حكومة تحت القصف

 

خالد فخيدة

ازدحمت صفحات على الفيس بوك بفيديوهات ومقالات تشتم الحكومة.

وواضح أن هذه الفيديوهات تعمل بعض الجهات على ترويجها على أكبر عدد ممكن من المشتركين في مواقع التواصل الاجتماعي بهدف اعطاء صورة عامة بأن الحكومة انتهت شعبياً وأنه آن أوان رحيلها.

وما يثير الاستغراب في هذه الفيديوهات تحديداً أنها لا توجه انتقادات لسياسة الحكومة أو قراراتها بقدر ما يوجه فيها شتائم سوقية لرئيسها وللاسف الدولة.

والغريب أن هذه الفيديوهات وبعض الآراء تحمل الحكومة الحالية مسؤولية غلاء الأسعار أو الضيق الاقتصادي الذي يعيشه المواطن. والصحيح أن الواقع الحالي للبلاد هو نتاج تراكم سياسات وقرارات لحكومات سابقة وأزمات و تحديات اقتصادية مثل انقطاع الغاز عن الأردن بعد أحداث الربيع العربي في مصر وسياسياً الأوضاع التي تعيشها سوريا وعاشتها العراق وأدت الى اغلاق حدودهما مع الأردن.

ولو أمعنا النظر فالاردن عمليا محاصر بسبب العنف الملتهب في دول الجوار وهذا كان له أثره البالغ على الاقتصاد الوطني ورئيس الحكومة الحالي هو من نفذ توجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني بتفعيل معبر الأردن المائي في العقبة حينما كان رئيسا للسلطة بإنشاء منظومة موانئ أصبحت حاليا شبه جاهزة ويجري تسويقها في العالم من خلال مفوضية العقبة لتكون بوابة العالم الى الشرق وشمال افريقيا.

ولما أُغلقت الحدود لم يكن هاني الملقي رئيساً للحكومة وإغلاقها كان عراقياً بالنسبة للحدود الشرقية وأمنياً لمنع تسرب الارهاب الى الاردن على الحدود الشمالية أما النقل البري الأردني فالجميع يعلم مدى المعاناة التي يواجهها للعبور بالصادرات الاردنية من حدوده الجنوبية الى عدد من الدول الشقيقة .

فعملياً لا يوجد الا خطنا البحري والجوي للتواصل التجاري مع دول العالم.  ومن هذا الباب ينبع حجم الاهتمام والرعاية الشديدين لإنجاز منظومة الموانئ خلال العام المقبل بدلاً من عام 2030 .

والقصد هنا ليس الدفاع عن الحكومة ورئيسها بقدر انتقاد الشتم الذي وصل من البعض حد المساس بالدولة وحرمات الأشخاص. وما يلفت الانتباه أن من أصحاب هذه الفيديوهات ثبت من هو أصحاب سوابق لم يحترم القانون عندما انتهك أمن واستقرار الوطن وأهله.

ومنهم من لم يكن الوطن غالياً عنده يوم فقد وظيفته لخطورة ما ارتكبه ضد الوطن والمواطن.

أما المثير للاشمئزاز هؤلاء الذين يشتمون من باب أن ذلك يجعلهم من مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي بسبب مئات الأعجابات وعشرات التعليقات من أشخاص لا يختلفون عنهم في طريقة التفكير والتعاطي مع مواجهة التحديات التي تعترض نماء وازدهار الدولة.

أما الحكومة فهي ليست معصومة عن الخطأ. ولكن الخطأ أن نعالج خطأها بخطأ أكبر. والقانون لا يمنع انتقاد الحكومة ورئيسها ما دام الهدف مصلحة الوطن، ومن يجلس في مطبخ القرار ليس كمن يتلقى القرارات الصادرة عنه فكل شخص ينظر الى القرار من زاوية مصالحه وتأثيره عليه أما صانعه فينظر الى الوطن وقطاعاته كافة عندما يتم اتخاذ القرار، ولهذا السبب غالباً ما تتشكل الفجوة بين الدوار الرابع وبين المواطن .

قبل سنوات كان لي صديق من أشرس المعارضين للحكومة ويوم دخل الحكومة وزيراُ طلب منه رئيسها في حينه أن يريه ( بتعه )، فما كان من هذا الوزير الا أن اعتذر بعد أشهر من حصوله على لقب معالي لاكتشافه ان تحديات الدولة أكبر بكثير مما كان يتوقعه.

 ولذلك قبل أن نوجه سهامنا الى أية حكومة علينا أن نسأل أنفسنا ما هو المنتج النيابي الذي قدمناه في صناديق الاقتراع ليكون صوتنا في مواجهة أي قرار فيه مسٌّ بالمصلحة العامة.

هناك فرق شاسع بين العلم والفهلوة، وللأسف أغلب ما نشاهده بين ظهرانينا هم من الصنف الثاني الذين لو كُلفوا بتشكيل الحكومات لتأخرنا كثيراً عما نحن فيه.

وفي حال  أردنا أن نحاسب أي حكومة علينا أن نكون قد أشغلنا كافة وظائف العمالة الوافدة التي يزيد عددها في بلدنا عن مليون شخص في الوقت الذي وصلت فيه نسبة البطالة نسبة تثير القلق.

وحتى يكون حسابنا عادلا علينا التغيير في الكثير من ثقافتنا الاقتصادية حتى يكون القطاع الخاص موئل العمالة الوطنية وليس القطاع الحكومي.//