موجة بحر؛ عجلون...وأشياء أخرى.
عامر الحباشنة
ما تشهده عجلون هذه الأيام لا يعدو عن كونه ظاهرة أمست وأصبحت جزءاً من حالة عامة تشهدها البلاد ، وظاهرة تطل برأسها كلما حدث حادث سواء كان أمنيا ، اجتماعيا ،سياسيا واقتصاديا، وهذه الظاهرة تجلت في الشوارع التي أغلقت والاحتجاجات المطلبية والمناطقية وغيرها وصولاً لبيانات التذمر والغضب بمستوياتها العائلية والعشائرية والمناطقية ، تلك الارهاصات او لنقل التعبيرات تقود للسؤال الأهم، لماذا الأن؟؟ ولماذا تستخدم الهويات الفرعية في مواجهة الهوية الأكبر ، وهذا التساؤل يثيره الكثيرون في ندوات ومنتديات ولقاءات وحتى في أحاديث المقاهي ، وفي كل مرة نبدع في التشخيص ونفشل او لنقل يتم إفشال العلاج ، فما يحدث منذ يومين في عجلون وحالة التجاوز على مؤسسات الدولة من أهلها وابنائها، يدل على أن الأمر لا يتعلق بالضرورة برفض تلك المؤسسات ولا اعتراضا على تقصيرها في الاداء المتعلق بالتنمية لافقر محافظة أردنية، ولو كان ذلك لاختلفت أساليب التعبير وأدواته ، الأمر هنا يتعلق بفقدان الثقة بمن يوجه تلك المؤسسات وليس بالمؤسسات ذاتها، وهذه الثقة المفقودة ناتجة عن شعور بانفصام اللغة والخطاب بين المؤسسات والمواطنين، وليس الأمر يتعلق بالأشخاص بذاتهم يقدر ما يتعلق بممارساتهم وطريقة اداراتهم للمشهد، فكيف يمكن فهم ما يجري بغير وضع الإصبع على الجرح، فحادث امني قد ينتج عن خطأ مواطن او رجل واجب أمني شرطي، لا يقود لهذه النتائج في الضروف الاعتيادية، فكلاهما أبناء بيئتهم، والحكم بينهما هو القانون لا غير، ولا ينتقص من هيبة الدولة ان يخطئ رجل أمن كما لا ينتقص من هيبة الدولة وأهل المنطقة ان يخطئ مواطن، وعدم الحساب المياشر لمن اخطىء هو ما يفتح الابواب لكل ذا هدف وغاية ليركب ويعتلي ويملأ الفراغ.
في الماضي كان مثل هذا الحدث وما هو اكبر يتم تطويقه سويعات من العقلاء والحكماء، فهل غاب هؤلاء ام تم تغيبهم، وهل تسيد المشهد من ليس يمون إلا بقدر ارتباطه بهذا المسؤول او ذاك، ومن يتحمل مسؤولية تغيب وغياب عقلاء البلد وهم الاغلبية ؟؟.
في الحاضر تتحدث الحكومات والمسؤولين عن القانون والمؤسسات وعلى الواقع يشهد المواطن ويلمس المزاجية والشخصنة والمحاباة وغياب القانون والمؤسسات ، يتحدثون عن الإصلاح وهم من يحتاج لإصلاح، فكيف المواطن يتلقي يوميا هذا الكم من التصريحات والاجواء المفتوحة وعوالم التواصل بغثها وسمينها، كيف له ان يميز ويصدق وهو يرى المسؤول يتحدث بلغتين، لغة الكاميرا والمايك ولغة الخواص وجلسات الموائد والجاهات، كيف له ان يميز وهو يرى من انيط بهم إدارة الدولة بكافة مستوياتهم، يراهم بعد الخروج من الوظيفة يتحدثون عن الوطن بلغة تعاكس وتخالف ما قالوه بالأمس القريب، كيف له ان يميز ويصدق وهو يرى ان الاستقواء على الدولة يقود للمناصب والامتيازات، كيف له ان يميز ويصدق وهو يرى ربائب الدولة يفتون في عضدها وكأنهم ليسوا من أوصلنا لما نحن فيه من خير وشر، من إنجاز وفشل، فلا تلوموا المواطن المتشغل بذاته للنجاة عندما تتقاذفه صبيان التسحيج حد المبالغة وطفولية المعارطة حد الانفصام، وبينهما ثلة الحكماء الذين صحوا من أثير فراش السلطة ومسارحها ليمارسوا علينا طقوس الحكمة باثر رجعي، ويريدون ان نتبعهم اخيارا في السلطة واخيارا في المعارضة.
في الختام، من لايؤمن بشيء لا يستطيع الدفاع عنه ومن لا يعرف الأرض لا يستطيع حرثها، فالمسؤول إما ان يكون مسؤولاً وعلى قدر المسؤولية أو فليعتزل، او يعزل، ففي عالم مفتوح متعارض ومتضاد ومتقاطع المصالح والأهواء لا مجال لترك التساؤلات دون إجابات، لأن الإجابات وان أخطأت أفضل من الفراغ الذي يملؤه الجميع بطرائقهم، وعلى الدولة وقف سياسة الغمغمة والمداره وتقديم الصغار ممن يجيدون هز الرؤوس ولا يقدرون ولا يقدرون ،وتأخير الكبار ممن يعرفون متى ومتى...فلنا وطن أصغر من أن نخطئ به. وسيبقى الرهان على الأخيار من أبناء الوطن عجلون وعجلون الوطن في تجاوز ما يحصل لنعطي درسا ونتعلم من قلعتها درسا جديداً. .
ولله الأمر من قبل ومن بعد.