كوابح التغيير والاصلاح ... !!!
م. هاشم نايل المجالي
ان تعاقب الحكومات ورؤساء الحكومات من شخصيات سياسية واقتصادية وغيرها لم تتمكن من حل المشاكل والازمات المالية ولا الاقتصادية ولا الاجتماعية ، ولم تحقق التكافل الاجتماعي ، ولم تعالج مشكلة الفقر والبطالة وغيرها من الازمات المتعددة والمتنوعة ، والبعض يفسر ذلك بعدم وجود ارادة فاعلة وسيطرة قوية لاتخاذ القرارات الحاسمة من قبل هذه الحكومات لتصوب الاوضاع وتعالج الخلل وتغلق جيوب الفساد وزعاماتها .
حيث يعتبر البعض ان رئيس الحكومة وطاقمة الوزاري ليس الا قوة من مجموعة قوى موجودة على الساحة مما يفرض عليه الرضوخ للعديد من القضايا وغلق ملفاتها لخلق توازنات لتحقيق مصالح مشتركة فيما بينهم فاتباع سياسة السلم من اجل البقاء افضل من سياسة المواجهة وعدم البقاء والدخول في صدامات لها اثارها وانعكاساتها السلبية .
فالقضية اصبحت ليس من يصل الى رئاسة الحكومة بل الاهم هو ما مدى قوة صلاحياته في تحقيق الرؤى التي تضمن التغيير والاصلاح الايجابي ومواجهة الفساد بكل قوة وحسم ، وتحقيق ما ورد في مضمون كتاب التكليف السامي ، وما مدى حجم التدخل المشرعن له من طرف القانون والدستور لأخذ الصلاحيات لتحقيق هذه الرؤى ومنع التدخلات من القوى المختلفة ، هذا اذا كنا نتحدث ان القانون فوق الجميع وان على الجميع ان ينصاع له والحرص على تطبيقاته ، كذلك هل لاجهزة الرقابة المسموح بها في مراقبة الاداء صلاحيات متابعة معالجة الخلل لا ان ينتهي مفعولها بكتابة تقاريرها واستلام الملفات ولماذا لا يعاد تدوير هذه التجاوزات للمتابعة وما تم انجازه منها حتى نكتشف فيما بعد مدى الدعم الكبير للتجاوزات وعدم المحاسبة او معالجة الخلل .
ونحن نعلم ان ديوان المحاسبة في الدول المتحضرة مثل بريطانيا هو من خارج جهاز الحكومة حتى يتمكن من اخذ صلاحياته في كتابة تقاريره دون ممارسة اية ضغوط عليه ، ومن مبدأ الشفافية والمصداقية لمتابعة ومراقبة سير الاجراءات في كافة الاجهزة الرسمية وهناك كثير من المسؤولين لا يعطونه اي اهتمام .
لكن نجد ان الخلل يأتي في كثير من الاحيان مما لا يتوقع منه الخلل من تجاوزات في الصرف المالي او التعيينات بعقود مع اجور ورواتب مبالغ فيها ، او تجاوزات في طرح العطاءات وكل ما يتعلق بها من تجاوزات اثناء سير العمل ، فكثير منها تكون الاوامر التغيرية بنسب مرتفعة كذلك هناك وزارات او مؤسسات تخضع لتدخلات النواب وفرض سيطرتهم عليها بحكم القوة والسيطرة على مبدأ التنفيعات لتتمكن الحكومة من تمرير قراراتها بكل يسر وسهولة ، حيث بدا ذلك واضحاً للجميع تتناقله وسائل الاعلام المختلفة .
فلقد اصبح النائب يمارس صلاحيات الوزير ويفرض ما يريد لتحقيق المصالح المشتركة نفعية وشخصية ، فتداخل محاور العمل من اجل الرضا المشترك وبعيداً عن المساءلة وليدوم الوفاق والاتفاق ، وبالتالي نفقد ايضاً نظام تكافؤ فرص التعيين والمنافسة الشريفة وعناصر الشفافية التي نتغنى بها ومباديء الديمقراطية وهذا بحد ذاته يخلق صراعا مجتمعيا وحراكا معاكسا .
ان تحقيق العدالة الاجتماعية والارتقاء السياسي والاجتماعي مقرون بسير جودة الوزارات والمؤسسات الحكومية لتحقيق الاستقرار وكبح جماح اي غضب اتجاه ذلك ، وتنفيس الاحتقان الاجتماعي الذي بدأ يتراكم بتراكم بؤر الفساد وتزايد التملص من المسؤولية والهروب من سطوة المحاسبة .
فالقانون يحمي المواطن ويحفظ له حقوقه ووجباته التي يجب ان يأخذ بها ، فهناك الحق في المساواة وعليه ان يشعر ان له الحق بذلك والا فانه سوف يتمرد على القوانين ليأخذ او يطالب بحقه .
فالمسؤولية يجب ان ترتبط بالمحاسبة لتدبير الشأن المحلي وفق اسس حكيمة متعارف عليها بالقانون وان اي خلل في ذلك سيفقد التوازن بجميع المنظومات الاقتصادية والاجتماعية ، فصلاحه بصلاحها وفساده بفسادها وكلما كان هناك تباطؤ وتهاون في العلاج كان المرض اسرع في الاستشراء واقوى في التعمق .
لذلك ليس من المنطق والمعقول ان يبقى هناك العديد من القوى المتنفذة لادارة السلطة التنفيذية او تعاكسها او تشاركها في صنع القرار الذي يتناسب مع مصالحها الشخصية او النفعية او الشللية او المحسوبية ، فلقد اصبح لكل متنفذ كوادره الخاصة في كل مكان تقدم له الخدمات التي يريدها .
فهي تسلب القوة من السلطة التنفيذية وتصبح الابواب مشرعة من كل مكان دون استئذان لذلك يجب ان يبدأ الاصلاح والتغيير بضبط السلوكيات ومنع التدخلات وفرض التعيينات والمحاباة .
وكأن صلاحيات الوطن اصبحت بأصابع معدودة ، وكلنا يعلم ان صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله ورعاه هو نقطة ارتكاز هذا الوطن وملجأ لكل مواطن صاحب حق او مظلوم وحافظ للتوازنات السياسية والاجتماعية حفظه الله ورعاه وسدد خطاه .//
hashemmajali_56@yahoo.com