات بين الانضباط والتوحش والتأنس وهو ما ذكره القرآن من تغير الانفس عند اتباع الهوى الذي يورث سلب النعمة او رفع البلاء بتغير الانفس واصلاح القلوب ، فهناك مفاتيح للتغير مناطة في هذه التحولات لدى المسؤولين والتمسك بالمعايير الاخلاقية وحفظها من الهبوط ، فليست كل الاوقات خصبة بل ان هناك اوقات يصيبها الجوع نتيجة الفقر الاقتصادي وهذا يؤثر على سلوكيات الخَلق واخلاقهم .
فالظروف المحيطة بالانسان تؤثر على رؤيته للرجل الفاضل وللرجل القبيح الفاسد ودرجة تعامل الانسان مع الواقع ، ومنهج التفكير والتعامل معه ودرجة الانقياد خلفه ، فلقد اصبح هناك نضج اجتماعي بسبب وسائل الاعلام المفتوحة على العالم والمؤثرة عليه ، بعيداً عن النظام التقليدي الذي كان يسود سابقاً .
ولم يعد للحكومة المركزية مكانة في منظومة الدولة الحديثة حيث ان الحكومة المركزية تحتكر كل شيء وهي صاحبة الدور الاول والاخير في القرارات ، وهذا منعطف هام في التغيرات لتلبية احتياجات التنمية والاحتياجات الضرورية ولمواجهة التحديات في ظل وجود اللامركزية في المحافظات .//
hashemmajali_56@yahoo.com