ما الذي ينتظره الرئيس عباس؟
ما الذي ينتظره الرئيس عباس؟
بلال العبويني
يبدو أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس يقترب من سيناريو تغييبه عن المشهد السياسي بعد ردة الفعل التي أبداها تجاه قرار ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وبعد عدم استماعه للنصائح الأمريكية بعدم استهداف ترامب.
هذا السيناريو يتوقعه الكثير من المراقبين الفلسطينيين الذين قالوا إن ورقة محمود عباس السياسية قد احترقت لدى الإدارة الأمريكية وإسرائيل، وإن على طاولة البحث لديهما قائمة أسماء بديلة عنه.
سعي الولايات المتحدة وإسرائيل إلى إخراج عباس من المشهد يستهدف أيضا تمرير ما يُقال عن صفقة "تسوية" للقضية الفلسطينية، وهي الصفقة التي يُقال إن عباس يقف عقبة في طريق تنفيذها.
يأتي ذلك في وقت قال فيه موقع "ديبكا" المقرب من مصادر استخبارية إسرائيلية إن إدارة ترامب قررت، دون إعلان مباشر، قطع جميع العلاقات مع السلطة الفلسطينية ووقف المساعدات المالية، و"حجب مساهمتها المالية في وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين، الأنروا، وطلبها من دول خليجية وقف معوناتها المالية للسلطة الفلسطينية."
"ديبكا" قال أيضا، إن ثمة عقوبات أمريكية على السلطة الفلسطينية من 8 نقاط تشمل عدم تقديم خطة السلام المقترحة إلى السلطة وإرسالها فقط لإسرائيل وبعض الدول العربية المعنية، ووقف دعوة أي مسؤول فلسطيني لزيارة واشنطن وإعلان جميع المسؤولين الفلسطينيين بأنهم غير مرحب بهم في البيت الأبيض ومجلس الأمن القومي والدوائر الرسمية الأخرى.
في الواقع، إن التوجه نحو مزيد من الضغط على السلطة الفلسطينية بدا واضحا من تهديد إدارة ترامب بقطع المساعدات عن الدول التي تعارض قرار ترامب، بل وبدا واضحا من الأنباء التي تحدثت عن "صفقة القرن" التي تعمل عليها الولايات المتحدة كمشروع جديد للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين والذي لا يمكن إلا أن تكون منحازة فيه بالمطلق لصالح إسرائيل، وهو ما يصعب أن يمرره الرئيس عباس الذي زاد عمره على الثمانين عاما، وتحديدا ما تعلق منه بالقدس.
لذلك، التوجه بدا واضحا حيال الرئيس عباس، وهو الذي ليس بيديه شيء ليفعله ضمن الأدوات القديمة التي اتبعها طوال 13 عاما من توليه رئاسة السلطة، رغم ما يقوله مراقبون فلسطينيون إنه "يناور حاليا بعدد من الأوراق لضمان بقائه في السلطة".
الموجة أعلى منه بكل المقاييس، وليس له إلا اللجوء إلى خيار الشعب الفلسطيني وإعلان عبثية المفاوضات مع الاحتلال الإسرائيلي ليقلب الطاولة على ما يُحاك ضد القضية الفلسطينية.
ومن ثم لا مناص بعد ذلك من انجاز المصالحة الوطنية الفلسطينية على أرضية الوحدة في الدفاع عن الحق الفلسطيني وفي مواجهة أية صفقات تسووية.
اليوم، لم يعد هناك، العرب على وجه التحديد، من يعتبر القضية الفلسطينية والقدس أولوية بالنسبة إليه إلا الأردن، والأردن أيضا يواجه التهديدات الأمريكية بقطع المساعدات، ويواجه الاستهداف من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل والذي بدأ بتحريك ملف زيارة الرئيس السوداني لعمان مطلع العام.
بالتالي، ما الذي ينتظره عباس ليقول كلمة من الممكن أن تسجلها له الأجيال المقبلة، بالإعلان عن موت مسار المفاوضات، واللجوء إلى خيار الشعب الفلسطيني بالمقاومة بكافة أشكالها، لأن ذلك بات الضامن الوحيد لعدم تمرير أي تسوية تقضم ما تبقى من الحق الفلسطيني.//