اعتزل ما يؤذيك
ايناس ابو شهاب
ويحدث أن تجرفنا سيول أفكارنا وترسو بنا في بحرٍ عميق، يملؤه الغموض، و يسكنه السكون. يُحتّم علينا أن نعوم، ونحن نحاول أن نلتقط أنفاسنا الأخيرة، ونضع حداً لما نعانيه من حيرة. و يُجبرنا على أن نتجرد من لباس الماضي، و نقف عُراة التفكير أمام الآتي، لنحسم أفكارنا ونختار، قبل أن نصل إلى مرحلة الإنهيار.
ربما اعتدنا إدعاء القوة وإخفاء ضعفنا أمام الناس، لنحافظ على ما تبقى في داخلنا من احساس. أو ربما اعتدنا المبالغة في مجاملة من أمامنا، أو إعطاء الأولوية لأشخاص اقتحموا حياتنا. لكن تفكيرنا الدائم بغيرنا، و ايثارنا للآخرين على حساب أنفسنا، سيُفقدنا كياننا، ويجعلنا نتألم، لكننا حتماً سنتعلم.
سنتعلم أن نمنح أنفسنا الوقت الأكبر، وأن نحترم خصوصيتنا أكثر وأكثر، وأن نعتزل ما يؤذينا مهما كانت الظروف. وإن اتُهمنا بالغرور؛ فليكُن، فهي تُهمة لا عار فيها. ذلك أن القليل من الغرور مع جرعةٍ من الأنانية سيجعلاننا نعيش حياتنا بحُريّة.
فربما نحن بحاجة إلى دروس مُكثفة في كيفية احتراف التجاهل، لنحظى بعُزلة مؤقتة، لنستمع من خلالها إلى أصوات أرواحنا، ونستمتع بالإصغاء إلى همسات أنفاسنا، و نتمكن من مراجعة حساباتنا، أو إن صح التعبير لنجلد ذاتنا على ما أضعنا من حياتنا.
وسنُدرك مع الوقت أن القوة ليست مُكتسبة من شخص قريبٍ أو بعيد؛ فالقوة الحقيقيّة تُعانق أرواحنا، وتتربع في أعماق قلوبنا. و لن نلتفت بعد ذلك إلى صدى أصوات غيرنا التي لوّثت مسامعنا، وحجبت عنا تفكيرنا، بل وأتت على ثقتنا بأنفسنا.
قد يملك بعضنا حق الإختيار، وربما لا يملك البعض سوى خيَار، فمها كانت معطيات حياتنا كفانا استهتارا، فلابد أن نرتقي باختياراتنا لنكمل بذكاءٍ المشوار.//